للباحث المغربي حسين بنو هاشم

سفر ضد الرهبة.. قراءة في قصيدة «بانت سعاد»

ت + ت - الحجم الطبيعي

صدر حديثاً عن دار الأمان بالرباط، كتاب جديد للباحث الحسين بنو هاشم بعنوان «سفر ضد الرهبة ... قراءة في قصيدة (بانت سعاد)» لصاحبها كعب بن زهير بن أبي سلمى، وهي القصيدة التي «لقيت عناية واهتماماً واسعين من القدماء والمحدثين إلى حدود عصر النهضة، رواية وشرحاً ومعارضة، بل وترجمة إلى لغات أجنبية أيضاً».

تعدد

في تقديمه للكتاب، بعنوان «تحليل النص الشعري وسؤال المنهج الشعري في الجامعة المغربية على هامش مناقشة الكتاب، قال المفكر البلاغي المختص في تحليل الخطاب، محمد العمري، إن التحليل الذي قام به الباحث «انتقل بالبلاغة من استخراج الصور الشعرية وتقريرها إلى البحث في امتداداتها وتفاعلاتها»، وأضاف العمري أن النص، الذي اختاره الباحث الحسين بنو هاشم، من النصوص المتعددة المداخل (موضوعاتي سيكولوجي «القيمة الوجدانية»، واستعاري كنائي «الصورة البيانية»، وإيقاعي توازني صوتي، وتناصي ...)، مشيراً إلى أن الباحث رجح القيمة الوجدانية «حركة النفس داخل النص» حين دخل من المدخل الموضوعاتي الوجداني باعتباره «القنطرة التي تربط بين كل المهيمنات السابقة».

موازنات

وفي مدخل الكتاب، قال المؤلف إنه (لا مناص من الاعتماد على خارج النص لتفسير داخله والكشف عن خباياه، وإن مدخل تحليله للقصيدة هو الظروف التي أحاطت بها اعتباراً منه أن الحدث هو الذي أنتج النص، وأن بناء القصيدة وما تزخر به من صور وموازنات، نتيجة تفاعل الشاعر مع الحدث، مضيفاً أن ذلك المدخل سيكون المعبر لتحليل البنية الدلالية للنص وبعده الرمزي، ثم بنيته الإيقاعية، فتداخل النص مع خبره ومع غيره من النصوص، ومنه إلى امتدادات القصيدة في التراث الشعري العربي.

ويقول الباحث في الفصل الأول إن عدداً من الأحداث أثرت في بناء النص وبنيته الدلالية وفي صوره وإيقاعه، وأن «القصيدة تولدت عن الحالة النفسية المضطربة التي عاشها الشاعر، والتي كان يتأرجح فيها بين اليقين بالهلاك والأمل الضئيل في النجاة»، موضحاً أن «هذا التمزق الداخلي هو الذي تمخضت عنه بنية القصيدة التي تفجرت في علاقات تقابلية تتواشج عناصرها حيناً وتتصارع أحياناً أخرى، مما جعلها تتشابك في سلسلة من الثنائيات الدلالية والإيقاعية».

سعاد والناقة

ويبحث المؤلف، في الفصل الثاني، بنية الألم والأمل من خلال ثنائية سعاد والناقة، والخوف والأمل ، ومن خلال البعد الرمزي (السيكولوجيا والخبر، وإنتاج الصور)، فيما يتناول في الثالث، البنية الإيقاعية للقصيدة موضوع البحث من خلال التجنيس (السجعي واللفظي على المستويين الأفقي والعمودي)، والترصيع ، أما الرابع، فتناول فيه الباحث الاتساق بين أبيات القصيدة والتضمين، كما تناول في الخامس انفتاح النص على قصائد جاهلية (أوس بن حجر، وزهير، والنابغة)، وعلى ديوان كعب، وعلى خبره.

وخلص في الفصل السادس إلى أن قصيدة (بانت سعاد) «قدمت خدمات جليلة للأدب العربي، إذ أغنت المكتبة الشعرية العربية بعدد كبير من القصائد كانت هي ملهمتها»، مضيفاً أن «القصيدة كانت سفراً ضد الرهبة، كانت صراعاً انتهى بانتصار الشاعر على نفسه، بل هي انتصار للشعر، فإجازة الرسول لها كانت إجازة للشعر القديم الذي كان الشعر الجاهلي نموذجه المثالي» ، واختتم المؤلف كتابه بنشر نص القصيدة مع شرح مفصل للألفاظ الواردة فيها.

Email