الطريق إلى روما

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في عام 1836 يتوقف القطار، الذي يقلني إلى روما بمحطة ميلانو، لأستقل قطاراً آخر في اليوم التالي، وأكمل طريقي.

حملت حقيبتي وانتظرت السيدة العجوز بفارغ الصبر كي تتحرك قليلاً إلى الأمام، حتى أتمكن من العبور بجانبها، وبعد لحظات تحركت العجوز، وأتى رجل من آخر القطار مسرعاً نحوها فاصطدم بها وسقطت أرضاً وقال: آسف، عليك بأن تكوني أسرع من ذلك، كان الرجل فائق الفظاظة. لم يرق لي الوضع، كنت أريد أن الحق به وأعطيه كلمتين، اجعل نهاره أبطأ من الأمتعة، التي تجرها العجوز الملقاة على الأرض.

أمسكت بيدها ورفعتها عن الأرض وجعلت أجر أمتعتها حتى وصول الحافلة التي أقلتها. هكذا بدأت الساعة الأولى في ميلان، عجوز بطيئة وشاب فظ. بعد ذلك ذهبت إلى استراحة لا تبعد كثيراً عن محطة القطار، لم تكن جيدة، لكن كما أردتها أن تكون، بحوض سباحة وأسرة نظيفة.

وضعت أمتعتي في الغرفة وأخذت كتيب الأماكن السياحية والخريطة من موظف الاستقبال، ونزلت إلى الشارع لاستكشف المدينة. قصدت أحد الشوارع كان مكتظاً بالناس، بالأخص أمام مطعم بورغاندي المطعم الموجود في الدليل السياحي على أنه أفضل مطعم لازانيا في إيطاليا.

يبدو أن الدخول إلى هذا المطعم سيأخذ وقتاً طويلاً لأن الحشود كلها تنتظر، لكن الجوع والإجهاد من السفر الطويل أرهقني وأردت أن أذهب إلى المطعم المجاور لبورغاندي ببضعة أقدام دخلت المطعم، كان اسمه رابيدو، وأعتقد أنها تعني السرعة باللغة الإيطالية، سحبت المقعد بأول طاولة في المطعم، سمعت صراخ حسبته أتى من المقعد، لأني سحبته ولم أرفعه وكانت الأرضية من السيراميك، جلست وسحبته مرة أخرى باتجاه الطاولة، وسمعت الصراخ من جديد، التفت، لا أحد بجانبي.

بعدها العمال من المطعم بدأوا بالخروج بسرعة من المطعم لحقتهم لأشرح لهم ما حدث، فشاهد الناس وهم يخرجون من بورغندي مع وصول سيارات الشرطة والمسعفين اقتربت أكثر لأرى ما الذي حدث هناك. مع اقترابي من المكان أسمع الناس وهم يتكلمون ويهمسون إنه (الشيف الجديد) عند وصولي إلى المسعفين رأيت الطاهي مطعوناً في عنقه والدماء تغطيه.

كان الفضول يأكلني فبدأت بسؤال من حولي عما حدث هنا، إذ تبين أنه الطاهي السادس في غضون شهرين، الذي يتم طعنه في المطعم.

في طريق عودتي إلى المنزل قرأت إعلاناً على أحد مصابيح الشوارع بأنه اليوم يقام حفل خيري لدعم إحدى الجامعات في ميلانو، فقررت الذهاب.

في الحفل كانت أكثر الشخصيات المرموقة واضحة، لالتفاف الناس حولهم، وأكثر من شد انتباهي هو الرجل الذي تلتف عليه رجال الصحافة.

أتى إلى النادل بمشروب فسألته من يكون ذلك الرجل فأجاب إنه وريث مطعم بوغندي.

بعد تناولنا العشاء خرجت للشرفة، لأدخن غليوني للمرة الأولى هنا في ميلانو، وأتى للشرفة من خلفي لويجي وريث بورغندي وبدأ التحدث معي:

- لا تبدو من هنا هل أنت سائح؟ ولكنتك ليست إيطالية ولكنك تجيدها هل أحد والديك من إيطاليا؟

- نعم، ولا، هكذا كانت إجابتي ثم سألته:

-ما سبب مقتل الطهاة عنده، أجابني بلا أعلم.

سألته عن بدايات المطعم.

في عام 1780 افتتح جدي والد أبي المطعم بعد انتهائه من الجامعة كان يعشق حركه الأشياء ولماذا يحدث هذا ولماذا لا يحدث ذلك كان يدرس الفيزياء.

أراد جدي أن يطعم الناس طعاماً صحياً لأنه تعرض لمرض السكري، وقام الأطباء ببتر قدمه اليمنى.

في هذه الأثناء فتحت باب الشرفة، ووقفت عندها امرأة، قالت: لويجي عزيزي تأخرنا، فاعتذر مني وذهب.

في صباح اليوم التالي عند محطة القطار كنت أنتظر وصول القطار الذي سيقلني إلى روما على بعد مسافة ليست بالبعيدة. المرأة العجوز بجبيرة على رجلها. إنها تقترب مني، لم يصل القطار بعد، أريد أن أدخل قبل أن تصل إليّ، ثم سقط العكاز من يدها، لكنها لا تستطيع الانحناء لترفعه من الأرض التفتت، ثم ذهبت إليها وأعطيتها العكاز شكرتني وقالت لا أستطيع الانحناء لأن ساقي مجبرة.

تذكرت حديث لويجي عن بتر ساق جده تركت القطار وأسرعت نحو مطعم بوغندي.

دخلت إلى المطعم تحدثت مع المدير وسألته إذا كان بإمكاني أن ألقي نظرة حول المطبخ، سمح لي بذلك وقال، لكن الشيف الجديد طباعه فظة، حاول ألا تكون في طريقه، فتحت باب المطبخ، الطاهي الجديد يقطع البندورة.

بحثت عن شيء غريب مستحدث في المطبخ، لكن يبدو أن لا شيء يفوق الاعتيادي هنا. «اخرجي من مطبخي»، قال الطاهي التفت نحوه إذا به الرجل الذي قام بدفع السيدة العجوز البارحة.

لم أحل لغز بورغندي، لكن سأنتقم للعجوز قلت لنفسي، بدأ الرجل بتلفظ بكلمات لم أقرأها من قبل في الترجمة الإيطالية وهو يبربر، سقطت السكين من يده لأرضية المطبخ، انحنى لأخذ السكين، لم أكن أريد أن اطعن في ساعاتي الأخيرة في ميلانو ركضت نحوه، قفزت عليه طرحني أرضاً وقبل أن يلكمني طارت السكين في الهواء. بعدها أصبحت اللكمة إلى حضن، وشكرني على إنقاذ حياته وخرجت يومها من مدينة ميلانو إلى روما.

* أديب إماراتي

Email