د. مروان الزرعوني استشاري ورئيس قسم جراحة التجميل في مستشفى راشد:

70 ٪ من المراجعين لخفض الوزن وعلاج الترهلات

ت + ت - الحجم الطبيعي

حذر الدكتور مروان الزرعوني استشاري ورئيس قسم جراحة التجميل في مستشفى راشد التابع لهيئة الصحة بدبي، من المضاعفات السلبية لبعض عمليات التجميل والتي قد تؤدي إلى الإعاقة أو الوفيات في بعض الحالات التي يتم إجراؤها بطريقة لا تتناسب مع حالة المريض الصحية.

وتطرق الزرعوني إلى الكثير من خبايا عمليات التجميل وآثارها السلبية والإيجابية على المرضى وأسباب الاقبال الشديد على اجراء هذا النوع من العمليات والدور الرقابي الذي تقوم به هيئة الصحة بدبي على مراكز وعيادات التجميل، داعياً الجمهور إلى عدم الانجرار خلف الإغراءات التي تقدمها بعض مراكز التجميل والإعلانات التجارية والترويجية لإجراء أنواع معينة من جراحات التجميل التكميلية.

وكشف الزرعوني عن تدشين قسم إضافي لقسم جراحة التجميل في مستشفى راشد بعد أسبوعين، متوقعاً أن تنخفض معه فترة الانتظار إلى أسبوعين أو ثلاثة، مع العمل على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع من دون انقطاع.

وتحدث الزرعوني بصراحة شديدة وشفافية عن عمليات التجميل، موضحاً أن 70 في المئة من مراجعي قسم جراحة التجميل يرغبون في تخفيض وزنهم وعلاج الترهلات، متطرقاً إلى كثير من الأمور المهمة في هذا الحوار:

مواثيق المهنة

عمليات التجميل أصبحت لها سوقها الكبير، وهي تتسع يوماً بعد يوم، وبشكل مضطرد، فمتى ظهرت مثل هذه العمليات على وجه التحديد؟

هناك قصص كثيرة حول بداية ظهور عمليات التجميل، لكن الأصل هو أن مثل هذا النوع من العمليات ظهر وشاع منذ الحرب العالمية الثانية، وجاءت العمليات لعلاج وترميم أجسام ووجوه الجنود المصابين بالحروق، وبعد ذلك ومع تحسن حياة الناس ومعيشتهم ودخلهم المادي، ذهب البعض لتحسين المظهر الخارجي، ومكافحة أعراض ومظاهر الشيخوخة، إلى جانب عمليات التعديل والتحسين التي شملت الوجه والثدي وأماكن مختلفة من الجسم، وتطور الأمر مع انتشار وسائل الاتصال والتقنيات والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث تتغير الموضة وتتبدل، ومعها رغبات البعض في تغيير شكله وملامحه الأصلية.

هل معنى ذلك أن الراغبين في تعديل ملامحهم هم من الميسرين مادياً وفقط أو أنهم من المتأثرين بالموضة؟

هم بين هذا وذاك، لكن الأساس والدافع هو عدم ثقة البعض في نفسه وفي ملامحه التي خلقها الله تعالى بتناسق وتوازن، حيث يضطر إلى اللجوء لمثل هذه العمليات بحثاً عن شخصية أو شكل جديد يمنحه الثقة.

لكن هناك من هو مضطر لعمليات التجميل وخاصة من يتعرض لحوادث الحريق أو من تدفعه حالة مرضية معينة لإجراء مثل هذه العمليات..

نعم، وهذا ما ذكرته في البداية، حيث ارتبطت عمليات التجميل (الترميمية)، بالحروب وإصابات الجنود، وهي الآن تجرى للبعض بهذا الدافع، بما في ذلك عمليات تخفيض الوزن الزائد، وأود الإشارة هنا أنه ليس صحيحاً أن كل من يلجأ لعمليات (شفط الدهون)، على سبيل المثال، يلجأ إليها من باب الرفاهية، فهناك حالات مرضية حقيقية لدى البعض، وحالات أخرى علاجها يكون هو خفض الوزن.

والأصل في هذه القضية الشائكة هو الطبيب، الذي عليه أن يتعامل مع المرضى أو من يلجأون إليه لإجراء عمليات التجميل بضمير، و أن يكون متمسكاً بمواثيق المهنة، فالمسألة ليست مجرد تجارة أو تربح فهناك عمليات تجرى للأسف الشديد فقط للتربح.

