حديث الروح

ت + ت - الحجم الطبيعي

نعاءِ عليهِ أيها الثقلانِ

فَقَدْ أَقْصَدَتْهُ أَسْهُمُ الْحَدَثَانِ

مَضَى، وَأَقَمْنَا بَعْدَهُ فِي مَآتِمٍ

عَلَى الْفَضْلِ نَبْكِيهِ بِأَحْمَرَ قَانِ

فلا عينَ إلاَّ وَهيَ بالدمعِ ثرة ٌ

وَلاَ قلبَ إلاَّ وَهوَ ذو خفقانِ

حِفَاظاً وَإِشْفَاقاً عَلَى مُتَرَحِّلٍ

خَلَتْ أَرْبُعٌ مِنْ شَخْصِهِ وَمَغَانِ

فقدناهُ فقدانَ الظماءِ شرابهمْ

بِدَيْمُومَةٍ وَالْوِرْدُ لَيْسَ بِدَانِ

فيا للعلى! كيفَ استبيحَ ذمارها

وَلِلْفَضْلِ إِذْ يُرْمَى بِهِ الرَّجَوانِ

لعمري، لقدْ هاجَ الأسى بعدَ فقدهِ

بِنَا لَوْعَةً لاَ تَنْثَـنِي بِعِنَانِ

ضَمَانٌ عَلَى قَلْبِي صِيَانَةُ عَهْدِهِ

وَمَا خَيْرُ قَلْبٍ لاَ يَفِي بِضَمَانِ؟

تَخَلَّى عَنِ الدُّنْيَا، وَأَبْقَى مَآثِراً

يُقِرُّ لَهَا بِالْفَضْلِ كُلُّ لِسَانِ

فإنْ يكُ أودى، فهوَ حيٌّ بفضلهِ

وَمَنْ كَانَ مَذْكُوراً فَلَيْسَ بِفَانِ

وَأَيُّ امْرِئ يَبْقَى؟ وَدُونَ بَقَائِهِ

نهارٌ وَليلٌ بالردى يفدانِ

ألاَ قاتلَ اللهُ الحياة؛ فإنها

إِلَى الْمَوْتِ أَدْنَى مِنْ فَمٍ لِبَنَانِ

إِذَا مَا بَنَانَا الدَّهْرُ ظَلَّتْ صُرُوفُهُ

تهدمنا، والدهرُ أغدرُ بانِ

تخادعنا الدنيا؛ فنلهو، وَلمْ نخلْ

بأنَّ الردى حتمٌ على الحيوانِ

 

 

من قصيدة «نعاءِ عليهِ»

شاعر مصري (1839- 1904)

Email