«الكليجة» حلوى العيد العراقية تفوح رائحتها مع رؤية الهلال

ت + ت - الحجم الطبيعي

لعيد الفطر المبارك علامات عديدة يعرفها الجميع، منها رؤية هلال شهر شوال، وفي مدينة الكوت، وسط العراق، تعوّد أبناؤها على رؤية علامة دالة لقدوم العيد، ألا وهي (صواني الكليجة) وتزاحمها على أفران الخبز في مشهد جميل يتزاحم خلاله أفراد العائلة للمشاركة فيه، وتقول أم سعد (50 عاما): (تعلمت صناعة الكليجة منذ الصغر، من خلال مساعدة والدتي في عملها وإرسالها إلى الفرن الحجري الموجود في منطقتنا ليلا، لكي تحتفظ بحرارتها حتى صباح يوم العيد)، وتضيف: (أن نكهة الكليجة تتأثر بنوعية المواد المستخدمة في صناعتها، إضافة إلى أن هناك أسرارا وفناً للصنعة، لا تجيدها كل من تعمل الكليجة).

وتؤكد أنه (على الرغم من أن عمل الكليجة يتطلب مجهودا، لكن النتيجة عادة ما تكون مفرحة للنساء اللواتي يساعدن بعضهن في إعدادها، في جلسة سمر، يتم خلالها تجاذب أطراف الحديث والنكات، خاصة وأنها تكون في ليلة العيد)، أما الحاجة أم جميل، فتقول: (أحب عمل الكليجة بيدي دون اللجوء إلى استعمال القوالب الحديثة، خاصة كليجة الجوز، والمحشاة بالحلقوم الأحمر أو التمر)، وتتابع حديثها: (أقوم بتقسيم العمل بين بناتي، ليس لصعوبته، بل لتعليمهن طرق عمل الكليجة، التي أصبحت من الأكلات التراثية والشعبية لدى العائلة العراقية).

من جانبها تقول زهرة ألبياتي (إعلامية): (أساعد والدتي في كل عيد بصناعة الكليجة، لكن مع الأسف لحد الآن لم استطع إتقانها)، وتضيف: (قمت في عيد الفطر الماضي بصناعة كمية منها، وعند مقارنتها بالتي صنعتها والدتي اتضح الفرق، وهنا بدأت التعليقات الساخرة من قبل أفراد العائلة وخاصة الأولاد منهم)، وتشرح السيدة أم علي (ربة بيت) طريقة عمل الكليجة قائلة: (أقوم أولا بتهيئة حشوة الكليجة من الجوز واللوز المقطع والفستق، ثم خلطها بالسكر والهيل والسمسم والمطيبات الأخرى.

كما نقوم بتحضير التمر الخالي من النوى، وإعداد العجينة المصنوعة من الطحين الابيض)، وتستطرد: (بعدها نقوم بطلاء الصواني بالسمن النباتي أو الحيواني (الدهن الحر)، ونضع الكليجة التي تم صنعها بأشكال متنوعة، منها الكروية أو المستطيلة أو المثلثة أو الضفيرة، استعدادا لشوائها وتجهيزها).

ويقول رياض العتابي (صاحب فرن): (نستقبل خلال اليومين الأخيرين من شهر رمضان صواني الكليجة بغرض تهيئتها ليوم العيد، إذ تفضل الكثير من العوائل العراقية شواء الكليجة في الأفران الحجرية، بدلا من أفران الغاز في البيوت، لحلاوة طعمها في الأفران العامة، وما ترافقها من طقوس جميلة ومفرحة)، ويتابع: (أسعار شي الصينية تتراوح بين 1500 دينار وأربعة آلاف دينار، فالأفران محددة بحصة شهرية من الوقود، وعليه لابد أن نشتري وقودا إضافيا بأسعار تجارية، لنلبي طلبات عوائل المنطقة في شي الصواني".

وتتذكر السيدة أنعام سعيد الجابري (معلمة متقاعدة) أيام الحصار الاقتصادي، وكيف كانت تصنع الكليجة، قائلة: (في سنوات الحصار كان الجميع يعلم بعدم وجود الطحين الأبيض (الصفر)، وإذا وجد فإن سعره يكون مرتفعا جدا مقارنة برواتب الموظفين حينذاك، إضافة إلى مواد صناعة الكليجة الأخرى)، وتضيف: (كنا نعمل الكليجة من طحين الحصة التموينية (الأسمر) ونحشوها بالتمر فقط، وسعيد من يستطيع أن يتدبر قليلا من السكر والسمسم ليصنع منه حشوة خاصة للكليجة التي تقدم فقط لكبار الضيوف).

ضيافة العيد

 

يقول عباس عيسى (نحرص في العيد كعائلة على عمل الكليجة، وهي أفضل ما نقدمه للضيوف المهنئين بالعيد، وهي طريقة توارثناها عن أهلنا، وتعدّ أول ما يقدمه صاحب المنزل لضيوفه خلال العيد، مع العصائر أو الشاي أحيانا )، ويوضح: (غير أن بعض كبار السن من المصابين بداء السكري مثلا، أو ممن أسنانهم ليست سليمة، يتفادون الحرج بأخذ قطعة أو قطعتين منها، ووضعها في الجيب لإعطائها لأول طفل يصادفهم بعد الخروج من المنزل)، ويتابع: (كما نحرص على وضع كمية من الكليجة في كيس خاص نقدمه للمسحراتي (أبو طبيلة) الذي قدم جهدا طيبا لتنبيه الصائمين على موعد السحور وصلاة الفجر خلال شهر رمضان) .

Email