شفافية ووضوح

ماذا يفعل الطبيب الذي تأتي إليه حالة محملة بالمال الوفير لإجراء تعديل في الأنف أو أي جزء من الوجه والجسم؟

لا نقول إن الطبيب يرفض الحالات، لكن نقول ان يكون لدى الطبيب الشفافية والوضوح والأمانة مع مرضاه، وأن يجري العمليات وفقاً لأصول المهنة ومواثيقها، وما ينص عليه القانون، حفاظاً على حياة الناس، وأن يكون الطبيب صريحاً في حديثه عن آثار العملية ونتائجها المتوقعة، من دون تجميل كل الأمور، حتى يكون المريض أو الراغب في عملية التجميل أياً كانت، على دراية بما سيؤول إليه بعد العملية، سواء كان ذلك إيجابياً أو غير ذلك من مضاعفات غير مرغوبة، أو تمس حياة المريض.

هل هناك نوع محدد من هذه العمليات التي تجرى للتربح؟

العمليات كثيرة، وأذكر منها مثالاً واحداً لعله يكفي، وهو عمليات (تكبير الثدي)، فمن المعروف أن قوانين دولة الإمارات وأنظمتها والضوابط المعمول بها تمنع وجود مواد مغشوشة أو زائفة، وخاصة المواد والمستلزمات الطبية، ومنها (السيليكون) المستخدم في عمليات (الثدي)، والذي يمتد عمره الافتراضي وتاريخ صلاحيته إلى 20 عاماً، في وقت يخدع بعض الأطباء مرضاه بأن عليه أن يبدل (السيليكون) كل عامين، وبذلك يضمن الطبيب، قائمة دائمة من (الزبائن) ودخلاً مادياً متواصلاً.

طرق خادعة

هل الطبيب منزوع الضمير هو فقط المتاجر بالمرضى؟

بالطبع لا.. فملف وقضية عمليات التجميل يتسع ليشمل بعض وسائل الإعلام المضللة غير المهنية، التي تقوم بتسويق عمليات التجميل بطرق خادعة، حيث تظهر من وقت لآخر مسميات مختلفة لنوع واحد من العمليات، ومنها ينساق المتوهمون رغبة في إجراء هذه العمليات، فمثلاً نجد تغيير مسمى عمليات (شفط الدهون) إلى (نحت الجسم)، ولا يقف الأمر عند وسائل الإعلام غير المهنية، فهناك شركات كبرى تروج لأجهزتها كل فترة بمسميات متنوعة، فنجد أجهزة الليزر، الخاصة بتنظيف البشرة، هي نفس الأجهزة، تضاف إليها خدمة بمسمى جديد، فيقال (أجهزة التنظيف بالكربون)، وفي النهاية يحصل المريض على النتيجة نفسها، لكن إضافة (التنظيف بالكربون) بالطبع تجذب المزيد من (الزبائن)، وتفتح المزيد من الأسواق.

الأخطاء الطبية

مجال وتخصص عمليات التجميل، كما يتسع للغش والخداع، يتسع كذلك للأخطاء الطبية، وهناك حالة على سبيل المثال ضبطتها هيئة الصحة بدبي قبل أيام لطبيب تخصص (جراحة عامة) أجرى عملية شفط دهون لمريضة في عيادة خاصة وتم وقف الطبيب نهائياً.. لكن أين القانون الرادع؟

القانون موجود والضوابط واضحة، لكن موضوع الأخطاء على وجه التحديد يستلزم تعديلات مهمة على القانون، لتدقيق عملية منح تراخيص مزاولة المهنة وتجديدها، والمفروض ألا نكتفي بأن يتم تجديد الترخيص، لمجرد حصول الطبيب على العدد المطلوب من ساعات التدريب، المهم في التدريب أن تكون شهادته موثوقة، وأن يكون في التخصص نفسه، فليس مقبولاً أن يأتي أي طبيب لديه 40 ساعة تدريب من مؤتمرات مختلفة بعيدة عن تخصصه، فهذه هي المشكلة.. القانون يتحدث عن عدد ساعات، ولا يتحدث عن نوعية التدريب وجودته، التي تعكس حقيقة مستوى الطبيب ودرجة كفاءته.

