احتفالاً بـ40 عاماً على العلاقات الإماراتية الفرنسية

«البيان» ترصد فنون باريس وبهجة ضواحيها

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تمهيداً لحوار ثقافي إماراتي فرنسي لعام 2018، وعلى وقع افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، واحتفالاً بـ40 عاماً على العلاقات الإماراتية الفرنسية، لبّت «البيان» دعوة مقدمة من «الخارجية الفرنسية» والسفارة الفرنسية في أبوظبي، وحطّت ضيفة على قطاعات فنية ثقافية فرنسية في العاصمة باريس خلال الفترة من 8 حتى 15 ديسمبر الماضي، حيث رصدت فنون باريس وبهجة وعراقة التاريخ في ضواحيها.

مهرجان الأضواء

أولى محطات الزيارة اشتملت على مهرجان ليون للأضواء في مدينة ليون الفرنسية التي تعد ثالث أكبر مدينة من حيث عدد السكان بعد مدينة باريس ومدينة مارسيليا، وتبعد ليون نحو 470 كم عن باريس، وقد صنفت منظمة اليونسكو المدينة القديمة في ليون ضمن مواقع التراث العالمي.

رصدت «البيان» في ليون، مهرجان الأضواء، الذي يعتبر تقليداً سنوياً في المدينة منذ 155 عاماً، ويحتفل بتدشين تمثال مريم العذراء في أشهر كنائس المدينة، وتم تقديم ما يقارب أربعين عرضاً ضوئياً زينت أبنية المدينة القديمة وكنائسها وساحاتها ببانوراما مشعة من التشكيلات التي تحكي قصصاً من ليون، ويعرضها في كل عام مصممو الإضاءة ومصورو الفيديو والمهندسون المعماريون والفنانون الرسامون والبصريون.عوالم عائمة

وفي موقع «سوكرير» بليون، تجولت «البيان» في زيارة بينالي دي ليون Biennale de Lyon، حيث تدور أحداث الطبعة الرابعة عشرة من بينالي عوالم عائمة (Mondes Flottants)، وهي فكرة إيما لافين، المفوضة الضيفة الراعية للبينالي هذا العام، لإيجاد فصل من ثلاثية حول كلمة «الحداثة»، فاقتنصتها من ترجمة للكلمة اليابانية «أوكيو»، لوصف أسلوب حياة حضرية متناغمة من فترة إيدو، يعبر عن افتراضية العالم.

حوار ثقافي

كما زارت «البيان» قصر الإليزيه في باريس، والتقت كلاً من أورين لوشيفالييه، نائب المستشار الدبلوماسي، وأحلام غربي، مستشارة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وكلوديا فيرازي، مستشارة الثقافة والاتصالات، الذين قدموا شرحاً تفصيلياً عن أهمية العلاقات الإماراتية الفرنسية التي بدأت منذ أكثر من أربعين عاماً، وأصبحت اليوم بفضل القيادة السياسية للبلدين في أوجها، وذكر فريق الإليزيه التعاون المتجدد الذي بدأ أخيراً في افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي، وكذلك تأسيس صندوق لحماية التراث المهدد على يد الجماعات الإرهابية وغيرها، وأكدوا حجم العلاقات السياسية والفنية الوثيقة بين البلدين.

شغف الفن

وخلال لقاء مع بينوا باراير، مدير الاتصالات والشراكات في المركز الوطني للفنون والثقافات «بومبيدو»، دار حديث شائق عن الشغف في الأوساط الثقافية والفنية الفرنسية عن العلاقة التاريخية مع دولة الإمارات التي لم تتمثل في الإسهام في افتتاح متحف اللوفر بأبوظبي فقط، وأعارت لوحة «طبيعة صامتة مع ماغنوليا» للفنان هنري ماتيس (1941)، بل في العديد من التعاون المشترك الذي يعبّر عن رسوخ هذه العلاقة وتجسيدها على أرض الواقع.

بالطبع، تجولت «البيان» داخل المركز الوطني للفن الحديث - مركز الإبداع الصناعي (MNAM /‏‏ CCI) - في مركز بومبيدو، وتفحصت واحدة من أكبر ثلاث مجموعات من الفن الحديث والمعاصر في العالم، وكذلك اشتملت الجولة على زيارة قاعات عرض رئيسة للمعارض المؤقتة، وقاعات عروض مسرحية وسينمائية، ومكتبة عامة للمعلومات تعد أول مكتبة عامة للقراءة في أوروبا.

حماية التراث

في اليوم الثالث للزيارة، استقبل فنسنت ليفيفر، نائب مدير المجموعات في وزارة الثقافة الفرنسية، صحيفة «البيان»، وشرح مهمة وزارة الثقافة الفرنسية الرئيسية في جعل أهم أعمال التي أنتجتها البشرية، لا سيما تلك التي أنتجتها فرنسا متاحة لأكبر عدد ممكن من الناس.وتحدّث ليفيفر عن حرص الوزارة على تعزيز الحوار الثقافي بين الإمارات وفرنسا، وضمن رؤية الإمارات وفرنسا في الصندوق العالمي لحماية التراث والثقافة، في ظل الحروب والصراعات في العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص، الذي تم الإعلان عن إنشائه خلال زيارة الرئيس الفرنسي لدولة الإمارات خلال نوفمبر عام 2017.

