أيام الشارقة المسرحية تسدل ستار دورتها الـ 27 الليلة

«البوشية» عرض يأسر الجمهور والنقاد

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ اللحظة التي وضع فيها اسماعيل عبد الله كلمته الأخيرة في نص «البوشية»، والمسارح الخليجية لم تكف عن تناوله وترجمته على خشبات أبي الفنون، فبعد أن حط في الكويت، رحل النص نحو قطر ومنها الى قرطاج، ليعود مجدداً إلى موطنه الإمارات.

حيث ألبسه الفنان مرعي الحليان برؤيته الإخراجية، عباءة الحداثة والمعاصرة، ليتواءم النص في مجرياته مع قضايا المجتمعات والعنصرية وقضايا العشق الممنوع، فوافق النص والعرض على حد سواء توقعات النقاد، وتمكن من أسر جمهور أيام الشارقة المسرحية التي تسدل ستائر دورتها الـ 27، الليلة بحفل توزيع الجوائز الذي سيقام في قصر الثقافة.

مرعي الحليان خالف معظم الفرق المسرحية المحلية، باختياره خشبة جمعية المسرحيين لتقديم عرضه، بدلاً من خشبات معهد الشارقة للفنون المسرحية وقصر الثقافة التي شهدت جملة العروض الماضية، ليحلق بنص عبد الله الشاعري في الفضاء المسرحي، لاعباً فيه على وتر العاطفة، حافراً في ذاكرة المكان، من خلال خطابات نفسية واجتماعية عديدة.

عبور سهل

عبور «بوشية» عبد الله والحليان، كان سهلاً في الندوة التطبيقية التي أدارها سامي الجمعان، بحضور الكاتب والمخرج، حيث جاء وصف السوداني محمد سيد أحمد النص بـ«الرائع والمشدود». وقال: «اللغة عند اسماعيل عبد الله متميزة، والقوة في العرض كانت عبارة عن صراع قوى اجتماعية.

وكأنه صراع أجيال إلى جانب الصراع الطبقي». مشيراً إلى أن مرعي وفق في إدارة المجاميع والإيقاعات الهامسة وأداء خالد البنّاي الذي كان متألقاً، منوهاً إلى منح المؤلف للمرأة والموقف السياسي مساحة إضافية، شهدت تحولات الشخصية نحو العقلية الاستبدادية وانتصار المرأة في النهاية.

وعلى ذات النسق جاءت إشادة المصري أحمد صبري غباشي، الذي قال: «عرض قوي وجاد فرض نفسه على الجمهور وحقق الاندماج»، مبيناً أنه لاحظ أن بعض الخطوط الدرامية تتشابه مع مسرحية «أنتجون وكريون»، قائلاً إن «الحليان أدار فريقه بنجاح من منطلق غيرته على العرض»، مؤكداً أن المكان ظلم العرض، وأنه كان يحتاج إلى مكان أكبر وموسيقى مميزة أكثر.

مباراة

أحمد البلوشي اتفق مع زملائه في أن «العرض كان أشبه بمباراة بين فريقين». وقال إن اسماعيل عبد الله يمتاز بكلماته الشاعرية المستمدة من البيئة، وفي الوقت ذاته، نال العرض ونصه إشادة العماني عماد الشنفري، الذي أبدى إعجابه بالنص.

وقال: «تميّز العرض بنصه وإخراجه وفي أداء الفرقة الشعبية الناجح، التي اسهمت في إنجاح العرض سواءً في الحركة أو الصوت أو الإيقاع، وقد تمّ بذل مجهود كبير أثر على إنجاح عناصر العرض الأخرى»، مؤكداً على حميمية العرض وعاطفية النص.

أما الدكتور إبراهيم نوّال من الجزائر، فأشار إلى أن الخطاب والطرح الدرامي في العرض تكاثف حول الحرية، وقال: «المعالجة مهمة كثيراً ولأن الهندسة والتصميم كانت قوية بحضور السينوغرافيا الصوتية والإضاءة». في حين أكدت الكويتية د. إنعام سعود أن مرعي الحليان يستحقّ التقدير، سواء في التمثيل أو الإخراج.

حيث اعتاد على ترك بصمته الإبداعية أينما كان موقعه. وقالت: «البوشية نص تراثي توافرت فيه أسباب النجاح الذي تعزز برؤية المخرج وفريقه، لولا أن العرض قدّم في مكان ضيّق وتكدّس الجمهور الذي تحمّل الوضع وتابع العرض بلهفة».

ونوهت إلى حضور التقنيات من إضاءة وموسيقى وأزياء وحركة الممثلين، ومن ناحية أخرى رأت أن السردية كانت تعبّر عن دواخل الشخصية فتلوّن أداءها بحسب الموقف الشعوري.

دلالة

أوضح مرعي الحليان في مداخلته أن نص «البوشية» ينفتح على كثير من الأسئلة ، وبالتالي يمكن تناوله من زوايا مختلفة كثيرة. وقال: « نص اسماعيل عبد الله يغلب عليه الشاعرية والمفردات ذات الدلالة المختلفة»، مدافعاً في الوقت نفسه عن اختيار المكان، قائلاً: «رغم الاعتراض فقد كان لدي إصرار على قاعة جمعية المسرحيين الاليف ، وأعتقد أننا تجاوزنا القلق وحققنا العرض».

 

Email