بعضهم يقدمون قصصاً مأساوية ولا يتأثرون بها

مذيعون حائرون بين المهنية والمشاعر الخاصة

فيصل بن حريز خلال تقديمه برنامجه على قناة سكاي نيوز

ت + ت - الحجم الطبيعي

عالم السياسة والأخبار مملوء بالكثير من القصص المأساوية، التي يكون عدد من الإعلاميين مجبرين على متابعتها عن قرب، لأنها جزء من حياتهم العملية، فلا يستطيعون الابتعاد عنها، ولكنهم يتعاطون معها بطرق مختلفة، تجنباً للإصابة بالاكتئاب على حد قولهم.

«البيان» سألت عدداً من الإعلاميين عن مدى تأثير هذه الأخبار على مجرى حياتهم الشخصية، وعن أكثر القضايا التي تؤثر فيهم؛ فهناك من حقق التوازن في التعاطي مع ما يدور حوله من أحداث، وهناك من نقل المشاهد من حالة الجمود، التي تستحوذ عليه إلى عالم أوسع يعيش فيه، وتقديم الأخبار بصورة أكثر سلاسة، وآخرون اعتادوا على تقديم هذه النوعية من الأخبار لأنها جزء من عملهم.

حالة الجدية

يحاول الإعلامي فيصل بن حريز الفصل بين عمله وحياته الشخصية، تجنباً للإصابة بالاكتئاب نظير الأحداث المأساوية التي يسمع عنها يومياً، حيث إن عمله يعتبر رسالة يسعى إلى تقديمها على أكمل وجه.

مؤكداً أن حالة الجدية التي يظهر بها مذيع الأخبار ونظرته الحادة، ما هي إلا متطلبات للمهنة، فلا يصح تقديم نشرة الأخبار المملوءة بالقتل والدمار والمذيع مبتسم، لأنه تعتبر استهانة واستخفافاً لما يقدمه، وكأنه يعيش في كوكب مختلف، ولا يشعر بآلام غيره، مشيراً إلى أنه حينما كان يقدم من قبل برامج ليست سياسية كانت الابتسامة لا تفارقه، في تأكيد منه أن لكل مقال مقاماً.

عالم الأخبار

أصبحت الإعلامية ميسون عزام تخاف على أولادها بصورة أكبر مع الوقت، وخاصة في ظل الظروف، التي تمر بها البلدان العربية، والأخبار التي أصبحت مملوءة بالقتل والدمار، مشيرة إلى أنها تشعر بالألم حينما تقوم بإعداد الفطور لأولادها وهي تعرف جيداً أن هناك أطفالاً من مكان ما، محرومين من الدفء الأسري. أما الإعلامي يوسف الشريف فيقول:

في يوم عطلتي لا أشاهد التلفزيون إطلاقاً، وأقضى معظم وقتي بين ممارسة الرياضة، وتحديداً المشي لتفريغ الشحنات السالبة في الذهن، والجلوس برفقه الأهل والأصدقاء، وتبادل الحديث حول أمور الحياة المختلفة، فأشعر بأنني قد فصلت تماماً عن عالم الأخبار الذي أعيش فيه طيلة الأسبوع بصوره المأساوية.

تخطي الألم

صادف الإعلامي حامد بن كرم خلال تقديمه برنامج «سند» العديد من القصص التي آلمته وحرمته من النوم، فيذكر ذلك الطفل الذي يعاني مرضاً مستعصياً في البوسنة، وسافر بصحبه أمه إلى تركيا، ليعالجها، يقول:

وقتها سمعت قصته، ولم أستطع النوم وتحدثت مع زوجتي ليلاً وأخبرتها بالقصة، لأجد تليفوناً منها في الصباح تقول لي، إنها جمعت مبلغ العملية من صديقاتها، لترسله عبر الهلال الأحمر، بعدها سافرت بصبحه فريق عمل البرنامج الذي هو الآخر قدم مساعدة مالية للطفل. ويشير بن كرم إلى أن السعادة، التي لمسوها على وجه الأم تساوي الدنيا وما فيها، والتي جعلته يتخطى الحزن والألم الذي عاشه.

سيطرة على الذات

تعمل الإعلامية ليلى الشيخلي على عدم إظهار أي نوع من العواطف على الهواء، حيث إن هناك هيبة معينة يجب ألا تفتقدها، بل وتحافظ عليها، من ضمنها محاولة السيطرة على نفسها، وضبط مشاعرها، إلا أن هذا لا يمنع بأنها تشعر في كثير من الأحيان بالحزن والألم، فهناك الكثير من الأحداث التي تتأثر بها كثيراً، وتشعر بأن الألم يعتصر قلبها.

تفاعل

الإعلامي محمد الريماوي تعوّد على تقديم الأخبار السياسية، كما تعود المُشاهد على رؤية الدم والدمار. يقول الريماوي: بداية الأزمة السورية، كنت تجد تفاعلاً كبيراً من الناس، أما اليوم فأصبح هناك نوع من التعود، ربما هو التعود على الألم، مشيراً إلى أنه في يوم عطلته يبتعد تماماً عن التلفزيون، ويقضي معظم الوقت، برفقه عائلته وأصدقائه.

Email