برنامج الحكومة لتمكين المرأة يصاب بنكسة

عاصفة فضائح يابانية تجتاح 3 وزيرات عيّنهن آبي

استقالة وزيرتين من حكومة آبي ضربة قوية لتمكين المرأة في اليابان - أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

انتكاسة كبيرة حدثت لبرنامج رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، في موضوع تمكين المرأة، فقد اضطر، أخيراً، إلى الاعتذار للشعب الياباني عن مجموعة فضائح أودت بوزيرتين في حكومته ودفعتهما للاستقالة بسبب فساد مالي، وبثالثة إلى تبرير تأييدها لكتاب يشيد بأدولف هتلر، بينما كان يعتمد على تعيينه عدداً قياسياً من النساء، ضمن تشكيلته الحكومية الأخيرة، لكسب المزيد من الشعبية.

ورأت صحيفة «تايمز» البريطانية في استقالة وزيرتين من أصل خمس وزيرات، عينهن آبي بنفسه، ووصفهن بأنهن «جرعة من الهواء النقي» في اليابان، ضربة قوية للخطوة التي اتخذها لإظهار التزامه بتعزيز وضع المرأة، لاسيما مع الكشف أخيرا عن أن بعضهن محافظات جدا تناهضن إعطاء حقوق وفرص متساوية للنساء، ولديهن ارتباطات مع النازيين الجدد.

وقد استقالت أولا وزيرة التجارة والصناعة البالغة من العمر 40 عاما يوكو أبوتشي، التي كانت هناك تلميحات إلى أنها قد تصبح رئيسة وزراء اليابان الأولى، وسط مزاعم بأنها استخدمت المال السياسي لشراء مواد تجميل ولتدفع لمؤيديها تذاكر لحضور مسرحيات. ووجهت إليها اتهامات أيضا بإنفاق أموال الحملة الانتخابية على شركات يديرها أنسباؤها.

هدايا زهيدة

وبعدها بساعات، تنحت وزيرة العدل ميدوري ماتسوشيما البالغة من العمر 58 عاما، بسبب توزيعها آلاف المراوح الورقية التي يبلغ ثمن الواحدة منها 45 بنساً، على الناخبين، وذلك بعد أن رفع الحزب الديمقراطي المعارض دعوى جنائية ضدها، متهما إياها بانتهاك القوانين التي تمنع السياسيين من منح هدايا للناخبين في اليابان.

ومما قاله آبي على سبيل الاعتذار من الشعب الياباني: «أنا من قام بتعيينهما، وبصفتي رئيس وزراء اليابان، فإنني أتحمل هذه المسؤولية، واعتذر بشدة عن هذا الوضع».

وكانت أبوتشي تتطلع إلى حياة مهنية سياسية طويلة، فهي مثل آبي ابنة وحفيدة سياسيين، وقد ورثت مقعدها عن والدها الراحل رئيس الوزراء الياباني الأسبق كيزو ابوتشي. وقالت أخيرا دون الإقرار بارتكابها أي خطأ: « تقبلوا خالص اعتذاري لعدم قدرتي على المساهمة على الاطلاق، فمن غير الجائز أن أعطل سياسات اقتصادات خاصة بالطاقة بسبب مشكلاتي».

وتأتي استقالة الوزيرتين أخيرا، فيما يحاول آبي تسويق سياستين تفتقران إلى الشعبية، وهما رفع ضريبة المبيعات وإعادة تشغيل المفاعلات النووية التي أغلقت بعد كارثة فوكوشيما عام 2011. وقد سارع إلى ملء المنصبين، فحلت يوشي ميازاوا وهي قريبة رئيس وزراء سابق آخر، محل وزير التجارة والصناعة. أما وزيرة العدل الجديدة فامرأة أخرى تدعى يوكو كاميكاوا.

ورأت صحيفة «تايمز» في سرعة استقالة الوزيرتين من منصبيهما محاولة لحرمان المعارضة من أي ذخيرة للهجوم على حكومة آبي، لاسيما وأن حكومته الأولى أسقطت بعد سنة فقط من تشكيلها في عام 2006، بسبب فضائح حكومية أدت إلى استقالة عدد من الوزراء وانتحار أحدهم، كما استقال آبي نفسه بعد سنة واحدة فقط في وجه انسداد برلماني وتراجع التأييد الشعبي. ويعتقد أن حدوث المزيد من الاستقالات قد يطرح تساؤلات بشأن مستقبله ومستقبل حكومته.

وآبي منذ عودته إلى السلطة في عام 2012، وعد بزيادة مشاركة النساء في الحياة العامة. ودعاهن « المورد الأقل استخداما في اليابان» ووضع هدفا يكمن بالوصول بالمرأة إلى احتلال نسبة 30% من مناصب الأعمال والسياسة بحلول عام 2020. وقال: «عددهن ليس مهماً، لكن وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وأنا أرغب كثيرا بأن يعملن من وجهة نظر نسائية».

ارتباطات مشبوهة

لكن هذه التعيينات سرعان ما أتت بنتائج سلبية، وإحراج رئيس الوزراء الياباني ذي النزعة القومية لم يتوقف هنا، ففي غضون أيام معدودة، أصدرت اثنتان منهن توضيحا للشعب الياباني بعد نشر صورهما على مواقع إلكترونية التابعة للنازيين الجدد، غير أنهما لم تستقيلا.

كما تبين بعد ذلك أن وزيرة الداخلية ساناي تاكايتشي كانت قد أعلنت تأييدها الحماسي لكتاب يشيد بأسلوب أدولف هتلر في الفوز بالانتخابات، في عام 1994، وذلك في دعاية للكتاب نشرتها إحدى المجلات وكان يجري تداولها أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتاكايتشي كان عليها أيضا إنكار أي علاقة بـالمتطرف اليميني «كازوناري يامادا» المؤيد للنازية بعد أيام من تعيينها، مع ظهور صورة لهما على إحدى المواقع الإلكترونية التابعة لليمين المتطرف.

الكتاب الفضيحة

الفضيحة التي تطال وزيرة الداخلية اليابانية ساناي تاكايتشي تعود إلى عام 1994، عندما ظهرت صورتها في دعاية لكتاب يشيد بسياسة أدولف هتلر في كسب الناخبين. والكتاب تحت عنوان: «استراتيجية هتلر للانتخابات : مرجع لفوز مؤكد في الانتخابات الحديثة» كان قد سحب من قبل مؤلفه، يوشيو آجاي، وهو مسؤول في حزب آبي، الحزب الليبرالي الديمقراطي، بعد أسابيع قليلة من نشره.

وأفيد بأنه يحتوي على رسوم كرتونية لهتلر وهو يبتسم، ومقتطفات مطولة من كتابه «كفاحي» من تأليف هتلر، وبالكاد يشير إلى الحرب العالمية الثانية، بل يحوي على «تعليمات مهمة جدا في الطريقة التي وحد بها هتلر الرأي العام في فترة قصيرة من الزمن وانتزع السلطة».

Email