شباب@قصة

السعادة في الخير

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

اندمجت الطفلة في اللعب، وآمال تنظر من النافذة، عمر مضى بلا هدف، الجسد بلا روح، فقد ماتت أحلامها التي أصبحت متوارية خلف الغيوم. ظلت تقضي جلّ وقتها وهي تلاعب حفيدتها آمال الصغيرة، حاولت أن تعوضها عن غياب أمها. طرقت الخادمة الباب وقالت: هناك امرأة تطلب الزيارة.

تعجبت، فمن ترى تكون تلك المرأة؟ لم يكن لها أصدقاء، فلقد ضاع هذا المفهوم مع زواجها، لأن زوجها كان يرى أن حياة الزوجة لزوجها وأبنائها فقط. نزلت وشعور الحرج يسيطر عليها، فقد كانت تتهرب طوال حياتها من زيارة أقارب زوجتي ياسر وعمر، كانت تعتذر. وعندما دخلت حجرة الضيوف وجدت المرأة واقفة، فهي في الأربعين، رشيقة، مهتمة بالأناقة وهذا واضح من تناسق ألوان ثوبها وحقيبتها وحذائها.

- أنا جارتك الجديدة، اسمي ميثاء، سكنت بيتي الجديد منذ أسبوعين فقط، رأيتك البارحة وأنت تنظرين من النافذة وسلمت عليك ولكنك كنت شاردة الذهن. فأحببت أن أتعرف عليك، عذراً لأنني جئت بدون موعد مسبق. أعرفك عن نفسي أكثر، أنا أرملة مات زوجي وكنت حبلى بابنتيّ التوأم عطاء وسماء.

- أهلا بك وأنا سعدت جداً بمعرفتك. اسمي آمال وأنا أيضاً أرملة ولي ثلاثة أبناء، ياسر وعمر وأحلام، وكل منهم يعيش في بيت مستقل مع أسرته، وابنتي أحلام مسافرة إلى الخارج مع زوجها ليستكملا دراستهما تاركة ابنتها معي إلى أن ترتب وضعها هناك.

- ميثاء: إذاً فأنا وأنت مشتركتان في حياتنا. هل يمكنني أن أتصل على الخادمة لتحضر سماء وعطاء لتلعبا مع حفيدتك؟

- آمال: بالطبع.

ظلتا وقتاً طويلاً تتبادلان أطراف الحديث، وكأنهما صديقتان فرقتهما الأيام. لأول مرة تشعر آمال بمعنى الحياة بوجود الأصدقاء. استطاعت ميثاء بخلقها وخبرتها في الحياة والناس والقراءة في كتب علم النفس والتنمية الذاتية أن تصل إلى قلب آمال.

ثم سألت آمال ميثاء عن سبب تسميتها لابنتيها سماء وعطاء. فروت لها حكايتها عندما توفي زوجها وهي حبلى بابنتيها، وكيف غيم السواد حياتها، لأنه كان زوجاً محباً ووفياً ومعطاء. تألمت وصبرت وقامت بحضور كثير من الدورات التي تسهم في بناء الذات لتعالج نفسها المكسورة. استطاعت الخروج من هذه المحنة.

وخاصة عندما انضمت إلى إحدى الجمعيات الخيرية في الدولة فعرفت معنى العطاء وأن تكون سماء يستظل بها الآخرون. شاركت في كثير من الأعمال الخيرية التي قامت الدولة خلالها بمد يد الخير لمن هم في الخارج والداخل، واستطاعت أن تمسح الدمعة من عين يتيم وترسم البسمة في وجوه الآخرين.

- آمال لماذا نعيش؛ هل لإسعاد أنفسنا فقط، أم لنكون مصدر خير لمن حولنا لا بد من أن نتطوع لنحقق هدف دولتنا لأنها هي من قوة سواعدنا. تعلمنا منها العطاء، تعلمنا معنى الخير، تعلمنا أن نكون بشراً.

تشجعت آمال وانضمت إلى الجمعيات الخيرية، ووجهت جلّ وقتها لتلك الجمعيات. وساعدها على ذلك زوجة ابنها التي تكفلت برعاية آمال الصغيرة، لأنها كانت تأمل أن تجد عمتها «أم زوجها» ذاتها المفقودة، وحلم بعيد لا تعرف ماهيته وكيف كان أو سيكون؟ شاركت في الحملات الخيرية داخل وخارج الدولة، تعلمت اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وفي عام الخير تم تكريمها كأفضل شخصية معطاء.. هكذا تحولت حياتها من ألم إلى أمل.

 

 

Email