إسطنبول جوهرة البحر وحاضنة التاريخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

الزائر لمدينة إسطنبول التركية، تلك الجوهرة الرابضة قرب البحر، لا بد أن ينبهر بجمالها وعراقتها وحداثتها، تلك الصفات التي قلما تجتمع في مدينة واحدة. ويلفت الانتباه لدى التجول في المدينة ذاك الطابع الفريد لمساجدها التي تنتشر في كل مكان بمآذنها الباسقة الجميلة وقبابها العتيقة التي تشهد على تاريخ الدولة العثمانية التي تمددت على قارات ثلاث لأكثر من ستة قرون.

وأحد أشهر هذه المعالم هو مسجد السلطان أحمد، المعروف أيضاً بالمسجد الأزرق، ذاك البناء الضخم الضارب في القدم، بمآذنه الأربعة الغاية في الروعة وقبابه المتداخلة التي تعلوها القبة الكبيرة الرمادية التي تغازل السماء، ومصاطبه الواسعة الممتدة التي تشهد على الإبداع والدقة والحرفية رغم مرور نحو نصف قرن على إنشاء هذا الصرح الديني العملاق. أما من الداخل فيبدو المشهد أكثر روعة بزخارفه وفسيفسائه التي تبهر الزائرين وأضوائه التي تتوزع بنسق هندسي رائع يضفي على المكان جواً يبعث على الهدوء والسكينة والغوص في الماضي السحيق.

في الساحة المحيطة بالمسجد ينتشر السائحون كمن سحره المكان ولا يعلم من أين يبدأ وإلى أين ينتهي، إذ يقابل المسجد الأزرق كنيسة أو مسجد "أيا صوفيا" الذي ظل مكاناً لعبادة رب واحد على مدار مئات السنين، مرة من قبل المسيحيين وأخرى من قبل المسلمين.

كما تحتضن الساحة ذاتها القصر السلطاني "توب كابي" الذي أديرت منه الدولة العثمانية وأراضي ما وراء البحار على مدار أربعة قرون متتالية قبل أن تنتقل إلى القصور الأخرى التي بنيت على الطريقة الأوروبية.

وعلى الجانب الآخر، تشهد المدينة على الحداثة حيث الأبنية الشاهقة التي تعانق السماء والجسور التي تمتد فوق مضيق البسفور لتربط الجزء الآسيوي من المدينة بالجزء الأوروبي فضلاً عن شبكة من قطارات الأنفاق (المترو) التي تجوب أسفل المدينة وتنقلك إلى أي مكان بسهولة ويسر، إضافة إلى شبكة القطارات و"الترام" والمواصلات العامة (النقل بالحافلات) التي خصصت لها بلدية إسطنبول مسلكاً خاصاً ما جنبها الدخول في زحمة السير اليومية في شوارع المدينة المترامية الأطراف، وتشهد حافلات النقل الجماعي إقبالاً كبيراً من قبل السكان ما جعلها مزدحمة إلى حد كبير، لكنها تبقى أفضل من أن المركبات الخاصة العالقة في الزحام.

 

Email