«فاشينستات» يروّجن أدوية غير مرخصة على مواقع التواصل

ت + ت - الحجم الطبيعي

من وحي لقبهم كـ «مؤثرين» واستغلالاً لجمهورهم، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي قيام بعض الفاشينستات ومشاهير مواقع التواصل بالترويج لأدوية ومنتجات طبية غير مرخصة وغير مسجلة في الدولة لتصبح اليوم ظاهرة تهدد سلامة المجتمع بحسب ما قال 91 % من المتابعين في استطلاع «البيان» على الشبكات الاجتماعية.

وفي الوقت نفسه، لفتت وزارة الصحة ووقاية المجتمع إلى وجود دوريات افتراضية لرصد المخالفين على الشبكة العنكبوتية.

خسائر معنوية ومادية

«أضعت أموالي ووقتي واشتريت أدوية لم استفد منها تلك التي رميتها لعدم فعاليتها» هكذا عبرت آمنة البناي،28 عاماً، عن تجربتها المريرة مع المنتجات الطبية المغشوشة التي اشترتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن شاهدت إعلاناتها على حسابات الفاشينستات.

رغبة البناي في إنقاص وزنها بطرق سريعة ومضمونة دفعتها لمتابعة الفاشينستات في مواقع التواصل، حيث ظنت في البداية أن ما يتم الترويج له يمتلك مصداقية خاصة بعد أن كانت الفاشينستات تضعن صورا قبل وبعد استخدامهن للمنتجات نفسها.

ومن هناك، بدأت رحلة البناي الشاقة مع هذا العالم فاشترت منتج الحزام الحراري لإنقاص الوزن لكنه لم يحقق أي جدوى ثم التجأت لشراء برنامج التخسيس «كلين 9» أكثر منتجات التخسيس رواجاً على موقع «الانستغرام»، الذي يتضمن عدة كورسات ويزعم بإنقاص حوالي 4 كيلوغرام في الأسبوع. استمرت البناي مع البرنامج لمدة أسبوعين لكنها أوقفته بعد تعرضها للقيء عدة مرات وتسببه بحساسية في الجلد.

وقالت البناي: ما يحدث من تسويق مضلل على مواقع التواصل هو استغلال لمشاعر «المستضعفين» الذين يحلمون بجسم رشيق ومتناسق والفاشينستات بإعلاناتهن الكاذبة يخدعن متابعيهن وأغلب فرائسهن من السيدات.

تكبدت البناي عناء التجربة وفقدان المال فهي خسرت ما يقارب الـ3000 درهم على المنتجات التي اشترتها من مواقع التواصل الاجتماعي.

إعلانات مغرية

براعة في التمثيل وحرفية في الإخراج وإبداع في طريقة العرض.. والهدف إيقاع الجمهور في الشبكات الاجتماعية ضحية فخ الإعلانات التسويقية المغرية التي يسوق فيها المشاهير والفاشينستات لمنتجات طبية ومواد تجميلية على حساب مصداقيتهم وسمعتهم ومهنيتهم.

ووفق محمد قاسم، 32 عاماً، فإنه يتم التسويق للمنتجات الطبية بطريقة جذابة تدفع أي شخص لشراء المنتجات حتى لو كان لا يحتاج لها. قاسم المهتم برياضة اللياقة البدنية انتقد تسويق بعض المشاهير لمنتجات التنحيف وعمليات قص وربط المعدة من نابع تجربة شخصية فقد خسر ما يقارب المئة كيلوغرام خلال عام واحد من دون أي عمليات أو منتجات تخسيس ليصبح وزنه اليوم أقل من 97 كيلوغراما بينما كان 197 كيلوغراما العام الماضي. وأردف أن منتجات التنحيف تسلب الشباب صفات الإرادة والعزيمة والصبر التي تمكنهم من التغلب على هذه المشكلة من خلال ممارسة الرياضية واتباع نظام غذائي صحي ونمط حياة صحي.

وقال: يتم ترويج المنتجات الطبية بطريقة غير سليمة وكأنها تناسب جميع فئات المجتمع فما يستجيب له جسم شخص قد يرفضه شخص آخر، علماً بأن المقابل المادي هو أحد دوافعهم في الترويج.

وبالنسبة للمنتجات التي تدعي أن نتائجها سريعة في إنقاص الوزن، قال قاسم إنه حتى لو كانت النتائج سريعة فإن المستهلك سيكسب بسرعة ما خسرة بسرعة من كليوغرامات علاوة على المضاعفات التي تخفيها.

دغدغة مشاعر

«تدغدغ مشاعر المتابعين وتستغل اهتمامهم بمواضيع الصحة والجمال» بهذه الكلمات شرح الدكتور أنور الحمادي استشاري الأمراض الجلدية ورئيس شعبة الأمراض الجلدية في جمعية الإمارات الطبية أسباب توجه الفاشينستات للتجارة الطبية، موضحاً أن مردودها المادي كبير على المروجين والمراكز الصحية.

وحذر الحمادي الجمهور على شبكات التواصل من الانقياد لمثل هذه الإعلانات التسويقية، مبيناً أن بعض المنتجات التي يروجن لها غير مرخصة وفي حال أثبتت فاعلية مبدئية على صحة المتابع فإن الأخير على غير علم بالمواد السامة التي تحتويها تركيبة هذه المنتجات المغشوشة وما تخبئ له من مخاطر ومضاعفات على صحته مع استمرار استخدامها.

وأكد الحمادي على ضرورة استشارة الطبيب قبل شراء أي دواء من الشبكات الاجتماعية، مبيناً أنه يتلقى الكثير من أسئلة المتابعين على منصة «سناب شات» حول منتجات طبية تسوق لها الفاشينستات ويدعين أنها تساعد في تفتيح البشرة على سبيل المثال.

