سفن الإمارات.. أمجاد بحرية سطرتها الأشرعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بثراء تاريخي بحري وأمجاد بحرية سطرتها الأشرعة وسواعد أبنائها، حملوا من خلالها رايات الإمارات عالية خفاقة بين الأمواج مع ارتفاع شراع كل سفينة، حيث يعود تاريخ الملاحة البحرية في الإمارات إلى قرون خلت وعبر سنين طوال، ويعود لأمير البحار الملاح العربي الشهير أحمد بن ماجد الذي ولد في مدينة جلفار في إمارة رأس الخيمة الفضل في إرساء قواعد الملاحة للعالم حيث بقيت آراؤه وأفكاره في مجال الملاحة سائدة في كل من البحر الأحمر والخليج العربي وبحر الصين حتى سنة 903 هجرية.

السفر والصيد

وتميز أهل الإمارات في الماضي بالسفر وصيد السمك والغوص على اللؤلؤ وغيرها من المهن والصناعات البحرية التي أعطت الإمارات بحكم موقعها الجغرافي وتاريخها الحافل مكاناً متميزاً بين الدول ومن أهم هذه الصناعات صناعة السفن.

ونظراً لأهمية البحر في حياة أهل الإمارات فقد تفوق الآباء والأجداد الإماراتيون في صناعة السفن وإتقانها على نحو مكنهم من الإبحار في مهامهم المتعددة ليتمكنوا من الوصول بها شرقاً وغرباً إلى أماكن بعيدة كالصين والهند وشرق أفريقيا.

وحرص أهل الإمارات مثل باقي أهالي دول الخليج العربي على استخدام خشب «الساج» الهندي في صناعة السفن الذي يستعمل كألواح لهيكل السفينة لما يتحلى به من مقاومة الماء وبنية متينة ومقاومات وتيارات مياه البحر.

تنوع

وتنوعت الأدوات المستخدمة في صناعة السفن كما تنوعت هذه السفن فمن هذه الأدوات «الجدوم» فأس من الحديد ذات حافة من فولاذ تستخدم كثيراً في تسوية سطوح الخشب و«المجدح» وهي آلة اسطوانية الشكل ورأسها من حديد مدبب الطرف وحين يدار بالقوس يحدث ثقبا في اللوح قبل تثبيته بالمسامير حتى لا يتشقق اللوح من جراء دق المساير.

ويستخدم «ميزان الماء» للتأكد من استواء قاعدة السفينة على الأرض وأيضاً تستخدم المسامير والمطرقة وكذلك «الفتايل» وهي خيوط قطنية توضع في الفراغات بين الأخشاب بعد دهنها وكذلك هناك «حبال السفن» والمصنوعة من الليف و«النسيج» والمستخدم لصناعة الشراع بالإضافة إلى «زيت الصل» هو الصل وهو زيت يستخرج من سمك القرش وهي مادة لا غنى عنها لطلاء السفينة من الداخل والخارج لتحميها من التآكل والحرارة وتطيل في عمر السفينة.. وأيضاً «الشونة» التي تتشكل من خلط الجير والدهن حيث يتم طلاء الجزء السفلي للسفينة بهدف مقاومة الخشب للملوحة ويدهن داخل السفينة المعروف باسم «الخن» بمادة القار الأسود وذلك منعاً لتسرب المياه إلى داخل السفينة.

صناعة السفن

واشتهر عدد من الرجال الإماراتيين في صناعة السفن في جميع إمارات الدولة التي كانت في البداية متخصصة في صنع السفن متوسطة الحجم التي تستعمل لصيد الأسماك والغوص على اللؤلؤ.. كما كانت هناك سفن وقوارب صغيرة تستخدم للتنقل السريع بين السفن الكبيرة والأخوار والشواطئ داخل الإمارات يطلق عليها الأهالي تسميات مختلفة مثل «الشاحوف والماشوة والهوري واللنج والشاشة» وغيرها وهذه السفن غالباً ما تستخدم للغوص في مسافات قريبة من الشاطئ وأحياناً يتنقل بها الطواويش بين سفن الغوص الكبيرة وهي في مواقع الصيد.

