حسين جمعان يوظف عفوية مخيلته في مكون ثقافته ورموزها

«انطباعات» فنية تفتح نافذة على إرث السودان التشكيلي

محمد عبدالله المطوع يتوسط حسين جمعان(يمين) وذياب الموسى خلال جولة في المعرض تصوير - زافيير ويلسون

ت + ت - الحجم الطبيعي

"انطباعات" عنوان المعرض الفردي للتشكيلي السوداني، الدكتور حسين جمعان، الذي افتتحه أول من أمس في مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بدبي، الدكتور محمد عبد الله المطوع أمين عام المؤسسة.

ويفتح المعرض نافذة على خصوصية وطبيعة الفن التشكيلي السوداني المرتبط بعوالم الفن في أفريقيا، من حيث استخدام الرموز وقوة الألوان الجريئة والصريحة المفعمة بالحيوية.

حرص على حضور المعرض الذي يستمر حتى 2 نوفمبر المقبل، عدد من الشخصيات البارزة في ساحة الإبداع، بينها: محمد ذياب الموسى مستشار صاحب السمو حاكم الشارقة، الدكتور الفنان محمد يوسف والدكتور يوسف عيدابي وعبد الاله عبد القادر.. ولفيف من الجالية السودانية.

وعلى أنغام عازف العود السوداني، عاصم قرشي، أخذ جمعان الحضور في جولة بين أعماله التي تنوعت على صعيد التقنية بين الرسم بالألوان الزيتية على الكانفا، وبين فن الحفر والطباعة على الزنك وغيره، أما على صعيد الأسلوب فتباين بين اللوحات المستلهمة من تراث وبيئة بلده، وبين بورتريهات الوجوه.

موسوعة رموز

تكمن أهمية أعمال جمعان في قدرته وبراعته على الجمع بين العوالم المتخيلة وعفوية الطفولة، وبين وعيه وثقافته في توظيف ما يحمله إرثه وجغرافية منطقته.

ويتجلى هذا النتاج في استخدامه لعناصر مختلفة، كالمجموعات البشرية التي تشكل عنصراً بارزاً في معظم لوحاته المشغولة بتقنية الحفر بالأبيض والأسود والرمادي، لتتخذ شخوصه القامة الطويلة الممشوقة المتعايشة في ما بينها، ومع الطبيعة وما فيها من طيور وحيوانات وتراث، برؤية معاصرة.

وما يستوقف في مسيرة الفنان الطويلة، جماليات إبداعه بالألوان الزيتية للأعمال المستلهمة من بيئته، والتي يعتبر كل منها بمثابة موسوعة لرموز منطقته، وكل سنتمتر فيها بمثابة أيقونة لتاريخ مختزل من الأقنعة والزخارف التي تتميز بها أفريقيا، سواء في النسيج أو البيوت أو المشغولات اليدوية وغيرها الكثير.

تحدث جمعان عن مرجعية واحدة من أبرز لوحاته، التي تبدو من بعيد كفن المنمنمات، لتتجلى عن قرب جماليات كل ركن وزاوية فيها. ويقول: "استلهمت هذه اللوحة من مدينة كَسَلا التاريخية التي تقع على سفوح جبال التاكا، شرق السودان على رأس دلتا نهر القاش وعلى سفوح جبلية، والتي يقع فيها ضريح الولي الصالح، الشيخ حسن ولد حسونه".

وتكمن جمالية هذه اللوحة في جرأة تكوينها الذي يتمركز بتلة خضراء وسط اللوحة، والمحاطة بتاريخ المدينة التي يرجع ظهورها إلى عام 1632، وما تعاقب عليها من حضارات.

وتحيط بالتلة من كل جهة، تفاصيل وحكايات من تلك المراحل التي يعطيها جمعان رموزه الخاصة: من جزيرة لبيوت متراصة.. إلى شخوص بأقنعة تخص القبائل ونقوش وزخارف تتداخل في نسيج اللوحة، لتتزاحم في كثافة من خضرة الغابات. وتحمل كل زاوية من اللوحة بيئة تتحول بليونة إلى بيئة أخرى بألوانها وخطوطها وتشكيلاتها.

«ثلاثية النيل»

تدفع لوحة الفنان، الثلاثية الزرقاء التي تطفو في زرقة نيلها كائنات بيضاء، الزائر لمزيد من البحث والمعرفة التي تقوده إلى ولاية سنار في السودان، التي تأسست عام 1504، لتقام فيها أول دولة عربية إسلامية لأكثر من 300 عام، وعرفت باسم السلطنة الزرقاء التي تركت تراثاً من الأمجاد سطره رجالها.

سيرة جمعان

الدكتور حسين جمعان أكاديمي، متخصص في الفن التشكيلي، وأستاذ في عدد من الجامعات، داخل وخارج السودان.

ويعد من أوائل رواد الفن السوداني، إذ شارك منذ عام 1966 م، في اكثر من ستين معرضاً حول العالم، وحازت لوحاته على العديد من الجوائز العالمية، أشهرها الجائزة الكبرى والميدالية الذهبية لأدب ورسومات الأطفال: نوما) في طوكيو عام 1999 م .

Email