شغف القراءة اكتسبه من والده ونقله إلى أبنائه

محمد نور الدين: مَن فتح باب مكتبة أوصد باباً للحرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

أرجع الشاعر والباحث محمد عبدالله نور الدين ولعه بالقراءة إلى اهتمام والده بها. وقال: كان الوالد يشجعنا على القراءة، والمكتبة الصغيرة التي أنشأها في منزلنا، قبل أن نولد، كانت من أكبر المكتبات المنزلية الموجودة في تلك السنين. وأضاف: هذا ما أقوم به الآن حيث أشجع أطفالي على القراءة.

وقال في حديثه لـ«البيان»: تحتوي مكتبتي على قرابة الخمسة آلاف عنوان وغالبية محتوياتها أدبية، بين الشعر والنقد والبحوث والقصة والتراث الشعبي وأدب الأطفال وبعض الآداب الشرقية والغربية. وأوضح نور الدين، الذي أصدر لغاية الآن 12 كتاباً، أن القراءة هي مصدر الكتابة، فالكاتب يقرأ عشرات الكتب ليصدر كتاباً واحداً.

بدايات

أشار محمد نور الدين صاحب دار نبطي للنشر في حديثه لـ«البيان»، إلى أن أول كتاب قرأه هو القرآن الكريم. وتابع: كان والدي ولا يزال، من عشاق تلاوة القرآن الكريم، وكان مهتماً بتعليمنا القراءة من خلال التلاوة، قبل التحاقنا بالمدرسة.

أما البداية مع القراءة الحرّة فكانت مع المجلات، وبالطبع مجلة «ماجد» كانت المفضلة لجميع الأطفال، وبعد سنين الطفولة أصبحت الدواوين الشعرية هي التي تستهويني؛ فديوان عنترة وديوان أبي فراس الحمداني من أقدم ما قرأت.

وعن مكتبته الشخصية، قال نور الدين: تضم مكتبتي عدداً من الكتب المهداة، إلى جانب عدد من الكتب الخاصة بوالدي التي أعتز بها كثيراً وأعتبرها من جسور الكتب التي تربطني بالماضي. وأردف: وعادة ما أحب أن أقرأها له كونها طبعت صغيرة الخط ويصعب عليه قراءتها.

كما أنني جمعت الكتب منذ كنت في المدرسة ولغرض الاستمتاع، ولكن تحوّل الأمر بعد ذلك إلى غرض آخر، وهو الدراسات والبحوث التي أعمل عليها. وقال: حاولت أن أقتني الكتب التي أستخدمها في بحوثي بدلاً من قضاء ساعات في المكتبات العامة.

وأقدم نسخة أصلية لكتاب في مكتبتي هو ترجمة «رباعيات الخيام» لأحمد زكي أبو شادي، وهو من مؤسسي مجلة «أبوللو» المعروفة، والكتاب مطبوع قبل أكثر من 70 عاماً. واستطرد: لم أقتن الكتاب لأنه قديم، ولكن لاهتمامي بالترجمات العربية للخيام. وأشار إلى أن مكتبته تحتوي أكثر من 50 ترجمة مختلفة، ولا أظن أن هناك مكتبة في الإمارات تحتوي هذا العدد الكبير من رباعيات الخيام.

أما اتجاه نور الدين إلى تأسيس دار نشر، فيعود إلى قصة قديمة رواها: كنت محظوظاً جداً في نشأتي، كون بيت جدّي لأمي الملاصق لبيتنا، يحتوي مكتبة أخرى يلجأ إليها الكثيرون. جلوس جدي وحيداً في هذه الغرفة لم يكن يعني إلا للقراءة، وكان يهدف لإنشاء دار نشر في السبعينيات من القرن الفائت، وأظن أنني ورثت منه هذه الفكرة وأنشأت دار نبطي للنشر بعد أكثر من ثلاثين سنة.

من القراءة إلى الكتابة

حب القراءة الذي اكتسبه نور الدين من والده يعمل على تعليمه لأولاده، وعن هذا قال: أهتم كثيراً بإظهار إعجابي بما يقرؤون، وأهتم بإنشاء مكتبة خاصة لهم، والتجوّل معهم في معارض الكتب والمكتبات. وأضاف: أشجعهم وأشجع زوجتي على الكتابة أيضاً.

