الصراع الفكري والألم العربي في «حرب السوس»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تأت المسرحية العمانية «حرب السوس» التي شهدها جمهور مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، أول من أمس، مخالفة لما جاد به المخرج القطري عبد الرحمن المناعي في عرضه «هناك»، حيث لم تخرج في إسقاطاتها عن طبيعة الواقع العربي وما يسوده من تقلبات، فجاءت «حرب السوس» تصويراً لما تشهده المنطقة من صراع فكري أدى إلى كل هذا الألم.

فيما كشف العمل عن رؤية اخراجية جميلة بحسب اتفاق النقاد في الندوة التطبيقية التي تبعت العرض الذي استضافته خشبة قصر الثقافة، في وقت وضعت فيه مضامين المسرح الخليجي وأساليبه تحت مجهر جلسات الملتقى الفكري المصاحب للمهرجان الذي انطلق أمس.

حكاية «حرب السوس» تدور حول الصراع بين الخير والشر، ممثلة في قرية زراعية «أكل» السوس زرعها وأهلها، الذين أخذوا بالبحث عن الأسباب التي أدت إلى مرض زرعهم وانتشار السوس فيه، ويكتشفون لاحقاً أن الكارثة التي أصابتهم، سببها هي حرب قديمة بين زعيم القرية «مطار» وأحد سكانها «كيفان» الذي طرد من القرية بسبب غدره، فقرر دس السوس في مزارع القرية ليشعل النار بين أهلها إلا أن خطته فشلت.

أفكار غريبة

نقاد العرض لمسوا فيه إسقاطاً على ما تعيشه المنطقة العربية من صراع فكري، وواقع مؤلم نتيجة ما أصابها من حروب جاءت نتيجة لدخول أفكار غريبة عليها، وأكدوا أن مخرج العمل استطاع أن يعالج النص من خلال استناده على مدارس مسرحية مختلفة، وأكدوا في الوقت ذاته على أن العرض كشف عن مخرج متميز يتقن اللعب في أدواته المسرحية.

إلا أن اعتراضهم تمثل في كمية الصراخ التي حملها العرض، حيث تساءلوا عن جدواه، وان كان العرض يتحمل كل ذلك أم لا، وأشاروا أيضاً إلى أن المسرحية قامت على نص تقليدي، يتبع الخطوات الجيدة، في أي عرض مسرحي، من حيث بدء الحدث وتطوره ووصوله إلى الذروة، وانقلابه نحو الهدوء مجدداً، معتبرين أن هذه هي طبيعة «اللعبة المسرحية»، وأكدوا على أن العرض كشف عن التماهي بين رؤية الكاتب والمخرج.

مداخلات

من جانب آخر، شهد الملتقى الفكري المصاحب للمهرجان والذي عقد جلساته، امس، في فندق هوليداي انترناشيونال، زخماً في كمية المداخلات التي شهدتها جلساته التي حملت عنوان «المسرح الخليجي اليوم: مضامينه وأساليبه».

حيث شارك في الجلسة الأولى التي ادارها مرعي الحليان، كل من سامي الجمعان، ووطفى حمادي، وسكينة مراد، وسعد كريمي، بينما شارك في الثانية التي أدارها ظافر جلود كل من يوسف الحمدان، وعبد الكريم جواد، وحليمة مظفر، وأسامة أبو طالب.

وقدموا جميعاً مجموعة من الأوراق البحثية التي سلطوا فيها الضوء على واقع العمل المسرحي في منطقة الخليج، راصدين فيها جملة المتغيرات التي شهدتها الحركة المسرحية الخليجية، سواء على الصعيد الفكري، أو الموضوعات المتناولة على الخشبة التي انتقلوا فيها من القضايا المحلية نحو فضاءات إنسانية وعربية أوسع.

المداخلات في الملتقى الفكري تناولت أيضاً واقع المسرح الخليجي في السنوات العشر الأخيرة، وبينت أن نسبة المشتغلين فيه زادت وتعددت مؤسساته ومناسباته، واكد المشاركون على وجود حركة مسرحية متطورة، قادرة على السير إلى الأمام، مشيرين إلى ضرورة الانتباه إلى الدراسات النقدية لكافة العروض التي يقدمها المسرح الخليجي على خشباته.

Email