مبدعات يؤكدن أهمية الرقابة الذاتية والحرية المسؤولة

جرأة الأديبة الإماراتية.. إبداع محفوف بالمخاطر

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بين المقبول والمرفوض خطوط حمراء يتخوف منها الكثيرون، وبين الإبداع والجرأة مساحة يتنقل فيها الكاتب كيفما شاء.. وبالحديث عن تقبل المجتمع لإبداع الأديبة الإماراتية، أو اعتبار ما تكتبه جرأة مبالغاً فيها، فهنا يتوقف القلم ليتحسس طريقه من جديد.

أديبات كثيرات انطلقن بأقلامهن نحو عوالم واسعة، حلقن من خلالها في سماء الإبداع، ورغم جرأة بعضهن، وتحررهن من قيود الخوف من رد فعل المجتمع، بقيت حريتهن مسؤولة، ونجحن في رسم خطوط حمراء لهن، بينما كثيرات بقين بعيدات عن الخط الأحمر، رافعات شعار التحفظ، ومستنكرات تشبيههن بالنعامة التي تدفن رأسها بالتراب.

«البيان» التقت عدداً من القاصات والروائيات الإماراتيات، للحديث عن جرأة الأديبة الإماراتية التي يعدها البعض إبداعاً محفوفاً بالخطر.

«الجرأة في طرح الأفكار إبداع» هذا ما قالته الروائية فتحية النمر، مشيرة إلى أنه من حق المرأة أن تعبر عما تريد طالما امتلكت قلماً واعياً، وألا تكون مجرد اسم إضافي لأفكار تقليدية مكررة، وأضافت:« فلتكتب المرأة ما تريد، ولتعبر عما تشعر به، حتى وإن كانت أفكارها جريئة أو مرفوضة من قبل البعض، فالأهم من ذلك كله، أن تعبر عما بداخلها، وهذا في حد ذاته إبداع».

ركائز

وأكدت النمر أن المجتمع يتقبل جرأة المرأة، وقالت: حتى وإن اعترض البعض، فعلى الأديبة أن تمضي في طريقها ولا تتراجع طالما أنها لا تلجأ إلى الابتذال، ولا تستخدم ألفاظاً خادشة للحياء، لتعبر عن أدق الخصوصيات بطريقة التلميح المهذبة والراقية، وبهذا تكون عبرت عن نفسها من دون إساءة أو تجريح.

وذكرت النمر أن الساحة الإماراتية فيها الكثير من الروائيات والقاصات الجريئات، وقالت في الخصوص:« تعجبني ظبية خميس، وبالنسبة لي، أعتبر جرأتي مسؤولة، إذ أطرح موضوعات يراها الكثيرون جريئة، ولكني أراها جزءاً أساسياً من عملي كمبدعة، فأنا لا أتلاعب بالألفاظ، لأن رقابتي الذاتية تجنبني ذلك».

ولفتت إلى أن الأديبة المتحفظة كالنعامة التي تدفن رأسها في التراب، وقالت: «أنا لست مع التحفظ بل مع الاحترام والتعبير عن كل شيء، فالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) لم يترك شيئاً إلا وناقشه بتفاصيله، ولكن بطريقة راقية ورائعة».

موضوع شائك

«الإبداع عملية جريئة» بهذه العبارة بدأت الأديبة صالحة غابش، حديثها، مشيرة إلى أن الجرأة هي القدرة على الإمساك بزمام اللغة الصحيحة، والقدرة على تقبل الرأي الآخر، وقالت: «جرأة الأديبة موضوع شائك، وبالنسبة لي فلا أحب الجرأة في الكتابة ليس تخوفاً من رد فعل المجتمع، بل لقناعاتي الشخصية».

وذكرت غابش أن أديبات عربيات كثيرات كتبن بجرأة، واستُقبلت كتاباتهن من قِبل النقاد والمجتمعات العربية والعالمية بترحيب كبير، لدرجة تعجب فيها الكثيرون بأن الكاتب امرأة، ومن هذه المنطقة. وهو ما يعتبر إبداعاً، ولكنها لفتت إلى أن هناك من يتعامل مع الجرأة بشكل مهني، ومن يقدمها بشكل تقليدي، كون الأبواب مفتوحة لذلك.

وعما لو كانت الأديبة المتحفظة كالنعامة التي تدفن رأسها في التراب، قالت:« أصبحت هذه النعامة شماعة يلجأ الى ذكرها كل من يبحث عن الجرأة والانفتاح والتحرر في كتاباته».

واوضحت غابش أن هناك أكثر من شكل من أشكال الاستعداد لتقبل الإبداع القرائي، وأن المهتمين بالجانب الإبداعي يجدون في الجرأة، وخاصة جرأة الكاتبة نوعا من اختراق المحظور، وهذا الاختراق يدخل في صلب الإبداع.

لا حدود

أكدت القاصة عائشة عبدالله أن الجرأة نوع من الإبداع، وقالت: «لا حدود للإبداع برأيي، ولكن الأديبة هي من يضع لنفسها الحدود، وتتعامل مع حريتها بطريقة مسؤولة وناضجة، فأنا أضع الحدود لنفسي، وأرسم خطوطاً حمراء لا أتجاوزها».

وأشارت إلى أن تقبل المجتمع يختلف من شخص الى آخر. وتابعت:« لا أخاف المجتمع، فوالدي رباني، وإخوتي، على الثقة بالنفس واحترام الآخرين، وأعطانا الحرية التي نتعامل معها بحذر، واعتبر نفسي متوازنة بين الجرأة والتحفظ».

وبينت عائشة أن الجرأة مطلوبة، ولكن بحدود. واستطردت: «هناك جرأة منفّرة، وهذه لا أقبلها، إذ يجب أن تكون الجرأة أنيقة تحافظ على شعور الآخرين». وكذا عبرت عائشة عن إعجابها بجرأة بعض الأديبات الإماراتيات كفتحية النمر وسارة الجروان. وقالت: «تعجبني جرأة فتحية النمر، ويميزها أنها تكشف ما تحاول الكاتبات الأخريات إخفاءه، ولكن بأسلوب راقٍ لا يجرح القارئ».

حساسية

أشارت القاصة صالحة عبيد إلى أن دولة الإمارات جزء من المجتمع الشرقي، ما يتطلب من الأديبة، أن تضع لنفسها خطوطاً قبل أن يضعها لها المجتمع، ذلك توقعاً لردود الأفعال المختلفة. وأضافت: «تختلف طريقة تعامل المتلقي مع المُنتَج الأدبي.

لا سيما أن القارئ العربي يتعامل بنوع من الحساسية مع ما تنتجه المرأة سواء كانت إماراتية أو عربية، ولذا فالمجتمع لا ينظر لجرأة المرأة على انها إبداع، بل على أنها جرأة محفوفة بالخطر».

وذكرت عبيد أن المرأة لن تبدع لو لم تتخلص من القيود التي تكبل قلمها، وقالت:«تختلف القيود من شخص الى آخر، فهي عند إحداهن مجرد كتابة، ولدى أخرى اقتحام نوع جديد من الأجناس الأدبية والتنقل بين مساحات لم تقتحمها من قبل».

Email