بداية متفتحة ونهاية مغلقة

أسمهان.. ليالي الأنس في ربوع الغناء

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

صوت كأنه جاء من عالم آخر، تشعر دوماً بأنه يختلف عن كل الأصوات الأخرى، أسمهان الحالة الفريدة في عالم الغناء، حيث السحر والرقي وليالي الأنس، هي امرأة ساحرة، تتصرف وكأنها في زيارة خاطفة للدنيا، تبكي في كل عيد ميلاد لها، قائلة إن هذا هو عيد ميلادها الأخير..

هكذا قال عنها الكاتب الصحافي مصطفى أمين، هي ابنة القصور وسليلة المجد وبنت الذوات، حياتها كانت مزيجاً من الجنون والإبداع، وقد احتفل محرك البحث «غوغل» أول من أمس، بالذكري 103 لميلادها، وسط كثير من التساؤلات التي لم تعرف إجابتها حتى الآن.

اللغز الكبير

وفاتها حتى اليوم تعد لغزاً مستعصياً، لم يستطع أحد فك رموزه، بعدما اختفت الأدلة التي يمكنها أن تدين أحداً. حيث حدثت الواقعة حينما استأذنت من منتج فيلم «غرام وانتقام» الممثل يوسف وهبي للسفر إلى رأس البر من أجل تمضية فترة من الراحة هناك فوافق. فذهبت صباح يوم الجمعة الموافق 14 يوليو 1944م ترافقها صديقتها ومديرة أعمالها ماري قلادة، وفي الطريق ذاته..

وفي نفس المكان الذي انقبض فيه قلبها، فقد السائق السيطرة على السيارة فانحرفت وسقطت في ترعة الساحل، حيث لقيت مع صديقتها حتفهما، أما السائق فلم يصب بأذى، وبعد الحادثة اختفى، لتنتهي بعدها حياة أسمهان إحدى المطربات التي شغلت الناس، حية وميتة.

الخوف من الموت

يذكر أنه في العام 1940 كانت تمر في نفس المكان الذي لقيت فيه حتفها، فشعرت بالرعب لدى سماعها صوت آلة الضخ البخارية العاملة في الترعة، وألقت بقصيدة أبي العلاء المعري (غير مجدٍ) التي لحنها لها الشيخ زكريا أحمد،..

وكانت تتمرن على أدائها حينذاك استعدادا لتسجيلها في اليوم التالي للإذاعة. وقالت للصحافي محمد التابعي رئيس تحرير «مجلة آخر ساعة» والذي كان يرافقها «كلما سمعت مثل هذه الدقات تخيلت أنها دفوف جنازة».

مكانة العائلة

أحبت أن تعيش الحياة بكل تفاصيلها، جاءت للحياة عام 1912 على ظهر باخرة كانت تقل أباها الأمير فهد الأطرش، ووالدتها الأميرة علياء المنذر، وشقيقيها فؤاد وفريد، من تركيا..

حيث كان يعمل الأب، وحملت الاسم «آمال» قبل أن يطلق عليها الملحن المصري داوود حسني الذي كان له فضل اكتشاف موهبتها، حين زار منزلهم ذات يوم وسمع صوتها فبهر به، وتعهدها بالرعاية، ليطلق عليها لقب «أسمهان» وهو لفظ تركي يعني «السلطان» و«الجاه».

«هي فتاة صغيرة ولكنها تمتلك صوت امرأة ناضجة» هكذا وصف الموسيقار محمد عبدالوهاب صوت أسمهان، بعدما ذاع صيتها في عالم الغناء الذي احترفته منذ العام 1931، إلى جانب أخيها فريد، كانت تسعد بالغناء أكثر من سعادتها بما تحصل عليه من مقابل مادي، ولكنها كانت تشعر بالشقاء مع شقيقها فؤاد الذي كان يرى في غنائها إهانة لمكانة عائلتهم.

عاصفة

أحدثت أسمهان في حياتها القصيرة عاصفة مدوية في الغناء العربي، ونافست مطربات عصرها، وعلى رأسهن أم كلثوم. وقد تميزت أسمهان بدقة التعبير وجودة الأداء، ويوصف صوتها بالحنان والدفء وفيه نبرة خاصة وأنوثة واضحة..

ومداه في طبقات الصوت ديوانان وأكثر، على سبيل المثال، في أغنية «يا طيور» دليل واضح على جمال صوتها وإبداعها في الغناء وقدرتها على التعبير في طبقات صوتية عليا من دون نبرات صراخ، ويعد هذا اللحن تطويراً للموسيقى والغناء العربيين وهو من ألحان القصبجي. وفي أغنية «ليالي الأنس» تنتقل أسمهان من انفعال إلى آخر انتقالاً سريعاً يُماشي المعنى واللحن.

لمشاهدة الجراف بالحجم الطبيعي .. اضغط هنا

 

Email