رحلات

واستخدم أهل الإمارات عدداً من السفن في رحلات الصيد والغوص والتجارة ولها أسماء وصفات.. ومهام منها «جالبوت» وهي من السفن المستخدمة في دولة الإمارات وتصنع محلياً وكثيراً ما تستعمل في رحلات الغوص والبحث عن اللؤلؤ وفي الأسفار ونقل البضائع وصيد السمك في الأعماق البعيدة ويتراوح طول «الجالبوت» ما بين 20 و30 قدماً وتبلغ حمولته ما بين 15 و60 طناً، ومن بينها أيضاً «السنبوك» الذي يصنع محلياً ويستخدم في أسفار الغوص وصيد السمك ويبلغ طوله حوالي «60» قدماً وتتراوح حمولته ما بين 25 و60 طناً وكذا «الشوعي» وهي سفينة تصنع محلياً وتستخدم في أسفار الغوص وصيد السمك يتراوح طولها ما بين 40 و60 قدماً وقد دخلت هذه التسمية في دولة الإمارات أواخر ستينيات القرن الماضي ويطلق عليها أحياناً «اللنج» وهذا النوع من السفن هو الشائع في الدولة في الوقت الحاضر وبالتسمية نفسها.

سفن قديمة

وتشمل السفن.. أيضاً سفينة «بتيل» وانقرض هذا النوع من السفن منذ عام 1940 وهو من السفن الخليجية القديمة وهي سفينة متوسطة الحجم ذات شراعين وتستعمل في رحلات الغوص على اللؤلؤ وتتسع لحوالي ثمانين بحاراً فيما يعد «البوم» من أشهر وأفضل السفن التي كانت تنقل البضائع عبر موانئ الخليج العربي وموانئ الهند وباكستان وشرق أفريقيا والتي حلت محل «البغلة» و«الغنجة» طولها ما بين 100 و150 قدماً وحمولتها تتراوح ما بين 300 و750 طناً «جمعها أبوام» والأبوام على نوعين.. بوم سفار للأسفار البعيدة وبوم قطاع ويستخدم للأسفار القريبة في موانئ الخليج العربي، و«البغلة» من السفن القديمة الكبيرة الحجم تستعمل للتنقل بين موانئ الخليج العربي والهند والباكستان وذلك قبل ظهور البوم وتمتاز بمؤخرتها العريضة وحمولتها ما بين 150 و400 طن.

أما «الصمعة» فيتراوح طول البيص فيها بين 20 و30 قدماً والصغير منها لا يتجاوز 20 قدماً تقريباً أما العرض فهو شبيه بالسنبوك ويتراوح بين 15 و17 قدماً تقريباً إلا أنها تختلف عنه في السعة والعمق فهي في حجم الوسط بين الجالبوت والبكارة وهي من أقدم سفن الغوص في الإمارات.. البقارة كانت تستخدم قبل استخدام الشاحوف ويتراوح طول البيص فيها ما بين 30 و40 قدماً والعرض 15 أو 17 قدماً وتحمل من الأشخاص حوالي 20 شخصاً.

قوارب صغيرة

وهناك أيضاً سفن وقوارب صغيرة تستخدم للتنقل السريع بين السفن الكبيرة والأخوار والشواطئ داخل الإمارات يطلق عليها الأهالي تسميات مختلفة مثل «الشاحوف» و«الماشوة» و«الهورى» وغيرها «وهذه السفن غالباً ما تستخدم للغوص في مسافات قريبة من الشاطئ وأحياناً يتنقل بها الطواويش بين سفن الغوص الكبيرة وهي في مواقع الصيد.. الماشوة قارب صغير يستخدم للتردد بين السفينة والساحل لنقل البحارة وبعض الأمتعة الخفية ومؤخرة الماشوة مربعة.. والهوري زورق صغير لا يتسع لعدد يتراوح ما بين ثلاثة وخمسة أشخاص ويصنع من جذع شجرة ويحفر الجذع ويسوى على شكل قارب.. أما الشاحوف فأصغر من البقارة وكانت تستخدم في الصيد ونقل الأغراض الخفيفة والتنقل بين الأماكن المتقاربة والنقل أيضاً من السفن إلى البر.

تواصل

نشأت على شواطئ دولة الإمارات مهن وصناعات أهمها صناعة السفن الخشبية التي توارثها الأبناء عن الأجداد، وحافظوا على أسرارها، وأبدعوا في صنعها.

Email