أنماط كلاسيكية

وفي جولة ثقافية تاريخية، وعلى بعد 60 كيلومتراً من وسط باريس، انتقلت صحيفة «البيان» إلى القصر الملكي «فونتانبلو»، قصر النهضة والأنماط الكلاسيكية، الذي تعود الآثار الأولى فيه إلى القرن الثاني عشر، وقد أجريت عليه الأعمال الأخيرة في القرن التاسع عشر. وقد كان القصر واحداً من مساكن ملوك فرنسا من فرانسوا الأول «الذي جعل منه مسكنه المفضل» إلى نابليون الثالث، وقد ترك العديد من الملوك بصماتهم في الهندسة المعمارية في تاريخ هذا القصر، وهي الشاهد على مراحل مختلفة من تاريخ فرنسا منذ العصور الوسطى.

لقاء

قبل مغادرة باريس، زارت «البيان» جويل غاريو مايلام، السيناتور في مجلس الشيوخ الفرنسي، رئيسة لجنة الصداقة الفرنسية الإماراتية، ودار حديث شائق خلال الجولة في قصر لوكسمبورغ، مقر مجلس الشيوخ الفرنسي، عن أهمية توثيق وتعزيز الصداقة الإماراتية الفرنسية من خلال المشاريع الثقافية والفنية والاقتصادية والإنسانية المشتركة، ولما يحقق السعادة لشعبي البلدين الصديقين.

 

لانغ: الحوار الإماراتي الفرنسي ينصف تراث العالم وبلاد زايد منارة تسامح

حظيت «البيان»، خلال جولتها في باريس، بزيارة خاصة لمعهد العالم العربي الذي يأخذ على عاتقه التعريف أكثر بالعالم العربي، ويوطد المعرفة من خلال التراث الثقافي المشترك، وينظم بصفة سنوية معارض وقتية تظهر ثراء وتنوع الإبداع في العالم العربي، ويتم تنظيم هذه المعارض بحرص شديد على أن تكون موضع تقدير من قِبل عدد كبير من الزوار من جميع الأعمار ومن جميع الخلفيات.

والتقت برئيس المعهد، وزير الثقافة الفرنسي السابق، جاك لانغ، الذي يؤمن بأن الإمارات منارة للإشعاع الحضاري والتسامح، وأن الحوار بين الإمارات وفرنسا سيسهم بلا شك في إنصاف تراث العالم، كما التقت الناقد والروائي والأكاديمي معجب الزهراني، المدير العام للمعهد، الذي أبدى إعجابه بالجهود الإماراتية في تمتين عرى الصداقة، وتحدث عن أهمية الحوار بين فرنسا والإمارات والشرق والغرب، وذكر أن أبواب المعهد مفتوحة لكل مشروع ومبادرة تدعم هذا الاتجاه.

كما شرح الزهراني دور المعهد في تعميق التواصل بين حضارات الشرق والغرب، وتعزيز أطر العلاقات في شتى الميادين الثقافية.

اللوفر..زيارة في رحاب التاريخ

الزيارة الخاصة التي لا تنسى كانت لمتحف اللوفر باريس، القصر السابق للملوك، الذي اقترن بتاريخ فرنسا لمدة ثمانية قرون وقد تم تصميمه منذ إنشائه في العام 1793 كمتحف عالمي، وتغطي مجموعاته، التي هي من بين الأجمل في العالم، زمنياً آلاف السنين وحيزاً مكانياً يمتد من أميركا إلى حدود آسيا، وتضم المجموعات الموزعة على ثمانية أقسام، أعمالاً تحظى بصيت عالمي، مثل لوحة الموناليزا أو تمثال انتصار ساموثراس أو فينوس دي ميلو، مع أكثر من 10 ملايين زائر سنوياً.

بوابة الثقافة

وفي لقاء مع مارييل بيك، تحدثت مديرة قسم الآثار الشرقية في «اللوفر» عن قصة نجاح «متحف اللوفر أبوظبي» وذكرت أن نجاحه ساهم بشكل كبير في بناء جسر استراتيجي بين الشرق والغرب وأن دخوله لدولة الإمارات في إمارة أبوظبي قد عزز إلى أقصى حد توثيق الشراكات الإماراتية الفرنسية في مجال الفن والتراث والثقافة، والتي تعد البوابة الرئيسية في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وهذا دلالة على ارتقاء مستوى الشراكة بين البلدين.

