رواية فصولها لا تنـسى مع خير جليس

القراءة.. قصة تحدٍ وإصرار أبــطـالهـا طـلاب المسـتقبل

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

القصة «تحدي القراءة». الأبطال «الطلاب». الزمان «2016». المكان «مدرسة البحث العلمي بدبي». الهدف «كسر حاجز القراءة» النتيجة «جيل يصنع المستقبل».. إنها ليست قصة قصيرة، بل رواية ستكون من أعظم ما كتب وسطر في تاريخ حضارة العرب. رواية شيقة لا تمل من قراءتها... فصولها لم تنته.. فقبل الإعلان عن بطل «تحدي القراءة العربي» تلك المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التقت «البيان» عدداً من أبطال القصة ليحكوا تجاربهم مع تحدي القراءة وإصرارهم على مواصلة المشوار حتى النهاية.

القراءة صقلت شخصيتي

تقول فاطمة أحمد النعيمي من الإمارات، 17 عاماً: كان بالفعل تحدياً كبيراً اكتشفت فيه نفسي وشغفي بالقراءة التي غيرت كثيراً من شخصيتي، حيث فتحت أمامي آفاقا جديدة من العوالم الأخرى التي لم أكن أعلمها. عشقت الشعر والسير الذاتية وتواريخ الأمم. كنت لا أنام إلا والكتاب بين أصابعي وعلى ضوء مصباحي الصغير كنت التهم فصوله... وأستيقظ وأنا على شوق بأن أكمل ما تبقى. تصمت قليلاً وتقول: كنت أقرأ في كل وقت، بين الحصص الدراسية، أثناء عودتي إلى المنزل، فالكتاب هو خير جليس لي في حياتي.

أشارت النعيمي بأنها وخلال التحدي قرأت مجموعة مختارة من الكتب القيمة دون النظر لعدد صفحاتها وقوة اللغة المستخدمة بها. ولكنها في ذات الوقت لم تهمل تحصيلها العلمي المدرسي لا سيما وأنها كانت طالبة في الصف الثاني عشر وتنتظرها امتحانات الثانوية العامة. منوهة بأن مشاركتها في تحدي القراءة العربي كان له بالغ الأثر في تنمية فكرها وصقل شخصيتها والكشف عن قدراتها على تحدي الظروف والزمن والإصرار على تحقيق الهدف.

بينما تقول: جودي عبدالله من لبنان، 18 عاماً: شاركت في تحدي القراءة العربي لأنني أردت أن أنهل من بحر العلم، وأحببت تقاسم المعرفة ومناقشة الكتب مع زملائي من جميع الدول العربية، فكانت فرصة لتبادل الأفكار، فقد تعلمت خلال رحلتي مع التحدي والإصرار على مواصلة الأهداف وعلى الرغم من أني قطعت شوطاً كبيراً إلا أنني أرى نفسي ما زلت في البدايات.

إثراء قدراتي اللغوية

عهد الأمين من السودان 12 عاماً، كانت أول مشتركة، يتم اختبارها في التصفيات النهائية، فدخلت والابتسامة تعلو وجهها وانتهت من الاختبار وهي في سعادة بالغة، فعلى الرغم من صغر سنها، إلا أنها تمتلك ثقة كبيرة في نفسها. عهد أكدت أنها خلال فترة التحدي التي استوجبت قراءة خمسين كتاباً خلال فترة زمنية محددة، وقع اختيارها على مجموعة متنوعة من الكتب في مواضيع أثارت فضولها المعرفي، فكانت تلك الكتب وسيلة للإجابة عن عدد من الأسئلة الملحة التي كانت تراودها، بالإضافة إلى قراءتها لعدد من كتب الأدب والشعر العربي التي ساهمت في إثراء قدراتها اللغوية.

الحلم والفعل

القراءة هي كلمة ارتبط بها عالي مزي من المغرب منذ نعومة أظافره، والتي جعلته بدوره يعمل كمنشط للأطفال الصغار يحفزهم على القراءة، حيث عمل على تحويلها من حلم إلى فعل، ومن فعل إلى عادة، مشيراً إلى أنه يحرص على التحدث دائماً باللغة العربية مع الأطفال حتى يعزز بداخلهم الافتخار باللغة العربية، فالقراءة كما يؤكد مزي توسع المدارك وتفتح أبواب الثقافة، وتكسبنا حساً لغوياً وحوارياً.

