مشروعات ومبادرات أبطالها موسيقيون من بقاع المعمورة

ثقافات العالم ولغاته تتحدى الزوال بتحوّلها ألحاناً

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أخذ عدد من الملحنين الموسيقيين على عاتقهم، أخيراً، مهمة الحفاظ على لغات العالم التي باتت مهددة بالزوال، عبر الأعمال الموسيقية.

ذلك بموازاة ما أظهرته وثيقة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، بشأن انقراض 3 آلاف لغة تقريباً، نهاية القرن الحالي، وعجز خبراء الأنثروبولوجيا واللسانيات أمام هذا الزوال التدريجي للذاكرة الجماعية، وما يرافقه من فقدان للتنوع اللغوي.

وأبرزت صحيفة «نيويورك تايمز»، في تقرير نشرته أخيرا، جملة الأعمال التي أنجزها مؤلفون موسيقيون في أميركا للحفاظ على هذه اللغات المنقرضة، أو المهددة بالانقراض، عارضين لأساليبهم المختلفة في نسج عباراتها المبهمة في أعمال موسيقية تطبع في الذاكرة، سواء أكان ذلك للاحتفاء بها أو لتخليد ذكراها أو للبكاء عليها، كما على الثقافات التي أوجدتها.

«سكان الحجر»

ومن بين الأعمال المهمة التي ذكرتها الصحيفة: أوبرا «شجرة الرموز» للملحنة النمساوية ليزا ليم في «أوبرا كولون» بألمانيا، والتي تضمنت نتفاً من لغة الصفير التركية الخاصة بإحدى القرى الجبلية الصغيرة، كذلك غناء عازفة البيانو ليزا مور للحن الكلاسيكي «أغنية ايشي» لمارتن برسنيك، في ألبومها الأخير «سكان الحجر»، والتي تشي بأجواء أنشودة آخر الهنود الحمر الأصليين من الياهي في كاليفورنيا الذي توفي عام 1916، وكذا الأمر في سمفونية الموسيقار تان دون بعنوان «نوشو» التي عزفت في «نيويورك فيلهارمونيك»، والتي هي نتاج بحث الملحن في لغة خاصة بنساء قرية صغيرة في مقاطعة هونان الصينية على مدى 700 عام.

وهناك أيضا: أبحاث ملحنين آخرين بمن فيهم فيفيان فانغ التي أجرت تحقيقات في ثقافات الأقلية في مقاطعة يونان الصينية، وكيفن جيمس الذي سعى وراء آخر المتحدثين الأصليين بلغات الأقليات في شمال غرب المحيط الهادي وأستراليا واليابان.

والموسيقى الكلاسيكية سبق لها أن برهنت على براعة في الحفاظ على اللغات مثل اللاتينية، عبر أجواء طقسية تُسمع الجمهور لغة لا تصادفهم بشكلها المحكي. وتنقل الصحيفة عن مؤسس مشروع اللغات المنقرضة، مستر جيمس قوله إن الهدف «ليس التعامل مع اللغة كموسيقى، بل تأصيلها كموسيقى»، حيث هناك فارق كبير بين الاثنين.

طرق متنوعة

وأظهرت العروض اختلافاً واضحاً في طريقة عرض الملحنين لتلك اللغات النادرة من واحد إلى آخر. وفي مقابلة مع المؤلفة الموسيقية الأسترالية ليزا ليم، قالت إن لغة الصفير في «شجرة الرموز» تتحدث عن «كيف نتأقلم كبشر ونتفاعل مع بيئتنا، ونحن غير منفصلين عنها، لا بل في علاقة وطيدة مع كل شيء من حولنا».

وهذه النظرة الإيجابية تُبعد ليم عن بعض التجارب الأخرى التي يتميز معظمها بإحساس الخسارة والحزن، فأعمال مثل «كونتينغ إن كويليوت» لمستر جيمس، التي تمزج تسجيلاته آخر المتحدثين الأصليين بلغة الهنود الأميركيين من جنوب ولاية واشنطن، تأخذ شكلاً من المشاعر البائسة والمستوحشة بشكل متزايد.

بدايات

ترى صحيفة نيويورك تايمز أن هذا المشروع، خاصة العمل الميداني فيه، يجعل من الموسيقيين المشتركين فيه، ورثة الموسيقار بيلا بارتوك، الذي سافر إلى الريف في مسقط رأسه في المجر، مع فونوغراف «اديسون» الثقيل، لتسجيل وتدوين الأغاني الفولكلورية في المنطقة، وكانت تلك بداية علم دراسة موسيقى الثقافات.

Email