واصلت «البيان» جولتها الثقافية والفنية إلى معهد التراث الوطني الفرنسي وهو مؤسسة تعليم عالي فرنسية تابعة لوزارة الثقافة، وتتمثل مهمته في توفير التدريب الأولي لأمناء التراث وكذلك تدريب لمرممي التراث المؤهلين للعمل على المجموعات العامة. كما يوفر المعهد مجموعة واسعة جداً من الدورات التدريبية الدائمة. وهو أيضاً محطة اتصال ثقافي من خلال المؤتمرات والندوات التي يعقدها.

المكتبة الفرنسية..حديقة المعرفة

واصلت «البيان» جولتها إلى المكتبة الوطنية الفرنسية، والتي تتربع على موقع حيوي جذاب في التصميم والمحتوى في الدائرة الثالثة عشرة في باريس، وتتمثل مهمتها في جمع وحفظ التراث وإثرائه وجمعه ونشره، من خلال مكتبتها الضخمة التي تم بناؤها في عهد فرانسوا ميتران تتمثل في أربعة أبراج وسط حديقة كبيرة، أما تاريخ تأسيس المكتبة الفعلي فيعود إلى الملك لويس الحادي عشر، الذي حكم في القرن الخامس عشر بعد دمج مكتبات ملكية، وصدر خلال تلك الفترة مرسوم ملكي يقضي بأن يودع الكتاب والناشرون نسخة من أي كتاب يباع بالمملكة، وهو ما يعرف حالياً بالإيداع القانوني أو الإيداع الشرعي، ما شكل منعطفاً في تاريخ المكتبة وأسهم في تنمية رصيدها.

مزار فريد

وتعتبر المكتبة الوطنية الفرنسية «Bnf» فريدة من نوعها عالمياً، فهي تحتوي على 15 مليون كتاب ومطبوعة وكذلك مخطوطات ومدونات وصور فوتوغرافية وخرائط ونوتات موسيقية وقطع نقدية وميداليات وملفات صوتية وفيديوهات ووسائل سمعية مرئية وديكورات وأزياء، وقد تم وضع جميع التخصصات الفكرية والفنية والعلمية في شكل موسوعة، حيث يضاف إلى ممتلكاتها ما يقارب 150,000 وثيقة سنوياً بفضل الودائع القانونية والمشتريات والتبرعات، وتعمل مكتبتها الرقميّة جاليكا (Gallica) بتفحّص أكثر من ثلاثة ملايين وثيقة، وأسهمت المكتبة في تعزيز الثروات الفكرية وإبرازها في المعارض والمؤتمرات والندوات والحفلات الموسيقية والاجتماعات المبرمجة على مدار العام، وعلى رأسها أمناء المكتبات وشخصيات من العالم الثقافي.

10

في القصر الملكي «فونتانبلو»، التقت «البيان» محافظ القصر، وخلال الجولة قامت بزيارة خاصة للمسرح الإمبراطوري الذي كان يسمى «نابليون الثالث»، وتم تشييده عام 1853م، لكنه لم يحظ بالاهتمام اللازم بوصفه صرحاً ثقافياً، فأسرعت حكومة أبوظبي في إنقاذه، وعملت على تمويل ترميمه وتحسينه بكلفة 10 ملايين يورو، وتوّج اسم المسرح باسم «الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان» عرفاناً وتكريماً له ولشعب الإمارات.

40

خلال زيارة قسم «Rendez-Vous» في بينالي دي ليون، بمعهد الفن المعاصر، يقترح برنامج «الموعد» تعاوناً مع بينالي الشارقة ضمن رؤية التوأمة بعمل للفنان علي شيري. وتتمثل مهمة «رنديز-فوس» تعزيز الإبداع البصري والمعاصر من خلال شبكة من الفنانين العالميين، وفي نسخته الحالية يعرض أكثر من 40 عملاً فنياً في المنصة الدولية للمصممين الشباب بدعم من منطقة أوفيرني-رون ألب بنحو غير مسبوق في فرنسا، حيث اجتمعت فيها أعمال أربع وكالات: ليون بينالي، والمدرسة الوطنية للفنون الجميلة في ليون، ومعهد الفن المعاصر، ومتحف الفن المعاصر في ليون.

60

اشتمل بينالي ليون هذا العام حضور أكثر من 60 فناناً عالمياً، سواء بالحضور الشخصي أو بأعمالهم يفترشون المساحات الثقافية في جميع أنحاء المدينة، أما تحت القبة فقد عُرض نحو 20 عملاً فنياً ناشئاً دولياً منها أبيشاتبونغ من تايلاند وناثالي دجوربيرغ وغيرها.

400

ضمن جولتها، زارت «البيان» المركز الوطني للفنون والثقافات «بومبيدو» الذي يقع في قلب باريس التاريخي، والذي يسمى أيضاً بمركز «بوبور» نسبة إلى اسم الحي الذي يقع فيه، ويعتبر محطة فرنسية ثقافية أساسية، وقد استقبل نحو 400 مليون زائر منذ إنشائه عام 1977.

Email