شكري المبخوت لـ « البيان » :

الروائي ينحاز إلى الحق

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حين تنجح الرواية في أن تصبح ديوان العرب، لتتحدث بلسان المجتمع عن مشكلاته وأزمات الإنسان فيه، فهذا يعني قوة تأثيرها، وقدرتها على جذب القارئ وتوجيهه حيث تشاء، أو منح فكره وخياله مساحة للحوار فيما بينهما. وهو ما أكده الروائي التونسي شكري المبخوت، في حواره مع ( البيان)..

والذي اقتنص الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» 2015 عن روايته «الطلياني»، أخيراً، إذ إنها تعبر بشكل أو بآخر، عن واقع اجتماعي شكلته السياسة، وذلك من خلال تناوله حقبة من تاريخ بلده تونس.

وأوضح المبخوت أنه يؤمن أن الروائي لا يمكن أن يكون محايداً، بل هو منحاز بصراحة إلى الحق والعدل، مبيناً أيضاً أن الرواية العربية، حالياً، تعبر عن التحولات الحاصلة داخل المدن العربية، وتعكس أزمات الإنسان، لتصبح بذلك جزءاً من الثقافة بما تطرحه من أسئلة على الرأي العام.

هل الرواية العربية اليوم معبرة عن الواقع العربي؟

لا يمكن للرواية إلا أن تعبر عن هذا الواقع بأشكال وطرق مختلفة، وليس من باب الصدفة أن تنتشر فكرة كون الرواية ديوان العرب المعاصر، فديوان العرب كان في السابق هو الشعر، ليعبر من خلاله الشعراء عن مآثرهم وأمجادهم..

ولكن الرواية اليوم هي التي تعبر عن التحولات داخل المدن العربية المختلفة بتنوعها، وعن أزمات الإنسان العربي في أرجائها. ولذلك، فما نراه من تراكم كمي في هذه الأعمال يولد إثارة ذكية ومبدعة واستثنائية لكثير من ما يعيشه الإنسان العربي.

هل اختلف وقع الرواية على الجمهور قبل الثورات عما بعدها؟

يتعسر علينا حتى الوقت الحالي، تقييم هذه المسألة من جهة التأثير وكيفية تلقي الرواية، ولكن الأهم من ذلك هو عودة الاهتمام بالشأن العام في العالم العربي بسبب هذا الربيع، وارتباطاً بهذا فإن الرواية لابد وأن تحوز وقعاً متمايزاً لدى الناس، إذ إنها جزء من الثقافة التي تطرح أسئلة على الرأي العام، ولذا من المهم أن نتتبع ما ستؤول إليه هذه العلاقة بين كتّاب الرواية العرب والجمهور العربي في سياق المدينة التي تطرح أسئلة الواقع العربي.

حياد

عادة ما يُطالَب المثقفون بالحياد، إلى أي مدى يستطيع الروائي أن يفعل ذلك؟

الرواية تقدم وجهة نظر فيها التزام أخلاقي قبل كل شيء، إلى جانب الالتزام الجمالي، أما الأخلاقي فيكمن في تناول مشكلات الإنسان والانحياز المطلق إلى حريته وإلى العدل، وبهذا المعنى لا يمكن أن يكون الروائي مُحايداً، أما إذا تحدثنا عن الحياد، فمفهومه الحق: القدرة على تقديم وجهات نظر مختلفة تعبر عن الأصوات التي تعتمل على الواقع العربي.

حصدت روايتك «الطلياني» جائزة البوكر، ما العوامل التي هيأتها للفوز بها؟

أعتقد أن «الطلياني» لفتت الأنظار واستحقت الجائزة بسبب سهولة قراءتها والتشويق الذي تمتاز به، وهو ما لفت إليه أعضاء لجنة التحكيم، بالإضافة إلى أنها صنعت شخصية فاتنة آسرة جذبت القارئ.

لمن تكتب؟

ليس لي جمهور خاص. إذ أؤمن أن الرواية فن شعبي، ولذا أكتب لكل من يرغب في قراءة فن الرواية، ومن يطرح الأسئلة التي تثيرها.

مصداقية وتشكيك

يشكك الكثيرون في مصداقية الجوائز الأدبية، ما تعليقك؟

لا فائدة من التشكيك فيها لأن الجوائز الأدبية جزء من المؤسسة الأدبية ووجودها، حتى وإن شكك فيها البعض فذاك أفضل من عدم وجودها، لأهميتها في تحريك الساحة الثقافية وتدوير دولاب النشر، فالبوكر - على سبيل المثال.

- ومنذ تأسيسها عام 2007، ساهمت في زيادة عدد الروايات بشكل سنوي، ورغم أن لهاث الناشرين وراء الجائزة يبدو أمراً سلبياً، إلا أن الأهم من ذلك هو أن الجائزة زادت اهتمام الناشرين بنشر الرواية والاستثمار فيها، وهو أمر جيد، أما السلبيات فستقل شيئاً فشئياً.

إلى أي مدى نجحت الرواية في توجيه الرأي العام والتأثير عليه؟

لا يمكننا الحكم في هذا الصدد من دون الاستعانة بدراسات في سوسيولوجيا الرواية تتبع الرأي العام، ولكني أعتقد أن هذا التأثير، وإن وجد، يظل ضعيفاً، كون عوامل صناعة الرأي العام والتأثير فيه متعددة..

ولم تستطع الرواية العربية - حتى اليوم- أن تنافس أبسط برنامج «توك شو» تلفزيوني، في التأثير على الرأي العام.. وذلك لأنها فعل حر وتستلزم الذهاب إليها والتفاعل معها، على عكس برامج التلفزيون التي تقتحم منزلك وتفرض نفسها عليك، ولذا، المقارنة بينهما مستحيلة.

هل توافق على أن تحويل الرواية لعمل درامي أو سينمائي ينتقص من قيمتها ؟

هناك اتفاق لتحويل «الطلياني» إلى شريط سينمائي.. وهو في مراحله الأخيرة. وفعلياً، لا أخشى أن ينتقص ذلك منها، لأن كل إخراج أو اقتباس درامي أو سينمائي هو تأويل في الرواية، فإما أن نترك للمخرج حرية التصرف في النص، أو نظل نبحث عن معنى أصلي موهوم ثابت في الرواية، ولا يزعجني ألا يكون ثمة تطابق بين النص المكتوب والعمل السينمائي.

كلاسيكيات

يقرأ شكري المبخوت كل ما يقع بين يديه من كتب، ولكنه يعشق الكلاسيكيات.كما يحرص على متابعة الأقلام الجديدة، والروايات التي ينوه بها القراء والنقاد، وليست لديه قراءات استثنائية لأسماء أو أشخاص محددين.

Email