استشاري أمراض المخ والأعصاب في مستشفى راشد لـ«البيان الصحي»:

الاعتماد الدولي لمركز الجلطة الدماغية مسؤولية والتزام

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعاني أكثر من 15 مليون شخص في العالم من السكتة أو (الجلطة) الدماغية سنوياً، أكثر من 5 ملايين منهم يموتون، و5 ملايين آخرين يبقون عاجزين بشكل دائم، ما بين فقد الإبصار والشلل، مما يضع عبئاً على الأسرة والمجتمع.

فيما يتماثل الباقون للشفاء. وإن كانت السكتة غير شائعة لدى الأشخاص دون سن 40 سنة، فإنها تحدث أيضاً عند حوالي 8% من الأطفال المصابين بداء الخلية المنجلية. هذا ما تشير إليه التقارير الرسمية لمنظمة الصحة العالمية، التي تظهر كذلك أن ارتفاع ضغط الدم وتعاطي التبغ، من الأسباب الرئيسة وراء حدوث الجلطة الدماغية.

خريطة عالمية

وبالنسبة للخريطة العالمية فإن الجلطة الدماغية تأتي ضمن قائمة الأسباب العشرة المؤدية إلى الوفاة، وتفصيلاً تؤكد الإحصائيات أنها السبب الأول للوفاة في البلدان متوسطة الدخل، والثاني في البلدان مرتفعة الدخل، وهي السبب السادس للوفاة في البلدان منخفضة الدخل.

هذا ما يقوله الدكتور سهيل الركن استشاري أمراض المخ والأعصاب في مستشفى راشد، في حواره مع «البيان الصحي»، حيث يؤكد أنه من هذا الوضع العالمي المتفاقم على مستوى الجلطة الدماغية، جاءت فكرة «مشروع الشرق الأوسط للجلطة الدماغية»، الذي تتبناه هيئة الصحة بدبي، للحد من مسببات هذا المرض ومخاطره.

مرض فتاك

ما تكشف عنه منظمة الصحة العالمية يظهر بوضوح أن الجلطة الدماغية تتصدر قائمة الأمراض الفتاكة والقاتلة الأخرى مثل (الإيدز والسرطان، وغيرها) بما تفسر ذلك؟

يعتبر مرض الجلطة الدماغية من أكثر أمراض العصر شيوعاً، وهو المسبب الثالث للوفاة لدى البالغين عالمياً بوجه عام، والمسبب الأول للإعاقة الحركية والمهارية، وتشير الدراسات إلى تصاعد معدلات الإصابة بهذا المرض خلال الثلاثين سنة القادمة، وتكمن خطورة الجلطة في ارتباطها المباشر بارتفاع ضغط الدم، الذي بدوره آخذ في التزايد، وارتباطها كذلك بالتدخين، الذي يعد من أسوأ العادات انتشاراً في العالم.

ماذا عن مركز الجلطة الدماغية في مستشفى راشد، وما هو دوره؟

مركز الجلطة الدماغية الذي تم تأسيسه عام 2012 بمستشفى راشد، يعد من أهم المراكز في منظومة هيئة صحة بدبي، ولا سيما أنه حاصل على الاعتماد الدولي كأول مركز من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط، كما يمثل واحدة من المبادرات الصحية التطوعية غير الربحية، التي يقوم عليها نخبة من الأطباء العرب المتخصصين في مجال الجلطة الدماغية، وهم يستهدفون الارتقاء بمستوى الخدمات الطبية المقدمة للمصابين بالجلطة، والتقليل من مخاطرها على مستوى المنطقة، وهذا من الأدوار الرئيسة للمركز، الذي يعتبر صرحاً طبياً وعلمياً مميزاً، ووجهة مثالية للأطباء المتخصصين من مختلف دول العام، فضلاً عن كونه مركزاً لتدريب الطواقم الطبية في دولة الإمارات، وهناك أكثر من 30 طبيباً عربياً متفاعلاً مع المبادرة، و14 مؤسسة طبية (مستشفيات) من (الإمارات، والسعودية، والكويت، ولبنان، ومصر).

ما الذي يقدمه المركز على وجه التحديد؟

يقدم المركز أحدث وسائل التشخيص والتدخل السريع والعلاج لسكان إمارة دبي والإمارات بوجه عام. ويستقبل سنوياً أكثر من 700 حالة إصابة بالجلطة الدماغية.

ذكرتم أن المركز هو الأول من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط، من حيث الاعتماد، فهل تكمن أهميته في ذلك فقط ؟

تظهر أهمية المشروع في الافتقار الشديد الذي تعانيه المنطقة العربية في هذا المجال الطبي الحيوي، سواء من حيث عدد المراكز أو النقص الحاد في الكوادر الطبية المتخصصة، ما يترتب عليه معاناة شديدة للمرضى وذويهم وزيادة الأعباء المالية والاقتصادية، حيث يوجد في (الإمارات) مركزان فقط للجلطة الدماغية، وفي (السعودية) 4 مراكز، وفي (قطر) مركز واحد، فيما يوجد في (الولايات المتحدة) 500 مركز.

وقاية وعلاج

واضح أن لديكم رؤية ما، والعديد من الأهداف التي تعملون عليها للحفاظ على مكانة المركز ودوره؟

ترتكز رؤيتنا على الحد من العبء المترتب من الإصابة بالجلطة الدماغية، من خلال الوقاية والعلاج والرعاية على المدى الطويل في المنطقة العربية، ونحن نستهدف من ذلك التوعية المجتمعية بأعراض الجلطة الدماغية ومخاطرها وكيفية الوقاية منها على مستوى المنطقة، وتقديم أحدث الأساليب للتعامل مع الجلطة الدماغية الحادة، وتحفيز التواصل بين الجمعيات المتخصصة على مستوى المنطقة، والمساهمة في تنمية البحث العلمي، وزيادة أعداد مراكز الجلطة في المنطقة.

