الأب والأم والإبنه يصدرون كتبهم في عام واحد

القراءة مهدت لعائلة السماك دروب الإبداع

ت + ت - الحجم الطبيعي

يضيء اللقاء بعدد من أفراد عائلة السماك، مسارات ودروب النجاح التي يفتحها الكتاب للإنسان، لندرك أن دور القراءة لا يقتصر على الارتقاء بروح القارئ وفكره وتوسيع مدارك عقله والانفتاح على عوالم الآخرين، واستنهاض مشاعر التفهم والتعاطف مع تجارب الغير، بل ينسحب إلى فتح أفاق جديدة، يجد فيها كل منا رسالته في الحياة، ليُنتج ويُسهم في بناء مجتمعه بأسلوب فاعل يترك من خلاله بصمته في العطاء.

وبهذا ينتقل القارئ من كائن يعيش على هامش الحياة، إلى عضو فاعل يمد من حوله بالأمل والشجاعة، والإيمان بقدرته على تحقيق أحلامه وتجاوز التحديات بمرونة وذكاء، والخروج من ظلال الهوامش التي تأسر الجاهل المحكوم بالخوف، وفاقد الثقة بالنفس إزاء مواجهة المحن.

وأتيحت لنا الفرصة في دبي بلقاء ثلاثة من أفراد هذه العائلة التي تضم الأب عادل السماك المستشار المصرفي، والأم المهندسة منى كاظم والابنة حنان خريجة الجامعة الأميركية بدبي في تخصص التسويق.

تنافس القراءة

وعن علاقتها بالكتاب وتأثيره على حياتها منذ بدايات تشكل وعيها وحتى اليوم قالت الابنة حنان: «اعتدنا أن تقرأ لنا والدتي القصص قبل النوم، وعندما تعلمنا القراءة كانت والدتي تكافئنا بأخذنا إلى المكتبة وشراء الكتاب الذي نختاره، وكنت أتنافس مع أختي جنان التي تصغرني بعامين على سرعة الانتهاء من قراءة الكتاب الذي بين يدينا، حتى وصلنا إلى قراءة كتاب بأكمله في يوم واحد».

وتستعرض حنان نوعية الكتب التي قرأتها تبعاً لكل مرحلة عمرية، قائلة: «شدتني في المرحلة التأسيسية قصص الرعب والجريمة، لأقرأ في المرحلة المتوسطة قصص المغامرات باللغتين العربية والإنجليزية، وفي الثانوية انجذبت إلى عالم الرواية الإنسانية وكانت كاتبتي المفضلة الروائية الكويتية علياء الكاظمي». وتقول عن أسباب إعجابها بأعمال تلك الكاتبة: «شدني في روايتها ارتباطها بالواقع وبساطة أسلوبها الذي يلامس القلب ومن أبرزها روايتها«حبيبة».

أما في مرحلة ما بعد الجامعة فقد فتح الكتاب خلالها آفاقاً جديدة أمامها، وقالت:«بعد تخرجي من الجامعة عام 2013، بقيت عاماً ونصف عاطلة عن العمل.

وخلال تلك الفترة بدأت بمطالعة كتب تطوير الذات باللغتين، وأول كتابين شكلا شغفي بنوعية الكتب هذه، هما «قوة التفكير» للدكتور إبراهيم الفقي، و«كيف تبرمج عقلك الباطن لتحصل على ما تريد» للدكتور صلاح الراشد.

وأضافت:«أدركت بعد قراءات مكثفة في هذا المجال، رسالتي في الحياة لأبدأ بالموازنة بين عملي الوظيفي وبناء نفسي وتطويرها في هذا الجانب، لأصبح مدربة معتمدة برخصة في تطوير الذات بعد حصولي على عديد الدورات والشهادات».

