محمد الرضا مدير إدارة تحليل البيانات في «صحة دبي»:

دبي تعد أول منهج أكاديمي عالمي للمعلوماتية الصحية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تعد لغة الأرقام والإحصاءات قاصرة فقط على القطاعات الاقتصادية أو ما يتصل بهذه القطاعات من مجالات الأعمال والأموال، كما لم تعد اللغة نفسها بهذا التعقيد الذي عهدناه، بعد أن ارتبطت بمؤشرات تمس عمق صحة الإنسان وتشكل مسارات حياته.

والسؤال هنا: هل تحولت حالتنا الصحية إلى مجرد (كود)، وإن كان ذلك فما الجدوى؟، وما الذي أتى بـ13 مسؤولاً عالمياً متخصصاً في المعلوماتية الصحية إلى دبي؟، وأسئلة كثيرة عن الأرقام التي فرضت نفسها على القطاع الصحي عالمياً، نطرحها على الدكتور محمد الرضا مدير إدارة تحليل البيانات والمعلومات الصحية في هيئة الصحة بدبي في هذا الحوار:

التقنيات الحديثة

متى تحولت حالتنا الصحية إلى أرقام وأكواد؟

علم المعلومات الصحية والأرقام علم قائم بذاته، وهو قديم، لكنه لم يكن مألوفاً حتى ظهور التقنيات الحديثة ووسائل التكنولوجيا العصرية، وحتى ظهور الحاجة للتدقيق في تكلفة العلاج، وتطور الأمراض، وتنوع مصادر الخدمات الصحية، ومعها الدراسات والأبحاث، التي راحت تثير تساؤلات حول المريض والدواء والدلائل العلمية والبراهين التي يتم الاستناد إليها في تشخيص الأمراض، وموجز كل ذلك هو المعلومات والبيانات والمؤشرات القائمة على أرقام وإحصاءات، أي علم المعلومات الصحية، ليس جديداً، غير أن أساليب التعامل مع هذا العلم هي التي تغيرت، بفعل التكنولوجيا الحديثة وقواعد تحليل البيانات، التي ارتكزت على الرقم والكود الشخصي لكل فرد من أفراد المجتمع، ومن ثم أصبح مجال المعلوماتية الصحية وعلم البيانات وعلم تقنية المعلومات، جميعها عبارة عن (مثلث) شديد التخصص، يتم استخدامه لدعم متخذي القرار وصناع الخطط والاستراتيجيات.

مكانة عالمية

أين هيئة الصحة بدبي من علم المعلوماتية الصحية؟ وهل هو مطبق على أرض الواقع في مستشفياتنا؟

بداية علينا أن ننظر إلى دبي وما وصلت إليه من مكانة عالمية، وما تحمله رؤيتها 2021، التي تم استلهامها من فكر وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ومن هنا يأتي الحديث عن المعلوماتية الصحية، التي قطعت هيئة الصحة بدبي – على صعيدها - شوطاً مهماً، وأحرزت تقدماً لافتاً على صعيد هذا العلم، الذي بدأ توظيفه واستثمار أدواته في عمليات التخطيط والتنفيذ، وقد بدأنا بالفعل في صياغة وتطبيق معايير متطورة لتقييم المستشفيات في العام 2009 لتكون دبي هي الحكومة الأولى عالمياً في التطبيق المتكامل لمعايير التقييم ونظام الأتمتة، الذي شمل 94 % من مستشفيات دبي (حكومية وخاصة)، وهي نسبة المستشفيات التي تم ربطها إلكترونياً ووفق أساليب ذكية، فيما تمضي الهيئة لاستكمال النسبة إلى 100 %، في المرحلة المقبلة.

