رسومات الفنان الجدارية نقدية لاذعة

هوية «بانكسي» الخفية شاغل الناس وهاجس الشرطة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

شغلت هوية الفنان «بانكسي» الغامضة، الناس، وقبلهم الشرطة البريطانية والخبراء الجنائيين، منذ ظهور جدارياته المرسومة في الشوارع أواخر العقد الأول من القرن 21.

وتعيد غموض شخصية الفنان التي حيرت الشرطة، وجعلتهم يقبضون على عدد من المشتبهين ليكتشفوا خطأهم، إلى الأذهان، شخصية «روبن هود» الشهيرة، أو «اللص الظريف» آرسين لوبين، اللذان كانا يسرقان من الأغنياء ليطعما الفقراء.

أما أوجه الشبه بين شخصية هذا الفنان الذي يوقع رسومات جدارياته باسم «بانكسي»، وهاتين الشخصيتين، فيتجلى في روح السخرية النقدية الفنية القريبة من الكوميديا السوداء، التي تحظى بشعبية واسعة، والتي يتناول فيها أحداث الساعة، في ما يرتبط بالسياسة وقرارات أصحاب السلطة والنفوذ، ليختزل في رسوماته رأي العامة من الناس بأسلوب فني، يعكس قدراته وملكاته التي يجمع فيها بين مهارات الفن الواقعي، وفن رسومات الشارع.

هوس المطاردة

ولا يسع المرء إلاّ الابتسام وهو يتابع كم أو عدد المحاولات التي حاولت فيها، إما الشرطة أو الخبراء والأكاديميون أو بعض الصحافيين، كشف هوية هذا الفنان، الذي تثير أعماله في الساحات العامة، وعلى جدران شوارع لندن ومنطقة برايتون الجدل بين متحمس لعبقريته، أو مقتنع بعبثية فنه التخريبي.

وتطالعنا الصحف بين عام وآخر عن خبر يفيد بكشف هوية «بانكسي»، مثل الخبر الذي نشرته صحيفة «ميل أون لاين» عام 2008، حول التخمينات التي تدور في فلك شبكة من المعارف والأصدقاء. منهم من يقول إن اسمه الحقيقي هو روبن بانكس، وكان يعمل قبلها جزاراً، وآخرون يقولون إن عائلته تجهل أنه يملك وجهاً خفياً بصفته فناناً، ومنهم من يذهب إلى أبعد من ذلك، ليقول إن «بانكسي» ليس إلا مجموعة من الفنانين.

القتيل جدار

وكم من مرات ومرات نشرت الصحف خبر إلقاء الشرطة القبض عليه، متلبساً بجريمة التلوين، وسلاح الجريمة البخاخ في يده، بعد نصب كمين له أو مراقبة المنطقة التي يرسم فيها، ليتبين بعدها خطأهم. ومن جملة أخطائهم أنهم قبضوا عام 2015 على فنان بجوار جدارية بانكسي، مؤكدين هويته، وذلك بسبب وجود قلم تلوين في جيب الشاب ريتشارد بفايفر، الذي كان برفقة خطيبته.

وقرر بفايفر رفع قضية على الشرطة، بعد حجزه لهم لمدة 24 ساعة، وعدم التأكد من الأدلة قبل توقيفه، وأولها اختلاف درجة لون الجدارية عن لون قلمه وجفافه. وأثارت مثل هذه التوقيفات والكمائن المعدة له، استياء الجمهور والإعلام، الذي تضمنت انتقادات أن تكلفة مثل هذه الخطط تأتي من الضرائب التي يدفعها الناس، والأجدر أن تسخّر للقبض على مجرمين حقيقيين ومتاجرين بالمخدرات.

الحمار ووثيقته

الشيق أن جدارياته التي يتفاجأ الناس بوجودها، تظهر بين حين وآخر في بلدان أخرى، مثل بيت لحم بفلسطين، ونيويورك وغيرها، لتدخل العديد منها مزادات الفن، كدار «جوليان لفن الشارع»، عبر اقتطاعها من الجدار وشحنها إلى من يرسو عليه المزاد، وإن كان في بلد آخر، ولتصل قيمة البعض منها إلى ما يقرب من مليون جنيه استرليني.

ومن أبرز الجداريات التي دخلت المزادات عام 2015، «وثيقة حمار» في بيت لحم، والتي يصور فيها حماراً واقفاً، وعسكرياً يتفحص وثيقته الثبوتية. وكان «بانكسي» قد رسمها عام 2007، قرب حاجز يفصل الضفة الغربية عن إسرائيل. وكم تملكت الدهشة صاحب البناء، حينما فوجئ بمجموعات من الشباب السياح يتجمعون بجوار مبناه بين الحين والآخر، حتى عرف السبب.

ولا يزال المزاد على هذه الجدارية، التي تعتبر ملكيتها لصاحب المبنى مفتوحاً حتى اليوم، على أن يأخذ المشتري الجدارية بعد اجتزائها وشحنها إلى لندن. كما شوهدت عام 2012 عدة جداريات له في مدينة نيويورك.

فيديو

فاجأ بانكسي عشاق الفنون، بإنزال فيديو على موقعه، صور فيه بيع رسوماته من اللوحات الصغيرة والمتوسطة في كشك صغير بأحد المعارض، ليبيع القطعة شيخاً عجوزاً بقيمة وسطية تقارب 60 دولاراً، في حين تبلغ أقل قيمة لأحد أعماله آلاف الدولارات. ويتميز بانكسي بعشقه لكسر السطح الراكد للأجواء في عالم الفن ومتابعيه.

Email