حلقات«حياتنا»

لم يتوقف طموح حنان عند هذه المرحلة التي تصف فيها إنتاجها، بالقول:«في البداية صورت حلقات بعنوان «حياتنا» حول كيفية التفاعل مع الحياة في مختلف جوانبها، والتي نشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وشجعني التفاعل الإيجابي والرسائل المؤثرة للمشاهدين في كتابة الحلقات ونشرها في كتاب بالعنوان نفسه والذي صدر العام الجاري خلال «معرض أبوظبي الدولي للكتاب».

وتعطينا نبذة عن عناوين فصول كتابها قائلة: «يتضمن الكتاب ما يرتبط بحياتنا من تعزيز الثقة بالنفس وحب الآخرين والتسامح والعطاء وغيرها الكثير».

القراءة السريعة

وتختزل حنان تجربتها مع الكتاب بالقول: «المحور الأهم في علاقة الإنسان بالكتاب هو اختيار كل منا إلى قراءة ما يميل إليه سواء في الأدب أو علوم الحياة، وتعلم القراءة السريعة، ومطالعة ما كتب في مقدمة ونهاية الكتاب وفهرسه قبل البدء به. وأخذ الملاحظات والإشارة لها إن استوقفه ما يرغب في الرجوع إليه لاحقاً».

صاحبة قرار

أما تجربة المهندسة والأم والمرأة العاملة منى كاظم مع الكتاب، فهي بمثابة رواية قائمة بحد ذاتها، وقالت: «ارتبطت طفولتي بالكتاب بتشجيع من أمي العاشقة للقراءة والعلم، والتي تعلمت منها كيف أكون صاحبة قرار ومحبة للمسؤولية. كانت تصطحبني وإخوتي إلى المكتبة لاختيار الكتب التي نود قراءتها، ومذ كان عمري 12 عاماً بدأت بكتابة الخواطر والأشعار باللغة الفصحى».

وتحكي عن نوعية الكتب التي تستهويها أو استهوتها سابقاً، قائلة: «أحببت في مرحلة الطفولة قراءة قصص الجريمة والألغاز والمغامرات وفي مرحلتي الإعدادية والثانوية انشغلت بكتب دراستي.

وفي المرحلة الجامعية وما بعدها بدأت بقراءة الكتب المرتبطة بإطار دراستي للكيمياء، وفي إطار عملي المرتبط بمعايير الجودة المعنية ببطاقة الأداء المتوازن، بدأت بقراءة الكتب المعنية بالإدارة والتخطيط الاستراتيجي وتطوير الذات. وأذكر أني في عمر الـ 17 بدأت بكتابة قصة طويلة كرواية أو مسلسل والتي شكلت منعطفاً جديداً في حياتي بعد مضي سنوات عدة».

شغف بالتطوير

وتنتقل منى إلى الحديث عن مرحلتها الجديدة من القراءة والتأليف، قائلة: «تملكني شغف كبير بكتب تطوير الذات مثل «العادات السبع» لستيفن كوفي و«السر» لروندا بايرن إلى جانب أعمال باولو كويلو وفي مقدمتها روايته«الخيميائي» التي كانت هي وغيرها منبعاً للإلهام والإبداع في عملي المهني لأنضم إلى الدورة الأولى من برنامج إعداد القادة عام 2003، ولأرتقي بخبرتي وأشارك بعد نقلي إلى مكتب رئاسة مجلس الوزراء في إدارة مؤسسة الأداء الحكومي».

تشرد منى قليلاً وبعد لحظات صمت تقول: «واجهت عام 2010 محنة إنسانية قاسية فقدت خلالها أمي وأخي وزوجة أخي الثانية في حادث مروّع، ما دفعني إلى الاعتكاف وقراءة القرآن والكتب الدينية، واستغرقني الخروج من حالة الحزن ما يقرب عامين.

وتمضي الأيام بالإيقاع نفسه خاصة وقت قصص المساء التي تطلبها مني ابنتاي الصغيرتان دلال ودانا، اللتان تعشقان القصص التي أرويها لهما من نسج مخيلتي. وفي أحد الأيام اقترحت علي ابنتي حنان أن أكتب القصة التي أسردها عليهن».

