مسافات

اليب..الحجر الجبلي ذو القلب العميق

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يلتقط عبد الله ربيع مفردات الحياة في الإمارات، متشبثاً بالأشياء في مسافاتها الأكثر حضوراً في ماضي الزمان، حيث الأصالة والوفاء لكل ما رفد الشعب الإماراتي بالحياة، عبر الدهور والأجيال.
«البيان» تقدم هذه المساحة ليحكي بعدسته عفوية وتفاصيل ووجوه تلك الخصوصية الفولكلورية، لإبقائها حية في ذاكرتنا، صوناً لميراثنا التليد الذي نستمد منه الطاقة الملهمة نحو المستقبل.

عبقرية الإنسان في هذه الأرض الطيبة استطاعت طوال قرون مضت أن تطوع الظروف وتروض البحر واليابسة وحتى صم الصخور جرى تطويعها لصنع الحياة بأقصى ما يستطيع من الإرادة والعزم، من دون تفريط في منظومة القيم الأخلاقية «السنع» قيد أنملة، وهذا ما ميز شعب الإمارات طوال الزمان الممتد.


ولقد كانت الطبيعة شحيحة الموارد يوماً، ورغم ذلك احتضن الإماراتيون القدامى هذا الواقع بحلوه ومره، وحولوا المستحيل إلى ممكن، ومما فعلوه أنهم اتخذوا من الحصى «الحجارة» بيوتاً ومعايير ميزان، ورحى تطحن، وأدوات مساعدة في عمليات الصيد والغوص من أجل اللؤلؤ.


و«اليب» يأتي في هذا السياق الاستثماري للفرص المتاحة، مهما بدت شحيحة أو قاسية، إذ يجري تجويف نوع خاص من الصخر الأملس الذي تجود به جبال الإمارات ويصلح لأن يصمد تحت الطرق القوي، من أجل سحن القهوة، ليفوح عبقها مجالس الأجداد، إضافة إلى هرس البهار والملح الحجري وغير ذلك، وكانت اليد التي يدق بها داخل اليب من الصخر أيضاً، ويجري نحتها وتشذيبها بحيث تؤدي المهمة بسلام وأمان وكفاءة عالية، ويطلق على هذه اليد «السَفَن»، ولاحقاً تم استبدال سفن الحصى بالرشاد «اليد المعدنية».


أسر إماراتية عديدة ما تزال تحتفظ بتلك الأدوات البسيطة من باب العرفان والامتنان وباعتبارها تمثل ماضيهم الذي عاشه السابقون برضا تام، وعشق مخلص تجاه الحياة، فشكراً جزيلاً لأشيائنا القديمة التي منحتنا قوة التشبث بأرضنا ووطننا وهويتنا.

 

Email