زعيمة المعارضة تتحدى العسكر وتتطلع إلى رئاسة ميانمار

سان سو تشي حائزة على نوبل للسلام ولاتهتم بحقوق الإنسان

أونغ تغرق في لعبة السياسة المحلية - أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

شوهدت زعيمة المعارضة في ميانمار، أونغ سان سو تشي، منشغلة في تفاصيل مدرسة فندقية في دائرتها الانتخابية، التي تتألف من مجموعة قرى فقيرة يعمل قاطنوها في زراعة الأرز، وهي تقول أمام حشد صغير بلكنة إنجليزية خاصة بخريجي أكسفورد، تعود لأيام دراستها في تلك الجامعة العريقة في بريطانيا: «مجتمعنا بحاجة لأن تكون لديه قدرات أكاديمية..

لكن علينا أن نكون عمليين. فالمسألة تتعلق بتجهيز أولادنا بالمهارات التي تدعمهم طوال حياتهم»، حيث يؤمل أن تخرج المدرسة المبنية بأخشاب أشجار الخيزران طلبة موهوبين، وتنقلهم من حقول الأرز للعمل كخدم وطهاة في قطاع السياحة المزدهر في ميانمار.

وهذه المدرسة، التي استخدمت زعيمة المعارضة نفوذها لجذب أصحاب فنادق من تايلاند وسويسرا للاستثمار فيها..

كانت محط تعليق صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية التي طرحت في صفحتها الأولى تساؤلات بشأن أداء زعيمة المعارضة الحائزة على جائزة نوبل للسلام على الساحة السياسية الأوسع نطاقا، بعد أن اقتصر معظم أدائها أخيرا على دور السياسي المحلي، الذي يبعد أشواطاً طويلة عن أروقة السياسة الدولية، حيث تشكل أونغ سان سو تشي رمزاً للمقاومة في ميانمار.

وأفادت الصحيفة أن قلة من الناس تشكك بما فعلته أونغ سان سو تشي لناخبيها، على صعيد توفير الكهرباء وغير ذلك من الخدمات، لكن دعاة حقوق الإنسان وحتى أعضاء في حزبها السياسي كانوا يطرحون تساؤلات بشأن مستوى أدائها على الساحة السياسية عموماً.

تردد ملحوظ

ففي السنوات الأربع منذ خروجها من الإقامة الجبرية كبطلة من أجل الديمقراطية، ترددت أونغ سان سو تشي، البالغة من العمر 69 عاما، في الدفاع عن الكثير من القضايا المهمة في البلاد، وربما خيبت أمل أولئك الذين توقعوا منها أن تكون داعية حقوق إنسان أكثر صلابة. وكان خطابها يركز على المطالبة بحكم القانون، إلا أنه لم يرتق إلى مستوى معالجة المظالم المنتشرة في البلاد.

وعلى مدى سنتين منذ دخولها البرلمان، كانت مترددة في التحدث بشأن انتهاكات القوات الحكومية ضد المواطنين في الصراع العرقي في ولاية راخين. وقد اتخذت بوصفها رئيسة اللجنة التي تحقق بالخلافات على الأراضي بين المزارعين الفقراء وإحدى شركات التعدين عن النحاس المتهمة بالاستيلاء على أراضيهم بطريقة غير عادلة، موقفا مؤيدا للشركة.

ورفضت توجيه اللوم ضد الحكومة في سياستها القمعية ضد الأقلية المسلمة من الروهنجيا، التي أدت إلى جانب أحداث عنف من جانب بوذيين راديكاليين، إلى طرد مئات الألوف من أبناء هذه الأقلية خارج منازلهم، ومحاصرة اكثر من مئة الف منهم في مخيمات قذرة.

يقول الناس إنهم مندهشون للأسباب التي جعلتها تبقى صامتة، حتى في ظل تمتعها بالحرية، بل إنها تشبثت بمواقفها المثيرة للجدل، حيث قالت بعد أن قاطعها مزارعون غاضبون حول منجم النحاس في السنة الماضية: «أنا لا أقوم بأي شيء في سبيل كسب الشعبية فقط، ففي بعض الأحيان ينبغي على السياسيين أن يقوموا بأمور يمقتها الناس».

حسابات وتنازلات

يتهمها الداعية في مجال البيئة والتعليم كو تار بأنها تميل إلى جانب النخبة بأوجه عدة، ويقول: «بالنسبة لمنجم النحاس، أجرت حسابات استراتيجية لعدم إغضاب الشركة، ولم تتمكن من الشعور بمعاناة الناس»، أما دعاة حقوق الإنسان، فإنهم مذهولون لتنازلها عما يرونه مسؤوليتها الأخلاقية في تسليط الضوء على الانتهاكات الواضحة لحقوق الروهنجيا. وأونغ سان سو تشي ساوت بين محن الروهنجيا ووضع البوذيين في المنطقة، قائلة إنه من المهم :«عدم إغفال أعمال العنف المرتكبة على الجانبين».

قد تكون قدرة أونغ سان سو تشي على توجيه السياسة الحكومية في البرلمان، الذي يهيمن عليه الجيش، محدودة، ويقول المدافعون عنها، مثل مينت منيت خين بي، أحد مؤسسي منظمة خيرية تقيم جنازات بتكاليف منخفضة للفقراء: «حاولت تغيير البلاد، لكنها لا تستطيع، لأن الحكومة القائمة لا تزال تحت هيمنة العسكر».

لكن زعيمة المعارضة رفعت صوتها بشأن بعض القضايا التي تخص وصولها إلى المنصب الرئاسي، لا سيما ضد استخدام السلطة العسكرية حق النقض في وجه التعديلات الدستورية التي تسمح لها بالترشح للرئاسة. والقبلات «الحارة» التي طبعها الرئيس الأميركي باراك أوباما على خد زعيمة المعارضة أثناء لقائه بها على هامش قمة دول جنوب شرق آسيا «آسيان» طرحت تساؤلات عن مدى التزام أوباما بدعمها في مسعاها.

المراقبون يتوقعون فوز حزبها، الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، في الانتخابات المقبلة، وممارستها سلطات مهمة بعد الانتخابات المقبلة، ومع ذلك، فإنها تتفادى التحدث عن القضايا العامة، وقد ردت على الصحافيين بعد الانتهاء من افتتاح المدرسة الفندقية، وهي تبعدهم عنها قبل صعودها إلى شاحنة صغيرة بيضاء انطلقت بها إلى منزلها في يانغون: «هذا ليس الوقت المناسب».

حظوظ الرئاسة

استنادا إلى دستور ميانمار، يمنع المرشحون الذين لديهم زوج مولود خارج البلاد، أو أطفال مولودون بالخارج من السعي وراء المنصب الأعلى في البلاد، وهو حظر يبدو أنه قد كتب لمنع زعيمة المعارضة الحائزة على نوبل للسلام أونغ سان سو تشي من الوصول إلى الرئاسة، ذلك أن زوجها الراحل، مايكل رايس، كان مواطناً بريطانياً وابناها الراشدان ولدا في بريطانيا.

يقول الدبلوماسيون إنها ربما قررت أن تسعى وراء رئاسة مجلس النواب، لكن المتحدث باسم الرئاسة قال إن الرئيس شين عقد مباحثات غير مسبوقة معها، أخيرا، وأن بورما تدرس تعديل الدستور للسماح لها بالترشح للرئاسة في الانتخابات المقبلة عام 2015، وذلك بعد محادثات أجراها الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الطرفين قبل زيارته الأخيرة إلى ميانمار على هامش قمة دول جنوب شرق آسيا «آسيان».

Email