أزواج وزوجات تناسوا هذا اليوم

عيد الزواج احتفالية تخبو

ت + ت - الحجم الطبيعي

البعض لم يتخلف عاماً عن هذا الطقس، وظروف الحياة جعلت آخرين يتجاهلونه أو يعودون إليه حسب الحالة، ومن بينها ما يسميه البعض «عيد الزواج»، والذي كان قبل سنوات قليلة محل اهتمام الكثير من الأزواج، بل كانت له طقوس خاصة، فينما كان البعض يحتفل بتلك المناسبة في المنزل توفيرا للنفقات، يتجه البعض الآخر للاحتفال به في الفنادق والصالات وسط المقربين والأصدقاء، والأهم من ذلك أنه كان يتم الإعداد لهذه الاحتفالية مبكرا، حيث يفكر كل من الطرفين في طريقة مبتكرة لتلك المناسبة واختيار الهدية المناسبة لها..

 

ولكن ـ حالياـ توقف الكثيرون في مجتمعاتنا العربية عن الاحتفال بعيد زواجهم، بل بعضهم لا يذكر حتى تاريخ هذا الزواج.. وإن كان البعض من الأزواج في مصر والدول العربية ـ وهم قلة ـ لايزالون مهتمين بالاحتفال بتلك المناسبة حتى بعد تخرج أبنائهم في الجامعات مثل د.أحمد الصاوي وزوجته أمنية.

ود.الصاوي الذي يبلغ من العمر 64 عاما، قال إنه احتفل بعيد زواجه الـ39 في أكتوبر من العام الماضي، مشيرا إلى أنه لم يتخلف عاما واحدا عن هذا الاحتفال الذي يتبادل فيه الهدايا مع زوجته.

وحول كيفية الاحتفال بعيد زواجهما، أوضح أنه وزوجته كانا يحتفلان في السنوات الأولى من زواجهما احتفالا يبدأ في الثامنة مساء، وقال: هذا التوقيت لم يتغير إلى الآن، نلتقي في صالة الشقة ونضع أمامنا تورتة عليها شمعة واحدة وبجوارها أكواب من العصير، وعلى صوت الكاسيت والأغاني الرومانسية الهادئة نرقص قليلا، وفى الساعة العاشرة مساء نخرج إلى أحد الفنادق لنكمل احتفالنا الثنائي على مائدة العشاء، وأثناء ذلك أقدم لها هديتي، وغالبا ما تكون من الذهب، بينما هي تقدم لي شيئًا مختلفًا في كل مرة..

ويواصل الزوج: لا أزال أذكر أول عيد لزواجنا، حيث قدمت لي زوجتي ولاعة مطلية بماء الذهب، وبعد أن كبر الأولاد فضلنا أن يكون احتفالنا مختصرا لا يزيد على ساعتين يبدأ في الثامنة مساء وحتى العاشرة مساء في أحد الفنادق أو المطاعم الراقية، لكن من الطريف أن الأولاد اعتادوا في اليوم التالي لاحتفالنا سؤالنا عن الهدايا المتبادلة بيننا ليعرفوا أذواقنا ويضحكون.

 

الحالة المزاجية والمادية

أما السيد أحمد إبراهيم ويعمل في مهنة التدريس، فيقول: كنا في السنوات الأولى من زواجنا نحتفل بتلك المناسبة، لكن ظروف الحياة جعلتنا نتجاهلها لفترات ونعود ونحتفل وقت ما نريد حسب الحالة المزاجية والمادية.

وأضاف: نحن أبناء الطبقة المتوسطة قد تحول ظروفنا الاقتصادية عن إقامة احتفالية بعيد زوجنا حتى ولو اقتصرت علينا كزوجين؛ لأننا في أول عيد زواج قبل 14 عاما احتفلت مع زوجتي في أحد الفنادق، وبعدها بدأنا نحتفل في منزلنا لمدة ثلاثة أو أربعة أعوام لا أذكر، وبعدها توقفنا لعدة سنوات بعد المولود الأول، والآن توقفنا تماما، بل في كثير من الأحيان لا نتذكر تلك المناسبة، وحتى زوجتي لا تسألني عن هذا اليوم، ولا أدري إذا كانت المشاعر لها دور في ذلك أم هذا النوع من الاحتفالات عادة دخيلة على مجتمعنا؟.

