ودعنا مؤخراً تاركاً مُعجماً شعرياً رقيق الألفاظ عذب الاختيار

عيسى بالرهيف..المنافحُ عن قلوب أهل الهوى

ت + ت - الحجم الطبيعي

طابق الاسم المعنى والحال فكان الشاعر الرهيف، المُضمخ بإحساسات الهوى وعذوبة الغزل، وشعرية الوجدان والإحساس وبتلات الشعور، إنه الشاعر عيسى بالرهيف، الذي ودعنا مؤخراً، بعد أن عاش أيامه الأخيرة في صمت، بالرهيف شاعر إماراتي من أبناء دبي، ولد مطلع الأربعينيات، وتتلمذ في أم المدارس؛ المدرسة الأحمدية، نشر قصائده الأولى في «أخبار دبي».

ومع أنه مُقل في الكتابة فقد ترك رصيداً شعرياً، تميز بالجزالة، فجاءت قصائده رقيقة الألفاظ والمعاني عذبة الاختيار في المُعجم الشعري، فكان المُنافح عن قلوب أهل الهوى في غزلياته الرقيقة، كما ترك أيضاً بعض النصوص النثرية الجميلة.

التكوين والبدايات

تكاد المعلومات تكون قليلة عن هذا الشاعر المُميز، وما هو موثق ومتوافر منها، على الأقل، ينحصر جله فيما كتبه عنه الباحث والدبلوماسي بلال البدور، في مقال له نشر في «البيان» بتاريخ 24 يوليو 2014، تحت عنوان «عيسى بالرهيف.. شاعر لم تثنِه الصعوبات»، أو ما ذكره عنه الباحث نفسه في الجزء الأول من كتابه «موسوعة شعراء الإمارات».

ومن الإضاءات التي قدمها الباحث عن حياة هذا الشاعر، الذي غادر دنيانا مؤخراً، ما يستشف منه روحه وحكايته مع القصيدة، ففي مطلع الأربعينيات «ولد الشاعر والأديب عيسى بن محمد بن علي بالرهيف بمدينة دبي.

وكانت الإمارات يومها لا تزال في مرحلة النشأة السائرة ببطء نحو ركب التنمية، وكان التعليم بها لا يزال في مرحلته شبه النظامية، مدارس وفصول ومدرسون، ولكن المناهج تدور حول القرآن الكريم تلاوة وحفظاً وتفسيراً وشيئاً من علوم الفقه والحديث، وعلوم العربية من نحو وصرف.

إضافة إلى قليل من علم الحساب والتهذيب والسير»، وفي ذلك ما يعطي الانطباع الأول عن التأسيس العلمي والتكوين الذي تلقاه بالرهيف، الذي تتلمذ على يد والده الشيخ محمد بن علي بالرهيف ، الذي كان مدرساً بفرع للمدرسة الأحمدية بنيت فصوله من السعف بمسجد «العضب»، مسجد الزرعوني حالياً، مقابل مركز شرطة نايف بديرة.

حُلم الدراسة

ومما يورده البدور عن الشاعر الراحل، سفره إلى الكويت للدراسة، حيث واجهته صعوبات كبيرة، من الوسط التقليدي الرافض للتعليم الحديث، فـ«حاول عيسى مع والده كثيراً، لكن دون جدوى، فما كان منه إلا أن توجه إلى مكتب المغفور له، بإذن الله، الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم بدائرة الأراضي والأملاك، التي كان يرأسها، وطلب منه المساعدة للذهاب للدراسة بالكويت.

فكتب له رسالة توصية إلى الشيخ عبد الله الجابر الصباح مدير المعارف هناك، فسافر هو ورفيق له يدعى محمد عبد الكريم في إحدى البواخر»، وتستمر رحلة التحديات، حيث اضطر إلى العودة إلى دبي مرة أخرى، ليبدأ ممارسة أعمال حرة خاصة به.

لكن هذه الظروف الجديدة وضغوطها لم تثنه، فظل مواظباً على القراءة بشغف، فقرأ في الأدب، وحفظ الأشعار، وقرأ في التاريخ والسياسة، فكان قارئاً نهماً.

شعر ونثر

وحسب ما أورد بلال البدور، أثرت هذه القراءات زاد الشاعر وصقلت إبداعه الشعري والنثري، لكنه كان مُقلاً في إبراز هذا الإبداع، مع أنه نشر شيئاً من شعره بمجلة «أخبار دبي»، كما ترك نصوصاً في الكتابة النثرية، من ضمنها نص يتحدث فيه عن نفسه بصورة فلسفية، أبان فيها عن حاله ونظرة الناس إليه، ومقالة جاءت على شكل رسالة موجهه إلى صديق له.

كما كان بالرهيف يحب الشعر ويهوى أهله، يقرأ لهم، ويحفظ أشعارهم، وقد استطاع الباحث بلال البدور، حسب ما أورد، الاستعانة به في جمعه للمدونة الشعرية المحلية، حيث روى له مجموعة من أشعار خليفة التاجر، أحد شعراء الإمارات المقلين، ويقول البدور عن بالرهيف «لولا حافظته لم أدر إن كان خليفة التاجر يقرض الشعر أو يتذوقه».

كما يورد مجاراة بينه وبين شعراء معاصرين له من ضمنهم صديقه الشاعر الدكتور أحمد أمين المدني والشاعر العراقي عبد المجيد الخفاجي.

Email