50 عاماً على هرب الجاسوس فيلبي إلى موسكو
تعود أسطورة الجاسوس البريطاني هارولد أدريان راسل فيلبي ، أو كما تناديه عائلته وأصدقاؤه "كيم فيلبي" ، والذي كان يعمل مراسلاً لصحيفة الـ "أوبزرفر" البريطانية ، إلى الظهور مرة أخرى ، بعد مضي 50 عاماً على هرب فيلبي إلى موسكو. وصدّرت صحيفة الغارديان مقالتها بصفته مراسل صحيفة الأوبزرفر ، وأحد أعضاء مؤسسة الجواسيس العالمية. ويذكر بول ماكروم في مقالته ، أن الحكومة البريطانية لم تعترف أن وجود كيم فيلبي في الاتحاد السوفييتي لا يقتصر على كونه هارباً وجاسوساً روسياً فقط ، إلا في 1 يوليو عام 1963 ، حيث تيقنت من دوره الفعلي الأكبر المتمثل بـ "الرجل الثالث" ، وتجلى لاحقاً هذا الأسلوب النمطي في الغدر والخيانة في مذكراته بصفته "الجاسوس الذي خان جيلاً".
أخطر العملاء
يعد فيلبي أخطر العملاء المزدوجين في حلقة التجسس البريطاني ، وكان عضواً في حلقة جواسيس كامبردج الخمس ، وعميل سري للمخابرات السوفييتية ، ومسؤولاً عن إفشاء العديد من الأسرار الوطنية ، إلى جانب عزل العديد من العملاء البريطانيين.
وعندما هرب زميلاه في الجاسوسية دونالد ماكلين وغاي بورغيس إلى الاتحاد السوفييتي عام 1951 ، ساء وضع فيلبي ، لكنه سرعان ما استعاد مكانته بعد الكثير من التحقيقات. وكان سكرتير الخارجية هارولد ماكميلان ، قد صرح عام 1955 لمجلس العموم قائلاً ، "ليس لديّ سبب لأقول بأن السيد فيلبي خان مصالح بلده ، أو وصفه بأنه "الرجل الثالث" ، إن كان هناك حقاً أحدهم".
فيلبي وأستور
وكان لهذا التصريح الذي يؤكد براءة فيلبي معنى خاصاً للصحيفة التي يعمل بها ، حيث عمل منذ عام 1955 وحتى هروبه المفاجئ عام 1963 ، مراسلاً لها في منطقة الشرق الأوسط من مقر إقامته في بيروت ، كما لعب ديفيد أستور المحرر الخاص بإصداراته ، والشخصية التي لها اعتبارها أيضا دوراً مشكوكاً في التعاون معه ، فهو الذي كُلف بمتابعة أعمال كل من جورج أوريل ، وآرثر كوستلر ، وكينيث تاينن. آخذين في الاعتبار أن أستور سبق وحارب في الوحدات السرية بفرنسا ، إلى جانب شبكة اتصالاته مع المخابرات البريطانية بصفته صحافي ومحرر.
والتساؤلات المرتبطة بدور أستور في مسيرة فيلبي المهنية ، كما الدخان الذي ينبعث عقب انطلاق الرصاص من المسدس. وما يعزز هذه التساؤلات ، ما ذُكر في المسلسل الوثائقي الإذاعي في راديو الرابعة حول اسم أستور المدرج ضمن قائمة رواتب الخدمة السرية.
لكن جيريمي لويس الذي يكتب حالياً سيرة أستور الذاتية ، نفى في تصريحه لصحيفة الـ "أوبزرفر" ، أن يكون لويس جاسوساً ، ووصفه بأنه جزء من جيل الحرب ، الذي كان يصعب عليه وضع النقاط على الحروف ، في ما يتعلق بالعديد من الإشكاليات.
حب المغامرة
أما العوامل المشتركة بين أستور وفيلبي ، فتتمثل في أن كليهما ولد عام 1912 ، وينحدران من عائلات لها مكانتها الاجتماعية. وبينما كان أستور الابن الثاني لوالدورف أستور ، مؤسس إحدى الصحف ، المنحدر من أصول إنجليزية أميركية ، فإن فيلبي ابن هاري سانت جون فيلبي ، الكاتب الشهير والمستشرق الذي اعتنق الدين الإسلامي.ومن أصدقائه في تلك الدائرة أيضاً ، الروائي غراهام غرين ، الذي يكبرهما بثمانية أعوام ، الذي كتب عن جيله من الإدوارديين ، "نحن جيل نشأنا على حب المغامرة التي افتقدت الوهم الكبير المرتبط بالحرب العالمية الأولى ، وعليه ، كان هاجسنا البحث عن مغامرة ما".
الهروب الأخير
ومع تأزم الحرب الباردة بين القطبين في بداية الستينيات من القرن العشرين ، أُرسل نيكولاس إيليوت أحد أكبر المحققين إلى بيروت لمواجهة فيلبي مرة أخرى. وكان لقاءً حاداً. وخلال نوبة فزع ، قرر فيلبي في 23 يناير عام 1963 الهرب إلى موسكو. وبعد مضي ستة أشهر ، بدأت عقد حبل كذبه تُحل واحدة تلو الأخرى.
مكتبته في المزاد
وصلت روفينا زوجة كيم فيلبي الروسية بداية الشهر الماضي إلى لندن ، لبيع مكتبته في دار سوثبي للمزاد ،وتضم مواضيع متباينة بين كتب والده كمستشرق ، وما تبقى من كتب صديقه الجاسوس غاي بورغيس ورفضت الدار بعد تردد إدراج مقتنياته الشخصية كما تم سحب كتابين تبين أن بورغيس استعارهما من مكتبة نادي "ريفورم" قبل 50 عاماً.