سلسلة اعتمدت في أحداثها على كتاب لأمين معلوف

دمى متحركة تروي التاريخ في »كباريه الحروب الصليبية«

ت + ت - الحجم الطبيعي

الصمت والتركيز هو كل ما تحتاجه، عندما تكون في حضرة سلسلة أفلام «كباريه الحروب الصليبية» التي أخرجها الفنان المصري وائل شوقي، وعرضتها، أول من أمس، مؤسسة الشارقة للفنون، في سينما سراب المدينة المفتوحة والواقعة بين المباني القديمة، خلف مسجد الزهراء، بالشارقة، لنكتشف من خلال متابعتنا لهذه السلسلة، كيف تمكن شوقي باستخدام الدراما والغناء، من الكشف عن بعض من جوانب التاريخ، لتبدو السلسلة درساً في التاريخ ولوحة فنية جميلة.

«كبارية الحروب الصليبية: ملف عرض الرعب»، هو عنوان الجزء الأول من السلسلة، الذي قدم فيه شوقي عام 2010 عرضاً تاريخياً للحروب الصليبية، مستوحياً إياه من كتاب أمين معلوف الصادر في 1986 تحت عنوان «الحروب الصليبية كما رآها العرب»، ليعيد شوقي في فيلمه تمثيل الأحداث التي وقعت خلال الفترة من 1096 وحتى 1099، ولعبت دوراً رئيسياً في التطورات التاريخية اللاحقة، لتهز من خلالها مركز العالم العربي وعلاقته مع الغرب.

فيما جاء الجزء الثاني في عام 2012 تحت عنوان «كباريه الحروب الصليبية.. الممر إلى القاهرة»، حيث يعد هذا الفيلم تفسيراً أسطورياً للحملة الصليبية العسكرية الثانية التي شنها مسيحيو الغرب على القدس والأراضي المقدسة.

ولعل المميز في سلسلة شوقي هذه التي تصل إلى 4 أجزاء، هو استخدامه الدمى المتحركة، التي يعيدنا من خلالها إلى مرحلة تاريخية لاتزال تثير الكثير من الجدل، لتحول هذه الدمى أحداث الفيلم إلى لوحة فنية متحركة، يقدمها شوقي في تجربة سينمائية مختلفة، تتسم بأجواء من السريالية الذي يمزج فيه بين الدراما والسخرية.

فخلال الفيلم، لا بد لمشاهده أن يستشعر طبيعة الأسئلة التي يثيرها شوقي، حول الدوافع الاجتماعية والاقتصادية التي وقف وراء ما يسمى «الحروب المقدسة» التي لاتزال آثارها واضحة في العلاقات بين العالمين الإسلامي والغربي، لتدفعنا طبيعة الأحداث والصور النمطية وجمالية الدمي المستخدمة في مشاهد الفيلم المختلفة، إلى التفكير في مسألة كتابة التاريخ، على اعتبار أن «التاريخ قد كتب بوجهات نظر مختلفة، ما يتطلب منا الحذر عند قراءته».

وهي القاعدة التي تبدو جليه في أحداث حصار القدس التي لا أحد يعرف من يحرك خيوطها، رغم ما يحضر في المشهد من شخصيات، لتنتقل الأحداث من بعدها نحو مدن حلب ودمشق وبغداد في مسرح مصور يجمع بين الدراما والغناء بأصوات جميلة تقدمها فرقة بحرينية، لتكشف، بالإضافة إلى فصول حرب مدمرة، طبيعة تعامل العرب مع التهديد الصليبي.

ورغم إشكالية الموضوع الذي تطرقت إليه السلسلة التي سبق للجزء الثاني منها المشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان مارسيليا السينمائي 2012، إلا أنه يمكن اعتبار أنها تحولت إلى درس في التاريخ ولوحة فنية جميلة في الوقت نفسه.

حيث تمتع الفيلم بسيناريو جيد وموسيقى رائعة، وتم فيه استعمال الدمى بطريقة فنية راقية، لتحكي لنا قصة صعبة، تتمكن في نهايتها من إيصال فكرتها الأساسية إلى الجمهور وتدفعهم إلى البحث والتساؤل، لاسيما وأن الفيلم يعتمد في قراءته للتاريخ على وثائق ووقائع ملموسة مصدرها كتاب اللبناني أمين معلوف.

 

عشق الطيور

 

«الفرسان يعشقون الطيور وحكايات أخرى» هو عنوان معرض الفنان وائل شوقي الذي تستضيفه حالياً مؤسسة الشارقة للفنون، ويقام في بيت العبودي وبيت غلوم إبراهيم، الذي يسلط فيه شوقي الضوء على اهتمامه في كيفية إعادة كتابة التاريخ وتوثيقه وتفسيره عبر سلسلة من أشرطة الفيديو والأعمال التركيبية والمنحوتات والرسومات، بما في ذلك عمله الجديد (العرابة المدفونة 2)، الذي أنتجته مؤسسة الشارقة للفنون بالتعاون مع فينر فيستوشين.

Email