الفقدان وألم الحيرة حبل سري يربط بين العرضين

فرجة بصرية تتفوق على النص في «دوخة» و«يارب»

تناغم التقنية مع الديكور في يارب البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعرّف الجمهور في اليوم الرابع من مهرجان المسرح العربي بعد متابعته لعدد من الفعاليات في الفترة الصباحية بين مؤتمرات صحافية للفرق المسرحية المشاركة وندوات متخصصة بمحاور بحث شؤون وشجون المسرح، ومن خلال العرضين «دوخه» و«يارب»، على تجارب إبداعية جديدة من تونس والعراق من جهة، وعلى نبض ما يعيشه الشارع في بلدهما من جهة أخرى، والتي تمحورت بالمجمل حول تساؤلات تولدت عبر كرٍ وفر بين الحاضر والماضي القريب.

تساؤلات

وتأخذ التونسية زهرة زموري في «دوخة»، التي تعتبر أول تجربة إخراجية لها، المتفرج إلى عالم فرجة بصرية توازي النص ليتأرجح بين أوجاع وأحلام لأسرة صغيرة تضم الجدة والأم والابنة والرجل الحاضر الغائب. وتدفعهم أرجوحة التساؤلات المُربِكة حول جوهر حياتهم وحاضرهم في السنوات الست الأخيرة، إلى حالات من الهستيريا.

وجسدت المخرجة هذه الحالات ببراعة في لوحات سينوغرافيا لأداء تعبيري تنوع بين الصمت المطلق كما في بداية العمل، حيث تتحرك الشخصيات باتجاه الرجل ربما رمز الابن والأب المفقود مشحونة تارة بالشوق واللهفة وتارة أخرى بالغضب والنقمة، وبين لوحات إيقاعات جمعت بين الموسيقى والرقص العبثي، مما ساعد على تفريغ شحنات انفعالاتهم والجمهور معهم، والتي عكست في النهاية سخرية مريرة من الواقع كما في رقصة «الديك المذبوح».

مرارة الأمهات

أما العرض العراقي «يارب» للمخرج الشاب «مصطفى الركابي» فتمحور حول أوجاع ومرارة الأمهات، اللواتي حصدت الحرب أبناءهن من كبار وصغار دون رحمة. وتفرّد العرض بأسلوب إخراجه الذي شدّ انتباه الجمهور بإيقاعه الهادئ وأداء الممثلين وهم ثلاث شخصيات.

ويعكس العمل مراحل تجاوز الحزن والغضب والألم إلى حالة البرود، مع مهارة في استخدام تقنيات السينما والإضاءة لتقديم إيحاءات أفسحت للمخيلة فضاءات رحبة ثلاثية الأبعاد بين الداخل والخارج، مثل التناغم بين قطرات المطر التي تنقر على شاشة النافذة في الخلفية المطلة على طبيعة خضراء، والصمت المخيم على بيت الأم.

أشعب والغاضري

كما تناولت ندوة الصباح «حين تضيق العبارة يتسع الإيماء» تاريخ هذا الفن الذي يعرف أيضاً باسم «بانتومايم» والذي تحدث عنه المبدعون في هذا الفن الذي لا يزال انتشاره محدوداً في العالم العربي، اللبناني فائق حميصي والفلسطيني سعيد سلامة. واستعرض حميصي نشأة هذا الفن منذ العصر الروماني، وأصوله في التراث العربي مستشهداً بما ورد في كتاب «الأغاني» حول منافسة الغاضري لأشعب في نوادره والذي قال له في أحد مجالس القوم «افعل كما أفعل ثم غضن وجهه وعرّضه وشنّجه حتى صار عرضه أكثر من طوله، وصار في هيئة لم يعرفه أحد بها ثم أرسل وجهه وقال له افعل هكذا وطول وجهه حتى كاد ذقنه يجوز صدره وصار كأنه وجه الناظر في سيفه»، وشملت الندوة عرض أداء لكل من الفنانين المصريين صفاء محمدي وأحمد برعي.

Email