وأضاف أن أكثر المنتجات التي تروج لها الفاشينستات تتمثل في إبر تبييض البشرة وبعضها غير مصرح به في الإمارات، وكريمات تقشير البشرة وفيتامينات الشعر والبشرة التي بات بعضها يتوفر للجمهور من خلال خدمات التوصيل للمنازل.

قانون يسري على الجميع

أكد الدكتور أمين الأميري الوكيل المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص في وزارة الصحة ووقاية المجتمع أن الوزارة تتعامل مع الإعلانات التسويقية الطبية التي يقوم بها المشاهير في الإعلام الاجتماعي وكافة الجمهور وفقاً لقرار «الإعلانات الصحية» الصادر عن مجلس الوزراء والمستقبل.

وبحسب القرار، لا يسمح بالإعلان عن أي منتج طبي كالأدوية أو المستلزمات الطبية أو المكملات الغذائية ذات الادعاء الطبي أو الإعلان عن طبيب أو مؤسسة صحية إلا بأخذ الترخيص رسميا من خلال الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة ولا يتم الترخيص لهذه المنتجات أو الأشخاص إلا في حال وجود ترخيص سابق لهذا المنتج أو الشخص.

وأوضح الأميري أن القرار يسري على الجميع فلا يحق للمشاهير أو الأشخاص الذي يملكون عددا كبيرا من المتابعين في الشبكات الاجتماعية استغلال هذه الصفة في مخالفة القانون والإعلان عن منتجات غير مرخصة بالطرق غير الرسمية، ويحق للوزارة أن تضع العقوبات المادية والجزائية على المخالفين. وأشار إلى أن الوزارة لديها مراقبون ومفتشون أصحاب الضبطية القضائية يقومون بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات المرئية والمقروءة والمسموعة، حيث يتم تطبيق القانون على أي مخالفة يتم اكتشافها.

وأفاد الأميري أن أكثر المنتجات التي يتم تسويقها عبر شبكات التواصل الاجتماعي هي منتجات تختص بالأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم وأكثرها من منتجات تخسيس الوزن وكذلك منتجات دعم الضعف الجنسي ومنتجات التجميل ومنها منتجات التبييض والتقشير ومنتجات مكافحة الشيخوخة. ولفت إلى أن هذه المنتجات تحمل مضاعفات صحية خطيرة قد تؤدي إلى دخول الشخص إلى المستشفى وقد تؤدي إلى الوفاة في حال كانت هذه المنتجات مغشوشة.

أخلاقيات

لفت البعض ممن تواصلت معهم «البيان» إلى أن المشاهير تحولوا إلى تجار يأخذون نسبة من الأرباح عبر توفير خصومات وعروض خاصة على المنتجات الطبية بأسماء المشاهير.

وأكدوا على أهمية وجود أخلاقيات وضوابط لتنظيم عمليات التسويق والبيع على مواقع التواصل.

رقابة

شدد الجمهور على ضرورة وجود رقابة أكبر على عمليات التسويق والبيع على مواقع التواصل فيما يتعلق بالأدوية غير المرخصة. وقال آخرون إن ما يتم الترويج له لا يقتصر على منتجات تخسيس الوزن وإنما يشمل مستحضرات العناية بالبشرة مثل إبر تجديد النضارة وتفتيح اللون.

وأشاروا إلى أن بعض الجهات التي تبيع منتجاتها تدعي أنها مرخصة من قبل الجهات المختصة لكن في الحقيقة يصعب التأكد من إن كانت شهادة الترخيص أصلية وغير مزورة.

استشارة أهل الاختصاص

رصدت آلاء راشد، 25 عاماً، انتشار ظاهرة ترويج الفاشينستات للمستحضرات الطبية والتجميلية عبر منصة «سناب شات»، وغلبة الإعلانات عن المنتجات الطبية. وقالت إنها تتجاهل تلك الإعلانات وتفضل استشارة أهل الاختصاص فيما يتعلق بأي أمر صحي، فبعض هؤلاء المروجين من المشاهير غايتهم الأولى كسب المال فقط خصوصاً أن بعض الأدوية والمنتجات ذات الادعاء الطبي التي تباع عبر الإنترنت لا تصرف معها فاتورة وتصبح الشكوى عملية صعبة.

وأوضحت أن الخيار في النهاية للمستهلك من ناحية الشراء أو عدمه لكن يلزم الحذر والوعي من ما يتم التسويق له، فالمتابع يجب أن يكون ذكياً وأن لا ينساق وراء الإعلانات الكاذبة التي يفصل بينها وبين المستهلك جهاز موبايل ونقرة زر للشراء.

أحمد السويدي، 34 عاماً، والذي يمضي قرابة الساعتين على موقع «الانستغرام» يوميا أراد التبليغ عن إعلانات طبية تفتقد المصداقية للجهات المعنية لكنه لم يعرف إلى اين يتوجه ومن الجهة المسؤولة عن الموضوع.. هل هو موقع «الإنستغرام» نفسه أو هيئة الصحة أو البلدية أو دائرة التنمية الاقتصادية؟.

وعرج السويدي على لقب «المؤثرين» الذي يطلق على المشاهير والفاشينستات بقوله إن كثيرا من المتابعين يتأثر بما لدى بعضهم من أسلوب متصنع يطرب الآذان حيث إنهم يستغلون حضورهم القوي للترويج لما يمس سلامة الجمهور والمصلحة العامة، مما يحتم سحب هذا اللقب منهم وعدم إعطائهم أهمية في المجتمع.

Email