«البيان» في مركز دبي للتوحد احتفاء بيومهم العالمي

المتوحدون..براعم صغيرة بمواهب كبيرة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعيشون داخل عالم زجاجي، جدرانه عالية، يجدون صعوبة في إقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين، ولكنهم يتمتعون بذكاء كبير وقلب حنون وابتسامة ساحرة، تجبرك على اختراق عالمهم لتشاطرهم الأحلام والفرح؛ إنهم أطفال التوحد، الذين نحتفل معهم باليوم العالمي للتوحد الثاني من ابريل، من خلال إظهار مواهبهم المختلفة عبر صفحات «البيان»، فها هو يوسف يدهشك طريقة حساباته السريعة، أما إيوان فستقف منبهراً أمام التصاميم الرائعة التي يقوم بها على الكمبيوتر، بينما يسحرك صوت مروان وهو يرتل آيات من الذكر الحكيم.

أما ريشة آية فستأخذك معها إلى عالم من الخيال.. كل هذه المواهب ستجدها بمجرد مرورك على مركز «دبي للتوحد» الذي يزخر بأطفال يحملون في قلوبهم إرادة تتحدى المستحيل.

قفزات مذهلة

موهبة يوسف عثمان، البالغ 15 عاماً، قد لا تصادفها في الحياة كثيراً، فهو يستطيع أن يقوم بالعديد من العمليات الحسابية خلال ثوان معدودة في عقله من دون الحاجة إلى الورقة والقلم أو حتى الآلة الحاسبة، فبمجرد أن تذكر له تاريخاً ما يخبرك على الفور باسم اليوم الذي يصادفه جمعة سبت أحد الخ.

يوسف التحق بالمركز قبل 8 سنوات، وحقق قفزات مذهلة، وقدراته تمت تنميتها بشكل ملحوظ. أما خليفة خالد فهو يمسك بالكاميرا بشكل محترف ويستأذنك بشكل مهذب قبل أن يلتقط لك صورة، الأمر كذلك بالنسبة إلى مصعب البالغ من العمر 8 سنوات، حيث يجيد التصوير هو الآخر، ويفضل التقاط صور للمناظر الطبيعية، كذلك يحفظ الكثير من الآيات القرآنية ويتفنن في ترتيلها، بينما يحفظ مروان عبدالرحمن جزء «عم» كاملاً إلى جانب عدد من السور القرآنية الأخرى.

ريشة مبدعة

ريشة آية سالم تمزج بين الألوان بطريقة مذهلة، فعند دمج أي من الألوان مع بعضها وبدرجات متفاوتة نحصل على ملايين الألوان التي لا يمكن إحصاؤها وعدها. زيد هو الآخر يرسم الأشجار والزهور في لوحات متناسقة.

وفي خلال 20 دقيقة يكون انتهى من رسم اللوحة، وقد أخبرنا مايكل، اختصاصي التربية بالمركز، بأنهم بصدد تقديم مشروع بطاقات مصممة من رسومات الأطفال، حيث سيجعلونهم يطلقون العنان لمخيلاتهم ليقدموا إبداعات متميزة كعادتهم.

إيوان أيضاً يمتلك موهبة التصميم؛ فهو يجيد استخدام برنامج «فوتوشوب» وينجز عمله في دقائق معدودة، إضافة إلى قدرته على القراءة، فهو يواظب على القراءة كل يوم في المركز لمدة ساعتين، بمساعدة طاقم التدريس.

مواهب مكبوتة

دخلنا إلى صف آخر يعلم الأطفال التمثيل، حتى يتمكنوا من تطبيق ما تعلموه في حياتهم العادية، ويصبحوا أكثر قرباً من المجتمع، حيث رأينا حمد بدر، البالغ من العمر 7 سنوات، وفاجأنا بمواهبه في التمثيل والأداء المفعم بالحيوية.

