«العيالة» شاهد على المدرسة العسكرية القديمة بحذافيرها
سعيد الحداد: الفن الأصيل له ثوابت وخصوصيات
الإمارات العربية المتحدة شأنها شأن بقية الدول لها فنونها المتعددة والمتلونة في آنٍ، وإذا تحدثنا عن الفن الأصيل فله ثوابت وخصوصيات وأصول معينة وأصيلة بعروبتها.. هكذا قال الدكتور سعيد الحداد مدير معهد الشارقة للتراث فرع كلباء لـ«تغرودة»، خلال مساق خاص بالفنون الشعبية حاضر فيها، وفيما يلي نص الحوار..
حدثنا عن أهم الفنون الأصيلة الإماراتية؟
الفنون الأصيلة: (العيالة) و(الآه الله) و(الرواح) والذي يسمى بالأصل الفر وهناك (الرزفة)، وهذه الفنون تنتمي إلى المدرسة العربية بلغتها وأسلوبها وأدائها والفنون في الإمارات تنقسم إلى أصيلة ومشتركة وفنون جاءت من أقدم الزمان.
ما الفرق بين هذه الفنون ؟
في الفنون الأصيلة هناك فروق ولكن هناك تشابه في الشكل إلى حد معين ولكل منها طريقة وأسلوب ومدرسة والخصوصية التي تميزها، و(العيالة) تؤدى بإيقاعات و(الآه الله) مرتبط بالإيقاع الصوتي، والأداء الحركي يعتمد بصورة أساسية على الصوت.
هل هناك علاقة بين هذه الفنون والمدرسة العسكرية ؟
من يود أن يشاهد أو يرى المدرسة العسكرية القديمة بحذافيرها يشاهد العيالة وهي تجسد فنون المدرسة العسكرية وحينما نتحدث عن المدارس العسكرية هناك دلائل وإشارات نرتكز عليها.
حركات مهمة
على ماذا تدل حركات العيالة ؟
كل الحركات مهمة، فالعيالة تتكون من ثلاثة صفوف أو صفين وفيما بعد الرابع، وإذا تحدثنا عن صفين سيكون هناك ميمنة وميسرة، وإذا تحدثنا عن ثلاثة صفوف فيكون هناك ميمنة وميسرة وقلب، وإذا أضفنا صفاً رابعاً هنا يكون الإطباق، والتشكيل الداخلي للعيالة له أكثر من حركة وأكثر من موقف.
لو نظرنا إلى حركة الارتكاز بالعصي وهو موجود إلى اليوم في المدرسة العسكرية فهناك وقوف ارتكاز في العيالة، ونقل العصا من اليمين إلى اليسار هي حركة تدل على التحدي، وتدل حركة تحميل العصا على الكتف على حركة وضع السلاح على الكتف، وحركة الطعن في الأرض هي حركة الطعن للجندي، وتشكيلات الوقوف والنزول عبارة عن مشي طابور عسكري ويمكن أن يتقدم ليس خطوة إنما خطوات وتتزاحم الصفوف، ويجب أن تتقمص الشخصية العسكرية لا إرادياً والحركات كلها قوة ورجولة وإقدام.
وفي احد البحوث كتبت عن العيالة من الارتكاز إلى الارتكاز، وإذا أخذنا مشهد الجيوش القديمة، نجد طريقة تجميع الجيوش والاستطلاع والكر والفر هذا موجود في العيالة، وحينما يقدم طبل الراس للصف، يوجه الصف الحراب ثم يكسر طبل الراس عن الصف كأنه في حالة كر وعندما واجهته العصي التف ورجع وصار عنده فرار من أجل تنظيم الصفوف الخلفية لكي يعود كاراً على الصف الذي كان به.
قائد ميداني
من المؤدي لطبل الراس ؟
المؤدي لطبل الراس هو القائد الميداني وهذا جانب من جوانب المدرسة العسكرية، وفي العيالة قانون وهناك خيال فني ابداعي لمن جسدوا وحولوا المدرسة العسكرية إلى فن، ومن وظائف المؤدي لطبل الراس أن له الحرية في إصدار الأوامر وإن شعر بخطأ معين أو خطر معين يحق له أن يوقف العرض والأداء كاملاً، وهو شخصية قيادية ولا يمكن تغيير المؤدي لطبل الراس إلا بعد الانتهاء من الكسرة الأخيرة، مثلما القائد الميداني لا يمكن تغييره في حالة الهجوم والمعركة، وفي العيالة لا يمكن الاعتراض على المؤدي لطبل الراس أو تغييره وهو متجه إلى الصف إلا بعد أن ينهي الكسرة الأخيرة وهو يتحلى بشخصية قوية حتى لو كان صغير السن والكبار يحترمون توجيهاته وأوامره.
ما هو فن (الآه الله) ؟
(الآه الله) فن يكمل فن العيالة والعيالة تقام على بر الساحل أي ساحلية ولكن نشأتها بحرية وتؤدى بعد المغرب، و(الآه الله) مدرسة عسكرية أيضاً والحركات فيها عسكرية وهو فن بحري، ويقال نشأت بوجود أناس يمتلكون السفن ويدندنون على ظهرها إلى أن تطورت هذه الفنون وتؤدى بطريقة لحن دون ايقاعات.
وهناك وضعيات الآه الله 3 أو 4 وضعيات، والدليل على أنه فن بحري ان الجلسة الدائرية وتقارب الصفوف ووضعية الغترة وليس العقال، وهذه الوضعيات يستخدمونها في جلسات السمر على ظهور السفن وعلى صدر أو تفر السفينة سواء بوم أو سمبوك.
رزيف
يرى الدكتور سعيد حداد عدة مقترحات لتطوير الفنون الأصيلة في الإمارات، وقال: أتمنى أن يتبنى أحد جانباً من تسجيل المقامات الخاصة بـ (الآه الله) وهي تتجاوز 50 مقاماً، وهي غير موسيقية ويطلق عليها مقام وهو النشيد ومن يؤدي الفنون الأصيلة لا يطلق عليه راقص إنما رزيف.
