أسرة هند بو شوّاب.. القراءة نواة السعادة

«الاسم هند بخيت بو شواب، والوظيفة قارئة بدوام كامل». هكذا عرَّفت بنفسها، فشغف القراءة تملكها منذ الصغر، ليفرض سطوته عليها طوعاً وليس كرهاً، لتنجرف وراءه تاركة العنان لروحها لأن تغرف من معين الكتب على قدر ما تحتمل.
هذا ما تفعله القراءة حين تتملك حواسك، لتشعر بأنك أعزل دون كتاب، وبأن الحياة تفتقد لذتها في غيابه، كما يفقد الوقت قيمته دون حضوره.
«البيان» زارت منزل هند بو شواب، لتعتقد لوهلة بأنها في مكتبة عامة، فمجموعة كبيرة من الكتب على اختلاف تخصصاتها ومجالاتها تتهادى على أرفف 3 مكتبات موزعة في غرفة الجلوس، تتوزع بينها بعض التحف الأنيقة، وساعة تمر دقائقها بحذر، لم توضع عبثاً بين جنبات المكتبة، فالعلاقة بين الوقت والقراءة دائماً ما تشغل تفكير صاحبة المنزل، التي يستحيل أن يمر عليها شهر من غير أن تنهي قراءة عدد مهم من الكتب.

عادات
عن عاداتها القرائية، قالت هند بو شواب: أصبح مستحيلاً أن يمضي عليَّ يوم دون أن أقرأ، فاليوم بدون الكتاب ناقص، وبالنسبة لي أعشق القراءة في كل المجالات، فالرواية تأخذني إلى عوالم ساحرة، والكتب الفلسفية توسع آفاقي ومداركي، أما التاريخية فتوضح لي حقائق كثيرة لم أكن أعرفها، والإسلامية تضع لي النقاط على الحروف.
وتقرأ هند باللغتين العربية والإنجليزية، ولا تنحاز للقراءة بلغة على حساب أخرى، فالثقافة التي تكتسبها من خلال القراءة باللغتين تثري معلوماتها وتغذي فكرها، وهو ما تفعله أيضاً الكتب المترجمة من مختلف اللغات إلى العربية، فهي غنية بأفكارها وعميقة بمضامينها، وهو ما يثير فضول القارئ ويزيد لديه الشغف بالقراءة، ويعزز رغبته في طرح أسئلة جديدة والبحث عن إجابات لها.
وانضمت هند لـ 8 مجموعات قرائية في دبي، ففي كل مجموعة ميزة معينة، وعنها قالت: أنا عضو في 8 مجموعات تقرأ باللغتين العربية والإنجليزية، ولكل مجموعة خصائص واختيارات مختلفة عن الأخرى، فإحداها تركز على الكتب الروائية، وأخرى على الكتب المترجمة، وغيرها مختصة في الكتب الفلسفية والتاريخية والإسلامية. وهكذا، وبالنسبة إلي، أشعر أني متداخلة مع جميع المجموعات لحبي للقراءة في مختلف المجالات، وبعد قراءة كل كتاب، يجتمع أعضاء المجموعات القرائية في حلقة نقاشية تأخذنا إلى عوالم جديدة، وهذه متعة كبيرة بالنسبة إلي. وبينت هند أن الانضمام إلى المجموعات القرائية يُكسب الشخص فضيلة التسامح، وقالت: الاختلاف في الآراء والاستماع إلى مختلف وجهات النظر، يُعلِّم الشخص تقبل الآراء، وهذا ما نحتاج إليه، فديننا يعلمنا التسامح، والقراءة تعزز هذا الجانب لدى القارئ.