كذلك غيث، البالغ من العمر 6 سنوات، الذي يجيد الدق على الطبول، وقد لمسنا حماسة لارا فورد مدير قسم العلاج الإبداعي، التي تجدها تلعب برفقة الأطفال لتعود معهم طفلةً صغيرةً، محاولةً إظهار المواهب المكبوتة بداخلهم، ليعشوا لحظات من السعادة الممزوجة بالمرح، فهي تدرس لجميع الفصول بالمركز، إضافة إلى الأنشطة الخارجية المتنوعة التي يحرصون على أن يقوم بها الطالب، كالسباحة واللعب مع الدلافين وغيرها من الرياضات المختلفة.

ويشير إدوار، مدرس الدراما إلى أهمية هذه الأنشطة بالنسبة للأطفال، لأنها تمكنهم من التعبير عن مشاعرهم، وتمنح كلاً منهم القدرة على التصرف في المواقف الاجتماعية، حيث يصعب على المصابين بالتوحّد إقامة صلات واضحة وقوية مع الآخرين.

حياة هادئة

يشير محمد نبيل اختصاصي التربية أنه من المهم حينما تتعامل مع الطفل المصاب بالتوحد أن تعرف جيداً متى يمكن أن تكون صديقاً له، ومتى يجب أن تعود طفلاً وتلعب معه، كذلك متى تصبح مدرساً له لكي تتمكن من توجيهه وتعليمه، وهناك من يستجيب سريعاً وهناك من لا يستطيع التعبير عما بداخله لأنه لا يستطيع التحدث، لذلك نستعين بالصور، لكي يشرح لنا ماذا يدور في عقله وما الذي يريده.

في حين يؤكد فراج اختصاصي التربية أنهم في المركز يحاولون الاقتراب من الأطفال، لكي يخرجونهم من الغلاف الزجاجي المحاط بهم، وليتخلصوا من عدة أمور ترافقهم مثل رفرفة الأيادي والانزعاج من الأصوات العالية والخافتة والرؤية القوية، اضطرابات في النوم، فنحن نسعى لأن نجعل له حياة اجتماعية هادئة وسعيدة.

سارة باقر: نحتاج إلى فهم طبيعة المتوحد لا مجرد التعاطف معه

ترى سارة باقر، رئيس برنامج التوحد، أن جميع الأطفال بلا استثناء في المركز لديهم مواهب مختلفة، ولكن لا بد من أن يخترق المدرس «البلورة» التي يعيش فيها الطفل بحثاً عن موهبته ومحاولة تنميتها، وإعطائه الثقة بالنفس وجرعات من الحب.

موضحةً أن المركز يعتمد في خدماته على مبدأ الخطة التربوية الفردية وتكامل التخصصات المختلفة؛ للتغلب على مثلث الصعوبات التي تواجه الأطفال المصابين بالتوحد والمتمثل بضعف التواصل والتفاعل الاجتماعي والميل إلى الانعزال عن الآخرين، وتهدف الخدمات العلاجية المتنوعة التي يقدمها المركز إلى إيصال الطفل المصاب بالتوحد إلى أعلى مستوى من الاستقلالية.

وتضيف باقر: نقوم بعمل محاضرات لأفراد من الشرطة، لكي نوضح لهم حقيقة المصاب بالتوحد وكيفية التعامل معه، وأتمنى أن يتم تعميم هذه التجربة على بقية الدوائر الحكومية.

تصمت باقر قليلاً وفي قلبها شيء من الأسى قائلةً: قبل فترة تعرض فتى يبلغ من العمر 16 عاماً للإصابة، فذهبت والدته برفقته إلى المستشفى، وكان يعاني جرحاً في يده، وقتها رفض المستشفى دخول الأم قسم الرجال، لأن الولد كبير، غير مدركين ما يعاني منه المصاب بالتوحد، ولضرورة التعامل معه بطريقة خاصة.

للأسف، المجتمع بشكل عام سواء، داخل الإمارات أو حتى في الدول الأجنبية، يتعاطف مع المصاب بالتوحد ولكن لا يعرف شيئاً عن التوحد نفسه، وكيف يتعامل مع مثل هذه الحالات، بالرغم من حملات التوعية التي تستهدف التعريف بهذا المرض.

Email