حديث الروح

ت + ت - الحجم الطبيعي

أمّا الخَيالُ، فإنّهُ لمْ يَطْرُقِ

إلاّ بعُقْبِ تَشَوّفٍ، وَتَشَوّقِ

قد زَارَ مِنْ بُعدٍ، فَبَرَّدَ من حشاً

ضَرِمٍ، وَسَكّنَ من فُؤادٍ مُقْلَقِ

وَلَرُبّما كانَ الكَرَى سَبَباً لَنَا

بَعدَ الفِرَاقِ، إلى اللّقاءِ، فنَلتَقي

***

مُتَذاكرَانِ على البِعَادِ، فَما يني

يُهْدي الغَرَامَ مُغَرِّبٌ لمُشَرِّقِ

صَدَقَتْ محَاسِنُهُ، فصَارَتْ فتنةً

للنّاظِرينَ، وَوَعْدُهُ لمْ يَصْدُقِ

أأُفيقُ مِنْ شَجَنٍ لعَقْلي خَابِلٍ

وَأصُدُّ عَنْ سَكَنٍ بقَلبيَ مُلصَقِ

***

قد رَابَني هَرَبُ الشّبابِ، وَرَاعني

شَيْبٌ يَدُبُّ بَياضُهُ في مَفرِقي

إمّا تَرَيّني قد صَحوْتُ من الصّبَا

وَمَشَيتُ في سَننِ المُبلّ المُفْرِقِ

وَذَكرْتُ ما أخذَ المَشيبُ فأرْسلتْ

عَيْنايَ وَاكِفَ ديمَةٍ مُغرَوْرِقِ

فَلَقَدْ أرَاني في مَخيلَةِ عَاشِقٍ

حسنِ المكانةِ، في الحِسانِ مُعشَّقِ

 

شاعر عباسي (820 - 897 م)

Email