لوحات تعكس نضج تجربة ميساء محمد الفنية

«مقام الصبا» عزف بالريشة على أوتار الروح

■ ميساء محمد بجوار عدد من لوحات معرضها | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

يدرك الزائر لحظة مشاهدته اللوحة الأولى من المعرض التشكيلي الفردي «مقام الصبا» للفنانة السورية ميساء محمد المقام في غاليري «لا باتيو» بفندق سانت ريجيس في مدينة الحبتور بدبي، أنه أمام تجربة فنية ناضجة ونوعية، يتفاعل معها وجدانه بعفوية، ليتوقف طويلاً أمام كل لوحة من أعمال المعرض البالغ عددها 34، بين أيقونات بورتريه ولوحات جدارية ضخمة. كما يلتقط الزائر الصلة الرمزية بين مضمون «مقام الصبا» الموسيقي الذي يمتاز بالروحانية والعاطفة المحملة بحزن شفيف، والجمع بين قرار النغمات وجوابها، والذي يقابله الجمع بين تناغم مخزون الحالة الداخلية من المشاعر وخلفية اللوحة.

جمود الزمن

ويحمل كل عمل في المعرض الذي يستمر حتى نهاية يناير من العام المقبل والقريب من أجواء «الواقعية السحرية» المرتبطة بتوقف الزمن، حالة مختلفة من عمق المشاعر الإنسانية المختلطة، التي نجحت الفنانة ميساء بأسلوبها التعبيري الانطباعي في تكثيفها عبر إيماءات، كالعين التي ترنو إلى ناظرها، تارة بانكسار وتارة أخرى بحيرة أو رهبة أو غموض، كذلك حركة اليد التي تعتبر الاختبار الأصعب لمهارات الفنان، والتي برعت في تعزيز معانيها، عبر لعبة الضوء والظلال مثل الحدة الفاصلة بين الضوء والظل، كما في لوحة المرأة والرصاصة أو انسيابية الحركة وليونة اللون في عمل آخر.

رمزية الجرس

وتتجلى الرمزية في أعمالها، بالرصاصة التي تحكي الكثير عن آلام الحرب والجرس الذي يرمز إلى كما تقول ميساء: «دقة فرح.. دقة حزن.. دقة صلاة» والغراب المنذر بالموت، والقارب الجديد على ثقافتنا في الارتحال.

وبدافع معرفة خصوصية تجربة الفنانة ميساء وقدرتها على بلورة خصوصية أسلوبها، التقت بها «البيان». تقول ميساء عن تقنيات أعمالها: «مضمون اللوحة والتقنية لا ينفصلان كالروح والجسد، والتقنية التي يستخدمها الفنان في عمله نابعة من المضمون المرتبط بإحساسه، ليصبح الأسلوب أداة أو وسيطاً لترجمة رؤيته».

حالة مركبة

وتضيف ميساء قائلة: «ارتبطت تقنية لوحات معرضي هذا، بالحالة الإنسانية المركبة والمعقدة والتي ترجمتها ببناء طبقات لونية متداخلة في خلفية اللوحة، وتداعيات الألوان وانسيابيتها التي تعكس انهيار كينونة الأمل بالحياة، وذلك بعكس الموضوعات السابقة التي تشكل كل منها مرحلة زمنية من تجربتي، فعلى سبيل المثال أعتمد في تناول الموضوع الفلسفي، أسلوب فني وتقني مبسط سواء على مستوى معالجة اللوحة أو تداخل ألوانها».

إلغاء الهوية

وتنتقل إلى الحديث عن محاور معرضها قائلة: «شكل تدمير جذور الحضارات والثقافات في محاولة لإلغاء الهوية، حافزاً لتوثيق تراثنا الفولكلوري الذي شكل محور بحثي في الأزياء لأطياف مجتمعنا ليكون محوراً يحمل زخم الحالات الإنسانية».

تقول فانيسا ديكيز مديرة شركة «سالتي إيفنتس» الجهة المنظمة للمعرض بالتعاون مع «آرت كوتور» حول خصوصية المعرض: «نجحت ميساء في ابتكار أسلوب جمعت فيه بين الأصالة والإبداع، والأهم أن كل لوحة تحمل الكثير من المعاني التي تختلف عن اللوحات البقية».

مراحل

قدمت ميساء محمد خريجة كلية الفنون الجميلة في دمشق، أول معرض فردي لها في أوروبا في البندقية بإيطاليا خلال موسم الصيف في العام الجاري. كما يعتبر «مقام الصبا» أول معرض فردي لها بالإمارات.

Email