آفة المخدرات.. مخاطر ممتدة من الفرد إلى المجتمع

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتكاثر آفة المخدرات في عصرنا الحاضر وتنتشر في المجتمعات بسرعة هائلة وبطرق ووسائل متنوعة، وتجتاح بآثارها القاتلة وأخطارها المتعددة الدول الفقيرة والغنية، على حدّ سواء.

أما اللافت في الأمر فهو ما استجدّ حديثاً من ظهور أساليب جديدة ومريبة، وخاصة في الفترة الأخيرة، لنشر التعاطي بالمخدرات في المحافل العامة وفي مجموعات معينة «شديدة الحساسية والخطورة» كطلاب المدارس والمعاهد والجامعات.

كما انتقلت هذه الحملات «الإجرامية» لتصيب بشرّها الجامح ربّات البيوت وتحاول النيل من الأطفال والمراهقين والمراهقات عبر وسائل صناعية وتسويقية جديدة كالترويج لتعاطي المخدرات تحت مسميات مختلفة وخادعة مثل الحبوب «المنومة» أو «المهدئة» أو «المنشطة» وبأشكال وأحجام مشابهة لأشكال وأحجام أقراص الأدوية أو السكاكر، وعبر طرق ملتوية كالاستدراج والإغراء والابتزاز وبشتى أصناف الدجل والاحتيال.

أنواع

تتنوع المواد المخدرة من دولة إلى أخرى وتختلف من طبقة اجتماعية إلى أخرى، فمنها ما هو مصنع ومستحضر من مركبات كيميائية ومنها ما هو طبيعي ومستخرج من النباتات والأشجار ومنها ما هو يجمع بين النوعين. كما تتنوع آثار المخدرات وتتوزع على مجالات وصعد عديدة منها ما هو صحي بدني أو عقلي أو نفسي ومنها ما هو اجتماعي أو تربوي أو سلوكي أو اقتصادي.

تنقسم المخدرات إلى مجموعات عدة تتألف بدورها من أنواع مختلفة يتغير شكل الإدمان عليها من حالة إلى أخرى، نذكر منها: عقاقير الهلوسة، والمنومات، ومثبطات الجهاز العصبي، والمنشطات، والمهدئات، والحشيش، والمستنشقات التي تعتبر حالياً من أهم أنواع المخدرات على الإطلاق وأكثرها فتكاً بالإنسان لما تسببه من اضطرابات خطيرة وأضرار بالغة في الجهاز العصبي والقلب والكبد والكلى، هذا بالإضافة إلى حالات الغيبوبة والموت المفاجئ.

ولقد بلغ الإنسان في هذا المجال حداً لا يصدق ولا يوصف من البغي والإفراط والانهيار إذ صار يتعاطى في حال عدم وجود مبتغاه، استنشاق مواد غريبة كالبنزين ومزيل طلاء الأظافر وسائل وقود الولاعات ومخفف الطلاء ولاصق الغراء وعوادم أشكمانات السيارات.

أضرار

تتوزع الأضرار التي تسببها المخدرات على شتى أجهزة الجسم وأعضائه فتسبّب له الهزال والضعف العام والخمول الذهني والبدني والعجز الجنسي وكسل المعدة والأمعاء والإمساك المزمن وارتفاع ضغط الدم، وتليف الكبد والالتهابات بشتى أنواعها، وتصيب بشكل بالغ الدماغ والجهاز العصبي حيث تتعدد الآثار وتشمل الاحتقان والنزف الدماغيين والدوار وعدم التوازن الحركي والصداع والأرق والقلق واضطرابات الشعور بالزمان والمكان والمسافات وضعف الذاكرة وانحراف الإدراك البصري والحسي وغيرها من العوارض المنهكة والمهلكة للفرد ولمحيطه العائلي والاجتماعي.

وأما الأضرار النفسية فهي متشعبة وتتطور عبر الزمن وتتفاقم شيئاً فشيئاً لتؤدي إلى حالات مأساوية صعبة تشمل الاكتئاب والتوتر العصبي والهلوسة والهستيريا والخمول وتقلب المزاج وتضخيم الذات والشعور بانحطاط الشخصية والميل للسرقة وللانحرافات الجنسية والشذوذ، وتنتهي بالفصام والجنون والانتحار.

مراحل

يتحول المدمن خلال مراحل تعاطيه وإدمانه، وعبر مشاكله الصحية والنفسية والسلوكية والاجتماعية إلى عالة على عائلته ومجتمعه ويصبح مصدراً دائماً للمصائب المتتالية له ولعائلته، ومنبعاً للخيبة والمهانة لمجتمعه الذي ينتمي إليه.

للمخدرات آثارٌ هدّامة على جسم الإنسان بشكل عام إذ تصيب أجهزته وأعضاءه بالكثير من العلل الحادة والمزمنة على حد سواء، وتشل حركته ونموه ومناعته وتحدّ من مقاومة أنسجته وخلاياه للأمراض وتفتك بأجهزته واحداً تلو الآخر لتجعل منه في النهاية جثة متحركة بلا هدف وبلا أمل، تنتظر النجاة أو الخلاص!

* استشاري أمراض الأنسجة والخلايا بمستشفى دبي

Email