لديكم خطة توسعية وتطويرية للمركز، تشمل دمجه في «مشروع الشرق الأوسط للجلطة الدماغية»، فهل ثمة مراحل لتنفيذ هذا المشروع الحيوي؟

بالطبع هناك خطوات ومراحل للتنفيذ، نذكر منها: دراسة الحاجة المحلية والإقليمية للمشروع والجدوى منه. عمل دراسة تجريبية للمشروع، وتبنيه ودعمه من قبل حكومة دبي (هيئة الصحة بدبي)، تشكيل فريق عمل المشروع، ووضع الخطة الاستراتيجية والتشغيلية لانطلاقه، وإجراء التقييم والمراجعة الدورية.

بالعودة للاعتماد الدولي للمركز، فما حقيقة هذا الاعتماد وكيف حصلتم عليه؟

الاعتماد الذي حصل عليه المركز هو اعتماد عالمي من قبل الجمعية الألمانية للجلطة الدماغية، كأول مركز معتمد في هذا المجال على مستوى الشرق الأوسط.

وجاء الاعتماد بعد استيفاء المركز لكافة شروط ومتطلبات ومعايير الاعتماد لمثل هذا البرنامج الطبي المتخصص، مشيراً إلى صعوبة الحالات التي يستقبلها المركز، والتي تتنوع بين الجلطات النزيفية والانسدادية والتحذيرية والوردية، والتي يتعامل معها المركز وفق أفضل الممارسات الطبية المعمول بها عالمياً، ويعد الاعتماد كذلك تتويجاً للجهود المشتركة بين مستشفى راشد والجمعية الألمانية للجلطات الدماغية واتفاقية التعاون التي تم توقيعها بين الجانبين عام 2012 لتأسيس وتجهيز هذا المركز بأحدث الأجهزة والتقنيات العالمية المتعلقة بمتابعة وظائف القلب والأكسجين خلال المرحلة الحادة من الجلطة الدماغية.

مسؤولية والتزام

كما أن الاعتماد يضع المستشفى أمام مسؤولية مواصلة الالتزام بالمعايير العالمية في تطبيق البرامج الطبية المتخصصة وتقديم خدمات طبية متكاملة وعالية الجودة للمرضى.

بعيداً عن مركز الجلطة الدماغية، أنتم تترأسون لجنة مهمة تضم نخبة من الكوادر البشرية، وهي «لجنة أخلاقيات البحث العلمي في دبي»، حدثنا عن هذه اللجنة وما هو الهدف منها؟

أرست هيئة الصحة بدبي مبادئ ومنهجية جديدة للبحث العلمي المتخصص، تواكب في مضمونها وأهدافها، عمليات التحول النوعي التي تقوم بها الهيئة، للوصول إلى مؤسسات ومنشآت صحية عالمية، قائمة على العلوم الطبية الحديثة المرتبطة بأحدث التقنيات والوسائل الذكية، والمعتمدة على الجهود البحثية المتطورة، والدراسات العلمية المتقدمة، ووفقاً لقرار تشكيل اللجنة الذي اعتمده حميد محمد القطامي رئيس مجلس الإدارة المدير العام لهيئة الصحة بدبي، فقد حددت الهيئة مجمل آليات وإجراءات توجهاتها نحو مرحلة البحث العلمي المتخصص، التي اشتملت على: مراجعة وإعداد السياسات والإجراءات الخاصة بالتدقيق في الأهداف والمنهجيات المتوخاة والمرجوة من الأبحاث المتعلقة بالموضوعات البشرية، وإنشاء قاعدة بيانات صحيحة ودقيقة لكافة مشروعات الأبحاث المقترحة والتي تم إجراؤها، وإعداد آلية واضحة ومحددة لطريقة إجراء الأبحاث الطبية ومجرياتها وبيان المعايير والإجراءات التي يتعين على طالب البحث الالتزام بها من كل النواحي العلمية والشرعية والاجتماعية.

مهام واضحة

هل للجنة مهام محددة واضحة، أم أنها مجرد لجنة لمراجعة البحوث وإيجاز الأفضل من بينها؟

للجنة الأخلاقيات العديد من المهام، من بينها: تمثيل الهيئة وتوطيد العلاقات مع مختلف الجهات والهيئات ولجان البحث الأخرى المتعلقة بصحة الإنسان داخل الدولة وخارجها بهدف الارتقاء بنوعية البحث العلمي، ومتابعة التقدم في سير الأبحاث التي تمت الموافقة عليها لضمان تطبيق المعايير الموضوعة لهذه الغاية خلال فترة البحث، التحقق من نشر الأبحاث العلمية المصرح لها من اللجنة في المجلات العلمية المعتمدة، ومراجعة السياسات والإجراءات سنوياً كحد أدنى لضمان توافقها مع آخر المستجدات، المبادرة في نشر الوعي لدى العاملين في المجال الطبي وفق الأسس العلمية المعمول بها، إلى جانب تشجيع الدراسات والأبحاث العلمية الطبية المقدمة من موظفي الهيئة أو من خارجها، والمتعلقة بصحة الإنسان في دبي، والمتوافقة مع التشريعات السارية في الدولة بشكل عام وفي دبي على وجه التحديد.

Email