الكتابة للناشئة

وتتابع: «لم أهتم بالفكرة ولكني بدأت البحث عن نوعية الكتب العربية المتوفرة للأطفال في مكتباتنا، وأدركت النقص الكبير في أدب الناشئة. وعليه وجدت في نفسي الدافع لكتابة القصص لهذه المرحلة العمرية من وحي بيئتنا وقيمنا وأخلاقنا بأسلوب محبب مع التنويه بالعبرة بعد نهاية كل قصة. ورأت أول مجموعة قصصية لي النور العام الجاري خلال معرض أبوظي للكتاب وهي بعنوان«حكاياتي مع ماما منى» وموجهة للناشئة ما بين 8 – 15 عاماً، وأكتب حالياً مجموعة جديدة».

قراءة المتوفر

وتتجه بوصلة الحوار إلى الزوج والوالد عادل السماك الرجل المتخصص بالعلوم المصرفية الذي يقول في بداية اللقاء: «أحببت القراءة التي شكلت جزءاً من مراحل حياتي، وإن كانت في مراحل الطفولة والدراسة غير قصدية، أي أنني كنت أقرأ الروايات العربية التي كان يشتريها إخوتي.

أما فعل اختياري للكتب فبدأ بعد دخولي الجامعة، وتمحورت قراءات بالإنجليزية حول تخصصي في المال والأعمال واستمريت على هذا الحال مدة 30 عاماً وحتى تقاعدي. وكنت لدى حاجتي إلى استراحة أقرأ رواية مترجمة باللغة العربية كي لا أنسى لغتي».

ويحكي عن الكتاب الذي ترك أثراً عميقاً في نفسه، قائلاً: إنه « فكر تصبح غنياً» للأميركي نابليون هيل وكم تمنيت حينما قرأته لو أني عثرت عليه قبل 20 عاماً، لكنت اختصرت تجارب ما يقرب 10 سنوات من حياتي. وهذا الكتاب المنشور عام 1937 لايزال متداولاً حتى يومنا هذا وبطبعات محدّثة وبيع منه حتى عام 2011 أكثر من 70 مليون نسخة».

كتاب جوهري

ويقدم السماك نبذة عن مضمون الكتاب، قائلاً: «يوحي العنوان للوهلة الأولى أن الكتاب معني بجني الثروات، لكنه غير ذلك فهو يدل على كيفية اتخاذ القرارات الصحيحة التي تساعد صاحبها في صناعة مستقبله وتحقيق ثروة له. إنه كتاب قيّم وأحرص على إهدائه لأصدقائي المقربين لقيمته الفكرية والتنويرية».

أما عن نتاج حصاد القراءة، فقال: «منذ قراري بالتقاعد المبكر العام الماضي، وأنا متفرغ للكتابة التي أعشقها. وأصدرت في بداية العام كتاباً«أطلق مشروعك الصغير» ضمنته خبرتي في آخر 10 سنوات حول تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة. بالطبع التفرغ للكتابة عامل أساسي فهذا الكتاب بدأت به قبل 4 سنوات ولم أتمكن من إنجازه إلى جانب عمله نظراً لأنه مادة علمية تتطلب بحوثاً ومراجعًا. كما أكتب حالياً رواية بدأتها قبل 5 سنوات وأنجزت 70%منها».

مختارات

الكتاب: العادات السبع

تأليف: ستيف كوفي

تاريخ النشر: 1989

الصفحات: 380

 

الكتاب: فكر لتصبح غنياً

تأليف: نابليون هيل

تاريخ النشر: 1937

الصفحات: 238

 

الكتاب: قوة التفكير

تأليف: د. إبراهيم الفقي

تاريخ النشر: 2008

الصفحات: 392

 

الكتاب: الخيميائي

تأليف: باولو كويلو

تاريخ النشر: 1988

الصفحات: 163

Email