خطة جادة
تقرأ هند قرابة الـ20 كتاباً خلال الشهر الواحد، وقالت: لدي خطة جادة أتبعها بحذافيرها، فالقراءة عادة يومية، ويحدث كثيراً أن أنتهي من قراءة كتاب يومياً، ومن الممكن أن أنهي قراءته خلال ساعتين لو جذبني بشكل كامل، فالقراءة تخلق حب الفضول للمعرفة، وكثرتها تزيد التعطش لها أكثر.
وأشارت هند إلى أن الروايات تمتاز بخصوصية خاصة تتمثل في أسلوبها الساحر وتسلسلها الذي يجذب القارئ، وقالت: أحب الروايات، وتعجبني كتابات الروائية رضوى عاشور، وأعتبرها حالة خاصة، ودخلت في حالة حب مع روايتها «الطنطورية»، بكل تفاصيلها، كما تعرفت من خلال المجموعات القرائية إلى كتّاب جدد وروائيين، اكتشفت من خلالهم تنوع الأساليب وروعة الإبداع.

حميمية الورق
ولأن للكتاب الورقي حميميته، لا تتنازل هند عن اقتنائه حيث كان، فالذهاب إلى المكتبة أو معارض الكتب رحلة ترفيهية من الدرجة الأولى بالنسبة لها، ومتعة تضاهي غيرها من متع الحياة، والكتاب الذي لا تجده في المكتبات، لا تتوانى عن طلبه عبر الـ«أونلاين»، وعن ذلك قالت: أحرص أنا وأبنائي على زيارة معارض الكتب، ورغم أهميتها وتنوع الكتب فيها، إلا أنني عاتبة على أسعار الكتب التي تتزايد يوماً بعد يوم، وهو ما يدفعني إلى طلب الكتب «أونلاين».
وتخصص هند بو شواب ميزانية شهرية للكتب، وبنظرة خاطفة على كتبها، لا بد أن تستوقفك الملاحظات التي تدونها على جوانب الصفحات، والخطوط التي ترسمها تحت بعض العبارات، إلى جانب تاريخ قراءة الكتاب الذي لا تتنازل هند عن تدوينه، وهو ما يجعلها تحتفظ بكتبها وترفض إعارتها لأحد، فالكتاب الذي تقرأه يحتفظ بقيمة عالية ولا يمكن أن تستغني عنه.

مبادرات ثقافية
لفتت هند إلى أن دولة الإمارات تفتح المجال، بالمبادرات الثقافية المتنوعة التي تطرحها، أمام أبنائها للاندفاع نحو القراءة، وقالت: كل شيء متوفر لنا، فالمبادرات الثقافية في كل مكان، والمشروعات والمكتبات والكتب حولنا في المدارس والمراكز التجارية والحدائق والأماكن العامة، وليس هناك أي مبرر لعدم القراءة أو النهل من معين الثقافة.
وعبرَّت هند عن سعادتها بالوعي الكبير الذي تمتلكه الدولة من خلال اهتمامها ودعمها للكتاب، مشيدة بعام القراءة، وقالت: «عام القراءة» مشروع رائد، نجح في تغيير الكثير، وزاد اندفاع الأسر باتجاه القراءة إلى أقصى حد، كما أن تكريم المتميزين في المجالات الثقافية ساهم في زيادة حماس المجتمع على الاتجاه نحو القراءة، وأرى أننا محظوظون باهتمام دولتنا وحكومتنا بالقراءة، لأن بناء الإنسان هو أساس أي نجاح، وأنا سعيدة جداً بحماس أبنائي ورغبتهم في أن يكونوا من المتميزين والمكرمين في مجال القراءة.

