حديث الروح

ت + ت - الحجم الطبيعي

أضْحَى التّنائي بَديلاً عنْ تَدانِينَا

وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا

ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا

حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا

مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ

حُزْناً، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا

أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا

أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا

فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا

وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا

وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا

فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا

يا ليتَ شعرِي، ولم نُعتِبْ أعاديَكم

هَلْ نَالَ حَظّاً منَ العُتبَى أعادينَا

لم نعتقدْ بعدكمْ إلاّ الوفاء لكُمْ

رَأياً، ولَمْ نَتَقلّدْ غَيرَهُ دِينَا

ما حقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ

بِنا، ولا أن تَسُرّوا كاشِحاً فِينَا

كُنّا نرَى اليَأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه

وَقَدْ يَئِسْنَا فَمَا لليأسِ يُغْرِينَا

بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا

شَوْقاً إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا

نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا

يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا

حَالَتْ لِفقدِكُمُ أيّامُنا، فغَدَتْ

سُوداً، وكانتْ بكُمْ بِيضاً لَيَالِينَا

 

من قصيدة ( أضْحَى التّنائي)

ابن زيدون

شاعر أندلسي ( 1003 - 1070 م)

Email