مؤشرات أكثر تطوراً

قد يسأل المريض أو أي فرد في المجتمع عن علاقته بنظام الأتمتة والمعلوماتية الصحية، وغير ذلك من المفردات، التي قد يجدها غريبة عليه.. هل لديكم توضيح لجمهور المتعاملين حول هذا الأمر؟

المسألة بسيطة جداً، حين نتحدث عن المعلوماتية الصحية والأتمتة والربط الإلكتروني ومعايير التقييم، فهذا كله نظام شامل ومتكامل، يخدم المريض أكثر مما يخدم المؤسسة الصحية نفسها، وإن كانت هيئة الصحة في دبي وغيرها من المؤسسات الطبية، تعتمد على هذا النظام في تشخيص الواقع والتخطيط للمستقبل، فإن المريض يحتاج إلى أن تكون تقاريره الطبية متاحة له في أي وقت، وأن تسبقه بياناته الشخصية وغيرها، إلى المشفى التي يراجعها، وخلال انتقاله من مستشفى إلى أخرى.. يحتاج أن يكون سجله الصحي حاضراً أمام الطبيب ومعتمداً، بعيداً عن الأوراق والوقت المهدر في إعدادها وحملها ونقلها.. المريض يحتاج إلى موعد معتمد وتوقيت محدد للعرض على الطبيب، من دون معاناة الانتظار، وهذا كله هو ما يوفره النظام المتكامل الذي تتبنى هيئة الصحة في دبي تنفيذه في المستشفيات الحكومية والخاصة التابعة لها ولإشرافها.

نحن لا نتحدث عن لغة أرقام وأكواد وبيانات جامدة، نحن نتحدث عن أساليب وتطبيقات وبرامج ذكية تستهدف تحقيق رضا جمهور المتعاملين وثقتهم، وتخفف الضغط عن كاهل المرضى وذويهم.. نحن نتحدث عن دبي وتوجهاتها والتزام هيئة الصحة بمواكبة الإنجازات المتوالية، وخاصة ما يتعلق منها بعلم المعلوماتية الصحية والأتمتة والحوكمة، وتجدر الإشارة هنا إلى التعاون المثمر بين الهيئة ومركز دبي للإحصاء، الذي مكن الهيئة من استحداث 843 مؤشراً أكثر تطوراً لقياس واقع وتقدم القطاع الصحي في الإمارة.

تجدر الإشارة أيضاً للشراكة الاستراتيجية بين الهيئة ومكتب دبي الذكية، الذي يعزز من جهودنا نحو استحداث خدمات ذكية، لإسعاد جمهور المتعاملين.

الإبداع والابتكار

ماذا عن البيانات المفتوحة أو ما يعرف رسمياً بـ"قانون بيانات دبي"؟ وكيف تم استثمار هذا القانون من قبل الهيئة؟

قانون بيانات دبي واحد من أفضل القوانين الداعمة للإبداع والابتكار، وإن كان ينظر إليه على أنه فرصة لطرح البيانات المهمة غير السرية للدوائر الحكومية في دبي، إلا أن القانون، أحدث عصفاً ذهنياً هائلاً، في أوساط من ذهبوا إلى استثماره، ونحن نفكر الآن في تقديم خدمة نوعية ابتكرها مكتب دبي الذكية، من البيانات المفتوحة الخاصة بالطرق والمواصلات، وملخص الفكرة التي تعمل الهيئة على تنفيذها، هي توفير موقف للسيارات لأي مريض في مكان المراجعة الطبية، سواء مستشفى أو مركز صحي، بحيث يتلقى المريض رسالة نصية من خلال تطبيق خاص، تشير إليه بمكان الموقف المخصص لسيارته، تفادياً لأية معاناة قد يتكبدها وهو يبحث عن موقف، وبالتالي لن ينشغل المريض بهذا الأمر، حيث لن يسمح في الفترة المحددة، استخدام الموقف من قبل أي فرد آخر.

وعلينا أن نلاحظ هنا أن الفكرة نفسها قائمة على المعلوماتية الصحية، التي توضح موعد المراجعة الطبية للمريض، ومكان المراجعة الطبية، وغير ذلك من بيانات يتم استخدامها لحجز موقف السيارة المناسب للمريض.

إذن ما الهدف من نظام الإحصاء الصحي؟

نظام الإحصاء الصحي هو مشروع مشترك بين مركز دبي للإحصاء وهيئة الصحة بدبي، وهو يهدف إلى بناء منصة للبيانات الصحية، وقاعدة معلومات متكاملة وحديثة، للقطاع الصحي في إمارة دبي، بما يساعد متخذي القرار وراسمي السياسات الصحية، في الحصول على أحدث المؤشرات وفق أفضل الأساليب وأدوات التحليل الذكية.

