الإمارات أضحت محطة رئيسة لفنه وحاضنة له
فاطمة سعيد: دروس الخط المجانية زكاة علم
تعتبر فاطمة سعيد من أهم الخطاطين في الدولة، فقد كان لعزمها الكبير وشغفها المطلق، ومنذ الطفولة، بالخط العربي من أهم أسباب حضورها البارز في المحافل حتى يومنا هذا، وقد تدربت طويلاً منذ عام 1994 إلى 2005 م.
خاصة بعد حدوث النقلة النوعية لها لتدرس الخط في تركيا، على يد الأستاذ الشهير حسن جلبي، والأستاذ داود بكتاش، لتخرج فاطمة من تلميذة نجيبة، لتصبح أستاذة متوقدة بأسلوبها الخاص والمتناغم، موقظة في نظر الرائي مشاعر مختلفة. أما اليوم، فإننا أمام التقدير الكبير لها، لما تقدمه من دروس مجانية تمنحها لمحبي تعلم الخط، وقفاً لله تعالى.
عهد وقسم
كونك أول خطاطة إماراتية مجازة وموهوبة، هل تخبرينا عن دروس الخط المجانية التي تمنحينها لعشاقه؟
دروس الخط المجانية هي بمثابة زكاة علم، وفن تفضل به رب العزة والجلال عليّ، ووعد وعهد وقسم أعطيته لأستاذي الجليل وأبي الروحي ومعلمي الحكيم، حسن جلبي، عندما اجتزت اختبار الصبر في فترة قياسية.
ومثل حاله أيضاً عندما تعلّمه مع أستاذة المرحوم حامد الآمدي، وكذلك بقية تلامذته يلتزمون بهذا العهد ما داموا أحياء، ومنهم أستاذي الثاني، داود بكتاش. أما تدريسي للمستويات الموهوبة والمتقدمة به، لأن المعلومات والتقنيات التي ادرّسها ثرية ودسمة موجهة لهذه الفئة.
ما آمالك ومخاوفكِ من مستقبل الخط العربي، وأين ترينه يتجه؟
آمالي أن أرى فن هويتنا بأيدٍ إماراتية، وبأرقى تمثيل عالمي في الملتقيات والمعارض والمتاحف. كانت لي مخاوف في بداية رحلة تعلّم فن الخط العربي محلياً، حيث لا ملامح عن مستقبل له، لكني في قمة سعادتي وسروري، بأن وجدت ضالتي بصقل الموهبة بدراسته حسب أصوله وقواعده الأصيلة.
واليوم أضحت دولة الإمارات محطة رئيسة له، وحاضنة وراعية له بسخاء بارز، وقد تفردت به، وأصبحت محط أنظار المهتمين والخطاطين والباحثين، وتسلطت عليها الأضواء، ذلك بفضل الله تعالى، ثم اهتمام حكومتنا الرشيدة برعاية ودعم المواهب، ووجود مسؤولين مهتمين بالثقافة والفنون ودعم حراكها بالدولة.
لذا، ظهر جيل من الخطاطين من الإناث والذكور، فعلى سبيل المثال: في دبي، تم تأسيس مركز دبي لفن الخط العربي عام 2009، والذي ينتهج التخصصية الأكاديمية في أنشطته المتنوعة، وإصدار مجلة متخصصة في شؤون الخط العربي، وهي الوحيدة عالمياً (حروف عربية)، التي ترعاها ندوة الثقافة والعلوم، جائزة العويس وأحد فروعها الخط العربي، ومعرض دبي الدولي لفن الخط العربي.
وفي الشارقة، تم تجميع الخطاطين بساحة الخط العربي ومتحف الشارقة للخط، وملتقى الشارقة الدولي للخط ومهرجان الفنون الإسلامية ومشروع كتاتيب، بالإضافة لأبرز حدثين منظمين من قبل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة: جائزة البردة، وملتقى رمضان لخط القرآن الكريم، حيث التنظيم والعرض والجودة بأرقى صورة ومكانة عالية.
تكنولوجيا حديثة
ما دور الخطاط في مجتمعنا العربي التقليدي الذي يعيش التكنولوجيا المعاصرة في الكتابة الإلكترونية السريعة؟
الخطاط فنان أولاً وأخيراً له عالمه الملهم، وأدواته التي تنسجم مع أحاسيسه، ليولّد منها إبداعاً جديداً بالخامات المتنوعة والمتوفرة، والتي سيعرضها من خلال الأنشطة الفنية محلياً ودولياً.
أغلب الخطاطين اليوم يستخدمون التكنولوجيا الحديثة في التصاميم وتوثيق أعمالهم، بالإضافة إلى ذلك بأن تطبيقات التصاميم الخطية تتطلب ملاءمتها مع البرامج التكنولوجية التطبيقية، حيث الوضوح والدقة في رسم الحروف في حال تكبيرها وتصغيرها لضرورة الحياة العصرية بكافة أوجهها، وتبقى اللوحة الخطية اليدوية ذات معانٍ وأحاسيس خاصة.
كيف نميز نمط الخط العثماني التركي عن الخط العربي؟
يوجد اتجاهان في فن الخط العربي، هما: الأصيل والمعاصر والخطاط سيختار في تنفيذ أعماله ما هو قريب لروح الإبداع والأحاسيس التي بداخله، ولا يحق لأحد أن يعيب ما يختاره من اتجاه فني، فكلاهما فن، والفنون الجميلة لها نسبيتها.
كون الخط أداة وممارسة وشكل من أشكال الفن والدين، فهل لعب الخط العربي دوراً في الفن إجمالاً بدولة الإمارات؟
أصبح هناك اهتمام حكومي ورسمي لنشر مفهوم الخط العربي كفن جميل وراقي، ويمكننا أن نراه في الشعارات الرسمية للوزارات والدوائر والمؤسسات والشركات والأفراد، وحتى الأجانب منهم.
كما تم اعتماد اللوحات كإهداءات للوفود الرسمية من قبل وزرات الدولة والدوائر الحكومية والهيئات، كذلك الورش الخطية الحية للزوار في الفعاليات بأنواعها، إضافة إلى الاقتناءات الشخصية للوحات الخطاطين، كل ذلك عزّز ووسع مفهوم جمالية فن الخط العربي في المجتمع الإماراتي، ومنحه بعداً ووجهة وواجهة ثقافية وأدبية متألقة.