ومن أكثر الكتب التي تركت فيها أثراً بعد قراءتها «العرب وجهة نظر يابانية» للكاتب نوبواكي نوتوهارا الذي عايش العرب حوالي 40 عاما، وتنقل بين مدنها المختلفة، وفي عام 2003 كتب كتاباً كاملاً عن انطباعاته عن العرب باللغة العربية، كتاب «يوميات نص الليل» للدكتور مصطفى محمود.

عالي مزي على عكس بعض الطلاب كان يملؤه الثقة، فالقلق والتوتر لا مكان لهما في قلبه، حيث إنه يرى نفسه فائزاً بمجرد وصوله إلى هذه المرحلة المهمة، مشيراً إلى أنه جاء إلى دبي كسفير لدولة المغرب ومدينته الغالية طنطان.

جميعنا فائزون

غرام ياسمين سالمي من تونس 17 عاماً بالكتاب ابتدأ معها منذ صغري، فكانت تنغمس بين صفحاته بالساعات الطويلة، وحينما علمت بمبادرة «تحدي القراءة العربي» وجدت أنها فرصة لابد من اقتناصها، وتحديت نفسها واشتركت في التحدي، الذي جعلها تقرأ الكتب بشكل أكثر عمقاً.

تقول ياسمين: كلنا فائزون في هذه المرحلة، وبطل التحدي لن يمثل بلده فقط، وإنما الوطن العربي ككل وعليه أن يقدم صورة جميلة عن الحضارة العربية، فخلال رحلتنا في تحدي القراءة قابلت العديد من المثقفين العرب، وعرفت أشياء جديدة، لذلك أعتبر نفسي فائزة من اليوم وبالتوفيق للجميع.

وتضيف ياسمين: قرأت في جميع المجالات وكما يقول العقاد أكبر مثل كامل للدنيا، ولكن من أهم ما قرأت «اللجنة» لصنع الله إبراهيم وهو كتاب في تيار اللامعقول ينقد العولمة، وكتاب «موسم الهجرة إلى الشمال» غلى الطيب صالح، كتاب «أزمة العقل المسلم».

تنوع

يقول إيدوم ولد شبيه ولد بيد، من موريتانيا 18 عاماً، شاركت في هذه المسابقة لأهداف منها حب المطالعة والاستكشاف، والغيرة على الأصالة العربية التي هي الهوية والتاريخ والإسهام في هذا المشروع البناء المعطاء، الذي مهد الطريق لنا، وحفزنا على القراءة، مشيراً إلى أنه قرأ أثناء التحدي في الكثير من المجالات منها اللغة لأنها تثقف المرء في المفردات اللغوية بشكل شيق وبديع، وكتب الفقه والتصوف لما تبرزه من علم بدين الله وزهد في الدنيا، متمنياً التوفيق للجميع، ومنوهاً أن هذه التجربة التي عاشها طيلة الفترة الماضية أثرت فيه بشكل إيجابي جعلته يطلع على عدد أكبر من الكتب.

جيل مثقف

يؤكد مروان حمدي من المغرب، 17 عاماً، أن «تحدي القراءة العربي» عمل على تعزيز شأن الأمة العربية، وتكوين جيل قادر على قيادتها، كذلك ساهم في نشر المعرفة وترسيخ عادة القراءة في الأجيال الجديدة، وتنمية الوعي العام بواقع القراءة العربي، وضرورة الارتقاء به للوصول إلى موقع متقدم عالمياً، كما قدم التحدي نموذجاً متكاملاً، مبنياً على أسس علمية، لتكوين جيل من الشباب المثقف.

 مشيراً إلى أن شغفه وولعه بالقراءة وراء اشتراكه في ذلك التحدي الفريد من نوعه، والذي حفزه على تأليف كتابه الأول «المنعرج الديمقراطي وواقع التعليم في المغرب» خلال 3 أشهر فقط. أما عن أكثر الكتب التي أثرت به يقول: كتاب «العالم إرادة وتمثلاً» للفيلسوف شوبنهارو، الذي عبر عن فلسفته في الإرادة باعتبارها جوهر الحياة والوجود.

سفراء لأوطانهم

طلاب بعمر الزهور يتحدثون اللغة العربية الفصحى بطلاقة، سفراء لأوطانهم يحملون على عاتقهم مسؤولية إيصال رسالتهم، يمتلكون حساً ووعياً وثقافة، يجادلون من خلاله بمختلف فنون ومهارات الحوار التي اكتسبوها من هذه الرحلة، فهم في سن النقاء والحماس، احتضنتهم دبي، ومهدت أمامهم الطريق لتحقيق أحلامهم، وزرع الأمل بداخلهم، وتحصينهم بالعلم والثقافة.

Email