وهم يعلمون أنني صاحب فكرة «الطفل الكاتب»، ومن أول مشجعي النشر للأطفال والتسويق لهم. ولفت إلى أنه يتوقع منهم المزيد، ولا يستبعد أن ينشر لهم قريباً لأنهم يمتلكون ما يستحق النشر.

وقال نور الدين: ابني «علي» يتميّز بأذنه الموسيقية وابنتي «شمسة» كتبت أكثر من قصة جيدة، وأما زوجتي فهي بطبيعة الحال مصمصة غرافيك ولديها مشاريع كتب كثيرة سأنشرها. وأضاف: والدي أيضاً كاتب مقال بارع. لديه مخطوطات كثيرة كتبها بعد أن تجاوز السبعين من العمر، وهذا يؤكد لي أن الكتابة لا ترتبط بعمر معين فهي كالقراءة أسلوب فكر وحياة.

التحصن بالمعرفة

وكشف نور الدين أنه يفضل الكتاب الورقي. وقال في الخصوص: حين أدخل مكتبتي الخاصة أشعر بأني أحيا من جديد وأتنفس هواء نقياً وأنهل من معين لا يوجد أعذب منه. أعلم جيداً أن الزمن يتجه إلى الابتعاد عن الكتاب الورقي في غضون السنين القادمة، ولكن سيبقى الورق مهماً حتى ولو طغى الكتاب الإلكتروني وبات رمزاً للفخامة والتقدير.

وأوضح أن الكتاب الإلكتروني مهم كذلك، فهو أسهل في البحث والاقتباس، وأنا لا أستغني عنه، وبالذات حينما أبحث عن الكتب التراثية التي لم تعد تطبع الآن، فألجأ إلى البحث في الإنترنت عن صيغة تصوير ضوئي للكتاب، وأهتم بالاحتفاظ به وأقرأ الكتاب كلما سنحت لي الفرصة في أي مكان، من الهاتف الذكي، من دون قيد، سوى مستوى شحن البطارية. وتحدث نور الدين عن مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «2016.. عام القراءة»، ثم إعلان قانون القراءة في الدولة. إذ قال: إن ما يحصل هو ما يشبه الحلم.

وهذه المبادرات تؤكد أن القيادة الحكيمة في الإمارات لا تنظر إلى الشعب سوى نظرة الأب الذي يحصّن أبناءه من أمراض العصر الفكرية بالمعرفة والثقافة، ويحقق لهم السعادة من خلال تحقيق الذات. واستطرد: قديماً قال فيكتور هيغو «من فتح باب مدرسة أغلق باب سجن». وأقول: «من فتح باب مكتبة أخمد أبواب حروب».

تجربة

عادت مريم موسى، زوجة الشاعر محمد نور الدين، إلى بدايتها مع القراءة وقالت: بدأت القراءة الحقيقية في وقت متأخر جداً، فبعد الدراسة الثانوية اكتشفت أن اهتمامي الزائد بالقراءة المقررة، ليست هي القراءة الحرة التي أبحث عنها. وأضافت: من بعدها، بدأت أقرأ الكتب في المواضيع الصحية والطبية أو المواضيع الفنية كالتصوير.

وأوضحت: توجهت إلى قراءة الكتب التي تهمني كالكتب التي تهتم بصحة أجسامنا، ولا أخفي تأثري بالكتب التي أصممها، حيث صممت عشرات الكتب في مختلف المجالات. ومن الصعب أن أقوم بذلك قبل أن أعرف محتوى الكتاب معرفة جيدة. وقالت حول هذا النهج لديها: هذا النوع من القراءة النقدية الفاحصة يؤدي إلى إعادة الإنتاج في قالب فني مختلف.

وأنا أفضل الكتاب الورقي، لأن الورق يمنحني الإحساس بقيمة المحتوى أكثر، ويقنعني أكثر، لأنه مرّ بمراحل تدقيق كثيرة قبل النشر ولا يمكن تغيير محتواه بعد الطباعة. وأضافت: عادة ما أقرأ الكتب الإلكترونية قبل النوم أو خلال وقت الانتظار خارج البيت، حينما لا يكون الكتاب الورقي متوافراً.