 

الحب يتراجع

تجربة أخرى يرويها محمود شفيق ـ موظف ـ فيقول: تزوجت منذ 9 سنوات، واحتفلت بهذه المناسبة في العامين الأولين فقط، ثم توقفت بعد ذلك، وأضاف: عيد الزواج يعني عيدًا للحب وإحياء لذكرى الارتباط، ولكن وجدت في العام الثالث لزواجنا أن هذه الاحتفالية مهما كانت بسيطة تحتاج إلى ميزانية، واكتفيت بتقديم هدية في العيد الثالث، أذكر أن ثمنها كان 9 جنيهات وهي برواز لصورة لزوجتي كانت قد التقطت لها في إحدى المناسبات، بينما هي لم تقدم لي هدية، ولم أهتم بذلك؛ لأن العام الثالث هذا شهد أول مولود لنا، وكانت ميزانيتنا سيئة جدا، وبعدها لم أحتفل ولم أقدم أو تقدم لي هدية، ونسينا هذا الأمر تماما..

واستطرد شفيق: ظروف الحياة قاسية؛ ومع زيادة عدد الأطفال تزداد الضغوط الاقتصادية، وكلما تضيق بنا الحياة يتراجع الحب وتصبح الحياة الرومانسية أقرب إلى المستحيل.

 

مشاعر متجددة

فيما ترى سامية عبد السيد، أن الاحتفال بعيد الزواج أمر مهم جداً، وقالت: أنا متزوجة منذ 12 عاما، كنا نحتفل احتفالا بسيطا ونقدم الهدايا لبعضنا البعض، ولكن في السنوات الأخيرة اقتصر احتفالنا على العشاء فقط داخل المنزل، وقد أقدم له هدية بسيطة، وهو كذلك..

تضيف سامية: احتفالنا هذا لا يستغرق نصف الساعة، ولكن كنت أشعر دائما بأن هذا الاحتفال الصغير يجدد كثيرًا من المشاعر؛ لأننا في هذا اليوم نعبر عن مشاعر يصعب علينا التعبير عنها في غير هذا اليوم في ظل ضغوط الحياة، نحن لم نتوقف عن الاحتفال بهذا اليوم، ولكن اختصرناه تماما في نصف ساعة، ولا يكلفنا ذلك سوى 50 جنيها ثمن هدية متواضعة ولكن معناها كبير.

 

قيمة معنوية

هنا يرى الباحث الاجتماعي عبدالستار إبراهيم، أن الاحتفال بعيد الزواج ـ وإن لم يكن سائدا في كل الأوساط ـ، لكن له قيمة معنوية كبيرة، ويمكن أن يتم الاحتفال به على نحو بسيط يتم التركيز فيه على ما يغسل النفوس من مشاكل كثيرة من خلال استعادة الذكريات الجميلة بين الزوجين، خاصة المواقف التي كانت قبل الزواج في فترة الخطوبة أو في العام الأول من الزواج، لافتا أن هذا يعيد الروح الأولى للطرفين ويذكرهما بمحاسن بعضهما البعض، لذلك من الأفضل أن يكون الاحتفال مقتصرا على الطرفين، يتم خلاله تبادل الهدايا لما لها من قيمة معنوية كبيرة، خاصة أن لكل هدية معنى.

ومع ذلك، يشير الباحث الاجتماعي إلى توقف البعض عن الاحتفال بعيد الزواج، لأسباب عديدة، منها ضغوط الحياة والاهتمام بتربية الأبناء، وتلبية متطلباتهم التي تخلق كثيرًا من المشاكسات، وأحيانا الخلافات بين الزوجين؛ ما يجعل الطرفين زاهدين تماما في إقامة مثل هذه الاحتفالية. فيما يتأثر البعض الآخر من الأزواج بالبيئة التي يعيش فيها، وغالبا يجد أفرادها لا يهتمون بهذه الثقافة؛ ما يجعله غير متحمس للاحتفال بهذه المناسبة، ولكن في أغلب الأحيان قد يكون الحب خرج من حياة الزوجين وبقيت العشرة مع استمرار الحياة بينهما في ظل كل الظروف.

 

لحظات جميلة

في الاتجاه ذاته، أكدت الباحثة الاجتماعية فاطمة علي أحمد، أن البعض يتعاملون مع مناسبة عيد الزواج كظاهرة دخيلة، والبعض الآخر يراها تتناسب مع مجتمعات أخرى تتوافر لها كل الظروف التي تجعلهم يحتفلون بها، ولكن في كل الأحوال فإن الاحتفال بعيد الزواج يعد مناسبة طيبة للزوجين؛ ليغسلا من خلالها همومًا ومشاكل قد تكون عالقة في نفسيهما، وتسهم كذلك في تمتين علاقتهما العاطفية بشكل كبير، ولكن من الأفضل عند الاحتفال الابتعاد تماما عن مناقشة أي مشاكل أو قضايا خلافية تتعلق بالتزامات الأسرة أو تتعلق بالأبناء حتى لا تفسد هذه اللحظات الجميلة، وحتى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة من الممكن للزوجين الاحتفال بهذه المناسبة داخل غرفتهما بتقديم هدايا بسيطة والتعبير عن مشاعر طيبة.

 

Email