«يوجين أونيجين».. روائع التراجيديا الإنسانية في «دبي أوبرا»

فرح وألم وبوح وجداني في «يوجين أونيجين» | تصوير: عماد علاءالدين

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتاح لعشاق الغناء الكلاسيكي فرصة مشاهدة العمل الأوبرالي العالمي «يوجين أونيجين» الذي يعد من أشهر الأعمال الفنية التي ألهمت عباقرة الفن، حيث دفع إعجاب الموسيقار بيتر إليتش تشايكوفسكي «1840-1893» الكبير بالملحمة الشعرية الروائية «يوجين أونيجين» للمبدع ألكسندر بوشكين «1799-1837» الملقب بأمير شعراء روسيا، إلى إعادة تأليفها بألحانه ليضع فيها زخم المشاعر والصراع الدرامي الإنساني بين الواقع والقيم والذات. وتقدم هذا العمل الفني بأداء يوازي قيمته الفني «الأوبرا الوطنية البولندية» على خشبة مسرح «دبي أوبرا»، والتي سبق أن قدمت لنا الأسبوع الماضي أوبرا «عايدة».

وتساعد الترجمة المطبوعة باللغتين العربية والانجليزية على الشاشة في فهم الأحداث الدرامية، وإن كان الأداء الدرامي المؤثر وجمالية أصوات المغنين وتمكنهم، تنسي المشاهد متابعة الترجمة ليستغرق في عوالم الشخصيات وأجواء الموسيقى، ليعيش بوجدانه مختلف حالات الفرح والألم والبوح الوجداني والندم مع بطلة العمل «تاتيانا» الفتاة الريفية البسيطة القنوعة بحياتها وعالم الكتب الذي تعيش فيه، والتي تفارقها السكينة في اللحظة التي تلتقي فيها بالشاب «يوجين» القادم من المدينة.

الحقيقة والخيال

ولا يكتفي يوجين بكسر قلب تاتيانا، بل يسعى إلى مغامرات عاطفية تشمل «أولغا» حبيبة صديق عمره لينسكي وأخت تاتيانا، التي تجاريه لكونها سطحية مثله ولا تفكر إلا بسعادة اللحظة، ومن خلال تلك الشخصيات تتسع الدائرة الإنسانية لصراعات معنية بالقيم الإنسانية التي لا تتبدل في كل زمان ومكان.

وتكمن جمالية إخراج العمل الذي يضم ثلاثة مشاهد ويستمر لمدة تقارب من ثلاث ساعات، في تنوع الأدوات والحلول والمعالجة الدرامية حيث تعيش تاتيانا بين عالمها البريء المتخيل الذي يتجلى فيه طيف الشاب ذو البدلة البيضاء الذي يأتيها في أحلام اليقظة لتناجيه، بعشق تارة ولوعة المحب الذي تهيمن عليه مشاعر الندم لبوحه بمشاعره، والذي تجسد الممثلة والمغنية أولغا بوسيوس بأدائها المؤثر وصوتها العميق والغني هذا الصراع لتدفع المشاهد إلى التماهي بدورها، ليتأرجح معها بين لواعج الروح وعالمها النقي، والواقع الذي تواجه فيه يوجين المتعجرف «مايكل بارتيكا» ذو البدلة السوداء.

براعة الإخراج

خدمت مشاهد الديكور الحركية في تقديم لوحات فنية جميلة تساهم في الاستئثار باهتمام وتركيز المشاهد، مثل الطاولة المرصوف عليها التفاح الأحمر بشكل كما تكوين اللوحة التشكيلية التي يجلس قبالتها في الطرف الأخر أم الفتاتين والمربية، لتنسحب الطاولة خلف الكواليس الجانبية مع انتقال المشهد إلى الغابة والحديقة المتحركة التي تغني البصر والمخيلة، كذلك الأزياء بألوانها الفيروزية والزمردية في حفل المشهد الثاني والثريات ذات الألوان البراقة، ومشهد المواجهة بين لينسكي وحبيبته أولغا على طاولة مستطيلة متحركة تمنح بدورانها وهما عليها، إيحاء بالمناورات، والكثير من المشاهد الرمزية بدلالاته.

جدول العروض

يقدم العرض الثاني والأخير من أوبرا «يوجين أونيجين» الذي يستمر مدة ثلاث ساعات تقريباً مع ثلاثة مشاهد مساء اليوم في الساعة الثامنة مساء

Email