وحول أسلوبها في تعزيز عادة القراءة لدى لأطفالها، قالت موسى: قراءة قصة قبل النوم هي عادة أحاول أن أرسخها لدى الأطفال وأحس أنها تحفز تفكيرهم وتفتح آفاق خيالهم وتشجعهم على القراءة. وأضافت: إن اهتمامي بالأحداث الكبرى كمعارض الكتب ومسابقات القراءة، تجعل أطفالي يشعرون بمدى أهمية القراءة.

ورأت أن اهتمام الدولة بالتشجيع على القراءة يصحح مسار القراءة. وقالت في الشأن: إن هذا الاهتمام جوهري ومؤثر جداً، خاصة حالياً، بعد أن تحولت القراءة من القراءة الهادفة إلى البسيطة التي تهتم بالأخبار والتسلية اللحظية، وغيرها من المجالات التي لا تحفز على الابتكار والإبداع والتنمية المعرفية.

وأشارت إلى أن هذه المبادرة أتت لتعطي القراءة أهميتها الحقيقية، وتصحح مسارها قبل أن ينجرف الناس لعادات قرائية خاطئة ستسبب لاحقاً إفراز جيل لا يعي ما يدور حوله ولا يتفاعل إلا مع عالم افتراضي يرتكز على أسس هشة.

شغف الطفولة

شمسة «10 سنوات- في الصف الخامس الابتدائي»، قالت: قرأت الكثير من الكتب، منها سلسة بعنوان «نارنيا» وكتاب «جيمس آند ذي جينت»:«James and the giant peach».

كما اطلعت على كثير من القصص القصيرة التي كان آخرها كتاب «في قاع البئر» للمؤلف فرج الظفيري، وهو هدية من المؤلف لوالدي. وأضافت: أحب قراءة الكتب، وبالذات الكتب التي لم تنشر. فعادة ما يقوم والدي بعرض الكتب التي يكتبها الأطفال علي لأقوم بقراءتها وإبداء رأيي فيها، قبل أن يوافق على نشرها.

وأظنه في هذا التصرف يريد أن يعلم ماهية رأي الأطفال فيها. وبينت شمسة أن والدها شجعها على القراءة من خلال كتابته للأطفال: قرأت وأنا صغيرة كتاب «مفتاح شاعر الأطفال» كما شجعتني معلمتي على توفير وقت خاص لقراءة كتب منوّعة، بدلاً من الكتب المقررة. وعن شعورها بعد الانتهاء من كتاب قالت: أفكر ببطل القصة التي قرأتها، وأعيد تخيل الأحداث من جديد.

أما علي «7 سنوات- في الصف الثاني الابتدائي»، فقال: أحب القراءة وأتمنى أن أقرأ وحدي من دون مساعدة أبي وأمي. وأشار إلى بعض الكتب التي قرأها بمساعدة أخته، وهي: «علبة الألوان» لفاطمة المزروعي وكتاب بعنوان «سالدرينا» من تأليف نوف الجابري.

وتابع: الكتاب من رسومات والدتي، وممتع بالنسبة لي أن أرى الكتاب يرسم قبل أن ينشر على كمبيوتر أمي. وقال علي: عادة ما تشجعني والدتي على القراءة حينما تقرأ لي القصص. كذلك أطلب منها ذلك حينما أجد كتاباً فيه رسومات جميلة، أما والدي فيحفزني على تأليف الحكايات ورسمها وغناء الأناشيد ومحاولة تغيير كلماتها.

مختارات

الكتاب: الموال ..همس الماء

تأليف: عبدالجليل السعد

الناشر: وزارة الثقافة وتنمية المعرفة

تاريخ النشر 2014

الصفحات: 164 صفحة

الكتاب: أساور في ذراع القمر

تأليف: محمد أحمد السويدي

الناشر: دار السويدي

تاريخ النشر 1990

الصفحات: 128 صفحة

الكتاب: ملاعب البالون

تأليف: سالم بوجمهور

الناشر: هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة

تاريخ النشر2011

الصفحات: 64 صفحة

الكتاب: كشف الغموض

تأليف: ناصر الهاجري

الناشر: المؤلف نفسه

تاريخ النشر 1987

الصفحات: 185صفحة

Email