الألعاب الشعبية شغف يستهوي صاحبها في قلب جبال «ميدق» بالفجيرة

قرية الدهماني التراثية ترفيه بألوان الماضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كنت ترغب بالقيام بجولة خارجة عن المألوف، مع حكايات الماضي وطقوس الحياة التراثية عليك التوجه أولاً إلى سوق الجمعة في الفجيرة..

حيث سيكون بانتظارك الإماراتي «سيف الدهماني» (موظف متقاعد)، صاحب قرية الدهماني التراثية، التي تقع في منطقة «ميدق» بالفجيرة وهي قرية جبلية آخذة في التوغل بين الوديان والمرتفعات، ولا يمكنك التنبؤ بخفايا جبالها الشاهقة وحكايات النخيل الغامضة، إن لم تقابلها وجهاً لوجه.

شغف بالتراث

يتقدم به العمر عاماً بعد عام لكن إخلاصه وانتماءه لهذه الأرض الجبلية فاق الحدود، فالتراث في نظره ليس مجرد شعارات وأقوال رنانة يقولها لأبنائه أو أحفاده، إنما هي حقائق مرئية وأفعال مشهودة يقضي جل وقته في تحقيقها رغم الصعوبات..

فمنذ 3 سنوات بدأ فكرة بناء قرية تراثية ولا زال، هذه القرية بنظره تعيد إحياء ملامح الحياة الإماراتية القديمة بكل تكويناتها وبحسب إمكاناته المحدودة، استلهم من صلابة الحجارة وقسوة التضاريس حكايات تراثية ملموسة.

كما أنه خصص ورشة لصنع الألعاب التراثية، بأيد عاملة متواضعة، وإنتاج ثري والسر في نجاحه ومشاركاته المحلية والخارجية هو ذاك الشغف العميق للتراث الذي يجعله يتابع تفاصيل صناعة الألعاب مع عماله، مرحلة تلو أخرى، بدون كلل أو تعب.

بالرغم من أن الورشة تخزن مواد ووسائل أولية مستعملة وقديمة مثل العلب الفارغة وأغصان الشجر والأخشاب، وعلب الألوان الزيتية إلا أن المشهد برمته بانورامي للغاية، مع طبيعة المكان وجمالية الجبال والوديان كأنها لوحات فنية رسمت بإتقان.

ألعاب تراثية

الألعاب الشعبية التركيز عليها هو هدف سيف الدهماني، في إعادة إحياء وتعزيز هذه الوسائل الترفيهية التي كانت قديماً، وبالرغم من ظروف الحياة البسيطة إلا أنها شكلت حياة الترفيه لدى الطفل الإماراتي في السابق.

يدخل في مكونات هذه السيارات والمجسمات مواد أولية مستعملة مثل علب البيبسي والحليب الفارغة والأغصان المهملة، والقطع الخشبية، أسلاك، وإطارات، بل إنه لم يقف عند ذلك بل أخذ يضيف لمسات جديدة وأفكاراً مرحة تعيد بهجة هذه الألعاب لأطفال اليوم، وغيرها من الألعاب التي تعتمد على الذكاء والفطنة وقدرة التحمل. ويقول مشيرا إلى بعض مسميات الألعاب باللهجة المحلية:

«أصنع ما يقارب 700 سيارة شعبية للموسم كاملاً والذي يكون ستة شهور من السنة في فصل الشتاء، هو فرصة لا تعوض لقضاء أجمل الأوقات في قريتي الشعبية، ومن الألعاب السيارات الخشبية الملونة، ولعبة الرنج، ولعبة المشي على (القواطي)، ولعبة الكرب (الكرابي)، ولعبة القفز بالجوالي أي الأكياس الخشنة، ولعبة عظم سرى، وكوك الحقني.

أركز على الألوان عند مرحلة طلي الألعاب، ولهذا خصصت مساحات واسعة في الورشة لتخزين علب الأصباغ بشكل منظم يتناسب مع حاجة العمل والتحضير..

كذلك الأمر أحرص على تطوير الألعاب ودمج بعض المواد التي لم تكن مستخدمة من قبل، فمثلاً استبدلت خوص النخل بأسلاك الحديد في مرحلة تثبيت اللعبة، وكذلك لم أعد استخدم الإطارات المطاطية وأصبح مكانها مثلا علب الحليب الفارغة وهكذا أبحر في خيالي بهدف تقديم ألعاب شعبية مرحة بروحها التراثي المعروف.

مسؤولية

المشاركة في الفعاليات الوطنية والمهرجانات التراثية المحلية والخارجية تزيد هاجس المسؤولية لديه، في تلبية الكم المطلوب من الألعاب وتوفيرها وعرضها وقت الطلب، كما أن متعته الكبيرة وهو يشارك الأطفال سعادتهم وهو يلعبون، خاصة في الفعاليات الوطنية بالمدارس..

ولأن الأطفال همهم الأول هو اللعب واللهو يحصل أحيانا تدافع كبير على الألعاب وهذا ما قاده إلى تخصيص جدول لهم، وتحديد حلبة للعب وطقوس ممتعة لتتسنى للجميع المشاركة.

وأضاف: لا ننكر أن الجيل الصغير في حياتنا المتسارعة يتربى على الألعاب التكنولوجية على خلاف الماضي، أذكر عندما كنت صغيرا لا أفوت فرصة اللعب منذ بداية يومي مع أولاد الحي، نلهو ونجري ونحن سعداء للغاية، أما جيل اليوم لا يتحرك أصبح رهينة الألعاب الإلكترونية التي تبلد المخ والجسم وتخلق جيلاً كسولاً.

استمتاع

أقضي أغلب أوقات اليوم في الورشة حتى ساعات المساء، هنا في هذا المكان أجد نفسي وسط تفاصيل التراث وذكريات الماضي، هكذا اعترف الدهماني، وأضاف: هذا يجعلني في مزاج عال وسكون ذاتي، فالمكان بحد ذاته فسيح وواسع المدى يخرجني من أية ضغوطات أو ضيق قد أمر به، فمنظر النجوم وهي تتعلق في السماء كفيل بإدخال السعادة لنفسي.

 

Email