عدوى القراءة
ولأن القراءة مُعدية، فقد اكتسب ابنا هند، عبدالله أحمد المزروعي (15 سنة) وهيا أحمد المزروعي (13 سنة)، حب القراءة، وأصبحت الكتب رفيقاً دائماً لهما. وعن ذلك قالت هند: دائماً ما أشجعهما على القراءة وقد زاد ارتباطي بالكتاب علاقتهما به، ولم يعد لديهما وقت فراغ، إذ أصبحا يملآنه دائماً بالقراءة.
ويميل ابنا هند إلى القراءة باللغة الإنجليزية، كما تسعى والدتهما للوصول بهما إلى المراكز الأولى في مبادرة «تحدي القراءة»، فالرغبة موجودة في داخلهما، والدافع كبير للحصول على اللقب.
ويقرأ عبدالله وهيا باللغة الإنجليزية، بينما تسعى هند في الوقت الحالي، لتشجيعهما على القراءة باللغة العربية، لا سيما وأن مبادرات الإمارات تدعم هذا التوجه، إلا أنها فخورة بشغفهما نحو القراءة لأن ذلك يكسبهما الثقافة والمعرفة بأية لغة كانت. وأكدت هند أنها تسمح لابنيها بقراءة كتب أكبر من مستوى عقليهما، لافتة إلى أن ذلك يزيد استعدادهما للمرحلة المقبلة، ويزيد وعيهما ويوسع آفاقهما.

ترفيه و«أكشن»
وتحدثت هيا أحمد المزروعي، عن القراءة فقالت: أميل للكتب الترفيهية وكتب المغامرات، وأستمتع بقضاء وقتي في القراءة، وأقرأ بمعدل كتابين شهرياً، كما أحرص على زيارة المكتبات والمعارض، وأنتقي مجموعة من الكتب، ثم أستشير والدتي فيها.
وذكرت أن الأجواء القرائية التي توفرها والدتها في المنزل، تدفعها إلى ممارسة هذه الهواية بكل حب واستمتاع، مشيرةً إلى أن القراءة تحظى باهتمام كبير من قبل الدولة، وأن الوعي بأهميتها يزيد حرص أبناء المجتمع على التزود من المعرفة.
وتشارك هيا صديقاتها متعة القراءة، ويتبادلن الكتب أحياناً، وهو ما يخلق بينهن حواراً فكرياً ممتعاً.

سباق ثقافي
وينخرط ولدا العائلة، هيا وعبد الله، بمسابقات ومنافسات ثقافية مع أبناء شقيقة الأم: هند، وهؤلاء هم: راشد (9 سنوات) وأحمد (7 سنوات) واليازية (4 سنوات)، إذ يُسابقون بعضهم البعض، جميعاً، في اقتناء الكتب لتقرأها لهم هند، وهذا التسابق على الكتاب، يزيد حميمية العلاقة بين أفراد الأسرة والأقرباء، ويثري أوقاتهم كلهم، بمعلومات قيمة وغنية.

موقف محرج
مواقف كثيرة تتعرض لها هند بو شواب مع القراءة، ففي أول جلسة قرائية مع إحدى المجموعات، ذهبت في الموعد المحدد، وحين وصلت، وجدت أكثر من 40 شخصاً على طاولة واحدة، ففوجئت بهذا العدد الكبير، ودفعها خجلها إلى المرور من أمامهم وتجاهل تلك الطاولة، وعادت مرة أخرى بعد لحظات، ولكنها لم تستطع الانضمام لهم، حتى استجمعت قواها، وجلست بعد ذلك بينهم.
والسبب الحقيقي لخجل هند من الانضمام للمجموعة، كان عدم فهمها بشكل جيد للكتاب الذي قرأته والذي سيتم نقاشه مع المجموعة، وحرجها من عدم القدرة على نقاشه مع زملائها، ولكن تنوع الآراء حول الكتاب زاد ثقتها بنفسها، وسهَّل عليها الأمر.

مختارات:
الكتاب: الطنطورية
المؤلف: رضوى عاشور
الناشر: دار الشروق
عدد الصفحات: 463 صفحة

الكتاب: ساق البامبو
المؤلف: سعود السنعوسي
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون
عدد الصفحات: 396 صفحة

الكتاب: حارس الموتى
المؤلف: جورج يرق
الناشر: منشورات ضفاف- منشورات الاختلاف
عدد الصفحات: 304 صفحات

الكتاب: مصائر
المؤلف: ربعي المدهون
الناشر: مكتبة كل شيء
عدد الصفحات: 266 صفحة

 

تابعوا فكر وفن من البيان عبر غوغل نيوز