رهينة ذاكرة كبار السن والباحثين في التراث

مصطلحات محلية تراثية رحلت ولم تعد

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

من قلب التراث الإماراتي، وأحضان القواميس المحلية المملوءة عن آخرها بمصطلحات تعبق برائحة الأصالة، وتلامس بخصوصيتها وجمالها القلب، فتأخذه إلى حيث عاش الأجداد والجدات، تمتلئ الذاكرة بمفردات مستوحاة من صميم الواقع، دار عليها الزمن، ليضعها جانباً، في أحد الأرفف التي لا يطالها الصغار.

ولا يلتفت إليها الكبار، لتبقى رهينة ذاكرة الأسلاف والباحثين في التراث، ويصبح وقعها ثقيلاً على مسامع الجيل الجديد الذي لم يعد يستخدمها أو يفهمها أو يتقن نطقها، لتعلن الرحيل بلا عودة.

«شاطوحة» و«طوي» و«مشخاط» و«لِدْعنة» و«عكَّاسة» وغيرها من كلمات لم تعد مستخدمة إلا فيما ندر، أخَذَنا الحنين إليها، ودفعنا لفتح أبواب القواميس التراثية المحلية، علَّنا نروي ظمأنا بالقليل منها، ونستقي من جمالها وتميزها، ونتباهى بقوتها واختلافها عن غيرها، لنستعرض بعضاً منها لقارئٍ قد يحلو له مذاقها، فيعود إليها ويعترف أنها جزء من هوية يجب الحفاظ عليها واحتضانها.

«البيان» طرقت باب الإعلامي والباحث في التراث جمعة بن ثالث لتنهل من نبعه الأصيل في هذا المجال، ليؤكد أن الذاكرة المحلية تمتلئ عن آخرها بمصطلحات تراثية لم يعد يستخدمها إلا كبار السن، وقال: نشتاق لسماع مفرداتنا ونَحِنُّ إليها، وأتمنى لو تتضاعف الجهود بهدف المحافظة عليها واستمراريتها.

استمرارية

وذكر بن ثالث أن استمرار هذه المصطلحات مرهون بتعاون مختلف الأطراف، وقال: أقترح إدراج هذه المصطلحات ضمن حصة دراسية تختص بالتراث وترسيخه، بحيث يتعرف عليها الأجيال عاماً بعد آخر، كونها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالواقع المعيش، كما يجب تقديم برامج تلفزيونية تهتم بهذا الجانب، وتدعم الثقافة المحلية وتركز على التراث بكل ما فيه، من خلال استخدام المصطلحات القديمة وتطويعها في تقديم أفكار مختلفة تخدم المجتمع.

وألقى بن ثالث باللوم على الآباء، وقال: هناك قصور كبير من الآباء الذي لا يستخدمون هذه المصطلحات، وقد فوجئت بأن عدداً كبيراً منهم لا يفهم حتى المقصود بالكثير منها، ولذا فهم المسؤولون عن غياب مفردات كثيرة تعد جزءٍ من الهوية الوطنية، لأن هوية كل مجتمع ترتبط بتراثه، وبمحو التراث يضيع الأمل في الحفاظ على الهوية نفسها.

مفردات جميلة

واستعرض بن ثالث بعض المصطلحات التي لم تعد تستخدم كالسابق، وعنها قال: لدينا قائمة غنية وطويلة بالمفردات الجميلة، ومنها «الشاطوحة» وهي سرير الطفل، و«الطوي» وهو البئر، و«السمة» وهو الحصير، و«المِشخاط» وهو الكبريت، و«لِدْعنة» وهي الأرض، و«لِعْصير» وهو وقت ما قبل المغرب، و«الداس» وهو المنجل، و«الحابول» وهو الحبل الذي يستخدم لتسلق النخيل، و«العكَّاسة» وهي الكاميرا، و«دوا» وهي البطارية، و«ملة» وهي حافظة الطعام، و«السحارة» وهو صندوق من الحديد لحفظ الأشياء، واختفاء بعض المصطلحات مرهون باختفاء الشيء نفسه نظراً للتطور الحاصل.

أوقات

كما ذكر بن ثالث مصطلحات مرتبطة بالأوقات وقال عنها: لهجتنا جميلة وفيها تميز، فلكل وقت مفردة تصفه في اللهجة المحلية، فـ«القايلة» الظهر، و«العطنة» وقت ما قبل أذان الظهر، و«السرية» وقت الليل، و«الغبشة» قبل طلوع الشمس، و«السرحة» بعد طلوع الشمس، و«الضوية» قبل المغرب.

وجبات الطعام

واستعرض بن ثالث أوقات وجبات الطعام وعنها قال: «الريوق» هو الإفطار، و«الغبقة» الوجبة بعد صلاة التراويح وقبل السحور، و«هيور» الغداء المتأخر أي قبل العصر بقليل. وللزينة مصطلحات كثيرة لا يزال البعض منها مستخدماً، منها، «المندوس» وهو صندوق مزخرف، و«الزهبة» حاجيات العروس، و«الشغاب» وهي حلقات الذهب التي تعلق بالأذن، و«الصوغ» وهو الذهب.

التأثر باللغات

أشار جمعة بن ثالث إلى أن مصطلحات كثيرة جاءت متأثرة بلغات أخرى كالتركية والإنجليزية والهندية وغيرها، ومنها «سيكل» الدراجة الهوائية، و«كنديشن» المكيف، و«سيستر» الممرضة، و«دختر» الطبيب، و«ليت» المصباح، و«خاشوقة» الملعقة، و«كبت» الدولاب، و«موتر» سيارة، وغيرها.

Email