أين جمعية الإمارات لجراحة التجميل، وما هو موقفها تجاه بعض التجاوزات؟

أود الإشارة بداية إلى أن عمليات التجميل بدأت الانتشار في الإمارات في منتصف الثمانينات، وكان عدد المتخصصين في ذاك الوقت من الأطباء قليلاً جداً، والآن يمكننا القول بأن هناك 200 طبيب متخصص في عمليات التجميل، وهذا العدد بالمقارنة بعدد السكان، إذا تحدثنا عن 9 ملايين نسمة أو يزيد، فهو متوازن ومناسب جداً، أما موقف الجمعية، فأنت تتحدث عن مسؤولياتها، وأنا أقول إن هناك قانوناً يحكم الجميع، وضوابط تحمي حقوق المرضى، وتحفظ حياتهم، لكن في النهاية فإن قانون مزاولة مهنة الطب، يحتاج كما ذكرت إلى تعديلات، وحتى التعديلات قد لا تتوقف معها التجاوزات، غير أنها من المؤكد أنها ستحد من المخالفات والأخطاء الطبية.

إقبال كبير

بعيداً عن السوق الكبير لعمليات التجميل، وعن المراكز والعيادات الملتزمة بالقانون ومواثيق المهنة، وعن الطبيب منزوع الضمير، والتجارة، والتربح، ماذا لدينا في قسم جراحة التجميل بمستشفى راشد، وبماذا تفسرون الإقبال الكبير على هذا القسم؟

هناك بالفعل إقبال شديد على قسم جراحة التجميل في مستشفى راشد، وهذا يعود لثقة المرضى في إمكانيات المستشفى وقدراته وتجهيزاته، وكفاءة القائمين على شؤون العلاج والرعاية الصحية، وقد ازداد الإقبال في السنوات الخمس الأخيرة، وخاصة من جانب الراغبين في عمليات خفض الوزن وعلاج الترهلات، وهم يمثلون قرابة 70 % من المقبلين على قسم التجميل أسبوعياً، والبالغ عددهم 50 حالة، إلى جانب ذلك هناك عمليات تجميل للمصابين بالحروق، أو في حوادث مختلفة.

هل يعني ذلك أنكم لا تقومون بأية عمليات تجميل أخرى، كتلك التي تجرى في المراكز والعيادات الخاصة من تعديل الأنف وغير ذلك؟

إمكانيات قسم التجميل في مستشفى راشد تفوق مثيلاتها في أي مركز آخر على مستوى المنطقة، ولدى القسم خبرات متنوعة وكفاءات متخصصة من الأطباء، وهذا ما يمنح القسم قوته وتميزه في إجراء جميع أنواع عمليات التجميل، لكننا جهة حكومية، وغير ربحية، ولسنا من المتاجرين، ولهذه الأسباب مجتمعة، فإن أولوية المستشفى في مثل هذه العمليات، هي للحالات المرضية والمصابين في الحوادث، وحوادث الحروق بشكل خاص، المسألة لدينا، هي مسألة إنسانية، بعيداً عن التجارة.

نفهم من ذلك أن القسم يقدم خدماته العلاجية من دون مقابل؟

منذ عام 2013، بدأنا في تحصيل رسوم رمزية، لا تذكر مقارنة بالمراكز والعيادات الخاصة، لتغطية تكاليف بعض المستلزمات الطبية.

بماذا تفسرون قائمة الانتظار الطويلة لديكم؟

هناك نوعان من الحالات التي ترد إلى قسم جراحة التجميل في مستشفى راشد، الأولى لمرضى يأتون إلى القسم مباشرة، والنوع الثاني لحالات أجرت عمليات بعيداً عن مستشفى راشد، ولجأت إلينا لتصحيح هذه العمليات، أو تفادي مشكلاتها، وبالنسبة لقوائم الانتظار فكانت قبل 5 سنوات، تصل مدتها إلى عامين، ومع زيادة عدد الأطباء المتخصصين، انخفضت مدة الانتظار من عامين إلى ثلاثة أشهر، ونحن بصدد تدشين قسم إضافي لقسم جراحة التجميل بعد أسبوعين، ونتوقع أن تنخفض معه فترة الانتظار إلى أسبوعين أو ثلاثة، مع العمل على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع من دون انقطاع.

Email