حديث الروح

ت + ت - الحجم الطبيعي

يا لَيْلَ الصَّبِّ مَتَى غَدُهُ

أَقِيَامُ السَّاعَةِ مَوْعِدُهُ

رَقَـدَ السُّمَّـارُ فَأَرَّقَـهُ

أَسَفٌ للبَيْنِ يُرَدِّدُهُ

فَبَكاهُ النَّجْمُ ورَقَّ لـهُ

ممّا يَرْعَاهُ ويَرْصُدُهُ

كَلِفٌ بِغَزَالٍ ذي هَيَفٍ

خَوْفَ الوَاشِينَ يُشَرِّدُهُ

نَصَبَتْ عَيْنَايَ لَهُ شَرَكَاً

في النَّوْمِ فَعَزَّ تَصَيُّدُهُ

وَكَفَى عَجَبَاً أنِّي قَنِصٌ

للسِّرْبِ سَبَانِي أَغْيَدُهُ

صَنَمٌ للفِتْنَةِ مُنْتَصِـبٌ

أَهْوَاهُ وَلا أَتَعَبَّـدُهُ

صَاحٍ والخَمْرُ جَنَى فَمِهِ

سَكْرَانُ اللَّحْظِ مُعَرْبِدُهُ

يَنْضُو مِنْ مُقْلَتِه ِ سَيْفَاً

وَكَأَنَّ نُعَاسَاً يُغْمِـدُهُ

فَيُرِيقُ دَمَ العُشَّاقِ بِـهِ

والويلُ لِمَنْ يَتَقَلَّـدُهُ

كَلاّ، لا ذَنْبَ لِمَنْ قَتَلَتْ

عَيْنَاهُ وَلَمْ تَقْتُلْ يَـدُهُ

يَا مَنْ جَحَدَتْ عَيْنَاهُ دَمِي

وَعَلَى خَدَّيْهِ تَـوَرُّدُهُ

خَدَّاكَ قَدْ اعْتَرَفَا بِدَمِي

فَعَلامَ جُفُونُكَ تَجْحَدُهُ

إِنِّي لأُعِيذُكَ مِنْ قَتْلِي

وَأَظُنُّكَ لا تَتَعَمَّـدُهُ

بِاللهِ هَبِ المُشْتَاقَ كَرَىً

فَلَعَلَّ خَيَالَكَ يُسْعِـدُهُ

مَا ضَرَّكَ لَوْ دَاوَيْتَ ضَنَى

صَبٍّ يُدْنِيكَ وَتُبْعِـدُهُ

لَمْ يُبْقِ هَوَاكَ لَهُ رَمَقَاً

فَلْيَبْكِ عَلَيْهِ عُـوَّدُهُ

وَغَدَاً يَمْضِي أَوْ بَعْدَ غَدٍ

هَلْ مِنْ نَظَرٍ يَتَزَوَّدُهُ

 

من قصيدة (يا ليل الصب)

علي بن عبد الغني الفهري الحصري

شاعر تونسي قيرواني (1029 - 1095 م)

Email