والإحصاء يشمل المرضى الداخليين، ومراجعي العيادات الخارجية، والتطعيمات، والمواليد، ونظام شريان، والتوزيع الجغرافي للمنشآت الصحية، ومؤشرات خطة دبي الاستراتيجية، وغير ذلك من الأرقام المتصلة بالشأن الصحي.

المسار الوظيفي

هل للتقدم الذي أحرزته دبي بشكل عام، وهيئة الصحة بوجه خاص، علاقة بالاجتماع رفيع المستوى الذي استضافته دبي أخيراً للجنة الدولية التي تضم كبار المسؤولين في العالم عن المعلوماتية الصحية؟ وماذا عن جدول الاجتماع والهدف منه؟

المكانة العالمية التي وصلت إليها دبي أتاحت الفرصة لإنجازات عالمية أخرى يتم تنفيذها في الإمارة، ومنها هذا الاجتماع المهم، الذي ضم 13 مسؤولاً من المتخصصين في المعلوماتية الصحية، الذين اختاروا دبي لتكون من بين عدد قليل من المدن العالمية، لوضع الأسس والمبادئ والأطر العامة لأول منهج أكاديمي دولي لإدارة المعلوماتية الصحية، إلى جانب صياغة أول دليل للمسار الوظيفي للعاملين في هذا المجال، وذلك بالتنسيق مع مؤسسة المعلومات الصحية الأميركية.

نعود دكتور لما بدأنا به حوارنا عن أهمية وقيمة علم المعلوماتية الصحية.. فهل أصبح هذا العلم بحاجة إلى منهج أكاديمي وتقنين الأوضاع الوظيفية للعاملين في هذا المجال؟

نعم .. هناك حاجة ملحة للمنهج الأكاديمي والمسار الوظيفي، وهما جزء واحد لا انفصال بينهما، ففي ضوء التنامي المتسارع لاستخدامات منتجات وخدمات تقنية المعلومات كأدوات لتمكين وترقية النظام الصحي في مختلف دول العالم من خلال تحسين مخرجات النظام الصحي وتقليل التكاليف، أصبحت هناك حاجة لمنهج أكاديمي، إلى جانب إيجاد العدد الكافي من القوى العاملة المدربة في مجال المعلوماتية الصحية والقادرة على تطوير وتطبيق وتشغيل هذه المنتجات والخدمات ما يتطلب تحديا كبيرا تتساوى فيه الدول المتقدمة ودول العالم الثالث بسب ندرة الأيدي العاملة الماهرة في هذه المجالات.

ولذلك تم تكوين هذه اللجنة الدولية المتخصصة، التي اجتمعت في دبي برعاية هيئة الصحة، لوضع أسس المنهج المطلوب، وقبل ذلك بحث سبل مواجهة التحديات المفروضة على هذا العلم، ودراسة الاحتياجات المتغيرة بشكل مستمر للمتخصصين المهرة في مجالات المعلوماتية الصحية.

الملفات الطبية

هل أصبح مجال المعلوماتية الصحية مؤثراً لهذه الدرجة التي يبحث من أجلها العالم أسس ومفاهيم المسارات الوظيفية المتصلة به؟

أود التأكيد على أن هناك عدداً من المشاريع الحيوية في المجال الصحي لا يمكن تنفيذها من دون توافر هذا النوع من المتخصصين ومنها على سبيل المثال تطبيق أنظمة الملفات الالكترونية، وكذلك أنظمة توحيد الملفات الطبية وأنظمة أتمتة مطالبات التأمين.

بروفايل

يعمل الدكتور محمد الرضا مديراً لإدارة تحليل البيانات والمعلومات الصحية بهيئة الصحة بدبي في قطاع السياسات والاستراتيجيات الصحي، حيث عني بتطوير أنظمة توافقية البيانات الصحية.

وعمل الرضا كباحث في المعلوماتية الطبية بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة في عامي 2008 و2009، كما عمل كمساعد للمدير التنفيذي للعمليات بمستشفى راشد.

وأكمل الرضا دراساته الجامعية في الكلية الملكية للجراحين بأيرلندا حيث حاز على بكالوريوس الطب والجراحة ودرجة الماجستير في الإدارة الصحية وهو كذلك أحد خريجي برنامج محمد بن راشد لإعداد القادة وزميل في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية. ويشغل الرضا أيضاً منصب رئيس شعبة المعلوماتية الصحية بجمعية الإمارات الطبية.

Email