يرى أن التراث ليس مادة متحفية مملة

عبد العزيز المسلم: الحرف الشعبية في خطر

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف مدير إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ومنسق أيام الشارقة التراثية الباحث عبد العزيز المسلم، أن الحرف التراثية الإماراتية في خطر، حيث قال، «في كل دورة تمر يصبح من الصعب الحصول على مشتغلين بالمهن الشعبية، حتى باتت عروضهم المشاركة أقرب إلى التمثيل من الواقع».

ويعيد المسلم - منسق عام المهرجان- الضوء إلى واحدة من مفردات التراث الإماراتي الأصيلة وما يهددها من زوال، فيؤكد أن الكثير من الحرف لم تعد موجودة، وغالب الحرف الموجودة اليوم هي حرف نسائية تتعلق بالمأكولات، والتطريز، والأعمال المنزلية.

مشيراً إلى أن أيام الشارقة التراثية في دورتها الثانية عشرة جاءت بمتغيرات جديدة، تحت شعار «التراث الإسلامي خيمة واحدة» تزامناً مع إعلان الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية، فاتحاً بذلك تساؤلات عديدة حول قدرة التراث على خلق مساحة من تلاقي الثقافات ضمن إطار إنساني معرفي حضاري، كل ذلك وغيره من الموضوعات التراثية، كان ضمن الحوار التالي..

تراث إسلامي

ما الإضافة التي تقدمها الدورة الجديدة للمهرجان؟

يمكن تلخيص التغيرات التي جرت على المهرجان في محورين الأول يتعلق بالبنية التحتية، حيث تغيرت بشكل شبه كلي، وتم إزالة المباني المؤقتة، وغيرنا خارطة المكان ونقلنا الكثير من الفعاليات إلى أماكن أخرى لم تكن في الدورات السابقة، والمحور الثاني هو التجديد في شعار المهرجان، إذ يأتي هذا العام تحت عنوان «التراث الإسلامي خيمة واحدة»، وهذا انعكس على أبنية المهرجان، إذ تقام الكثير من الفعاليات إضافة لجلسات الملتقى الفكري داخل خيم لتعبر بذلك عن الروح العربية الإسلامية، إضافة إلى أن الفرق المشاركة تعكس تنوع وغنى المهرجان بصورة لافتة هذا العام.

مادة ممتعة

كيف ترى إقبال الأجيال الجديدة على فعاليات المهرجان، وهل تم التنسيق مع مدارس أو جامعات لعمل زيارات منظمة؟

لا يمكن لزائر فعاليات المهرجان إلا الملاحظة أن غالبية الزوار هم من فئة الشباب والأطفال الصغار، وهذا يكشف شغف الأجيال الجديدة إلى التعرف على ثقافة الآخر، فهم يتابعون رقصات البلدان المشاركة، ويستمعون إلى موسيقاها، ويتذوقون مأكولاتها، وهذا بحد ذاته يثبت أن التراث ليس مادة مملة متحفية، وإنما هو مادة ممتعة وغنية معرفياً.

أما فيما يتعلق بالتنسيق مع الجامعات والمدارس، فإن إدارة التراث حرصت على أن يكون موعد إقامة المهرجان بالتزامن مع إجازة الطلبة من المدارس، ليتسنى للعائلات زيارة المهرجان، والتجوال برفقة أبنائهم، ضمن الأجواء العائلية التي يوفرها المهرجان، سواءً من خلال ردهات المأكولات، والألعاب الترفيهية، والعروض الاستعراضية، والاستراحات.

حرف إماراتية

فيما يتعلق بالمشاركة الإماراتية، هل تجدون صعوبة في الحصول على حرفيين يقدمون مهناً معينة؟

يجب الاعتراف أن الحرف الإماراتية التراثية في خطر وانحسار تام، وحتى الحرف التي نقدمها في المهرجان، هي أقرب إلى التمثيل من الحقيقة، فالكثير من المهن اختفت، واختفى المشتغلون فيها، وخاصة مهن الرجال، أما مهن النساء فحضورها أكثر، فلا زالت صناعة التلي، والخياطة، وسف الخوص، وصياغة الذهب، والمأكولات، كلها صناعات مازالت حاضرة حتى اليوم.

لكن الانحسار الملفت هو في مهن الرجال، وهذا عائد إلى عدة أسباب أهمها الطفرة المالية الاقتصادية التي شهدتها الدولة، والاكتفاء المعيشي الذي حصل، فلم تعد الكثير من المهن باب رزق، وبالتالي غاب المشتغلون بها، واتجهوا إلى أعمال أخرى.

في هذا الإطار يمكن أن نشير إلى دور المهرجان في إحياء الكثير من المراكز التراثية والفرق، التي يتجدد نشاطها مع كل دورة من المهرجان، فالكثير من المراكز ساهمت في الإبقاء على بعض المهن، مثل صناعة الطبول، وصناعة السيوف، وغيرها من المهن التي ارتبطت بعمل الفرق الغنائية الشعبية.

حفظ الذاكرة

كيف يعمل المهرجان على حفظ ذاكرة فعالياته وتوثيقها؟

حرصنا في إدارة المهرجان، وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على إصدار عدد من المطبوعات خلال أيام المهرجان التي تتواصل حتى 25 أبريل الجاري، إذ تصدر نشرة بعنوان «تراثية» كل يومين، توثق فعاليات المهرجان، وتطبع بثلاث لغات؛ العربية والإنجليزية، والروسية.

وقد يتساءل البعض لماذا بالروسية؟ والإجابة، أن المهرجان أجرى مسحاً بالتعاون مع دائرة السياحة، على غالبية السياح في الشارقة، ووجدنا أن 90% من شاغلي الفنادق من متحدثي الروسية، فتوجه المهرجان لهم، عبر النشرة والإعلانات، وانعكس ذلك مباشرة على المهرجان من خلال توافدهم لفعالياته بشكل ملحوظ. وأصدر المهرجان مجموعة من المطويات التعريفية، والتوضيحية، التي يمكن للزائر الحصول عليها للتعرف على فعاليات المهرجان، كما عملت إدارة التراث على توثيق الأهازيج، والمرويات الشفهية، والأغاني في أقراص مدمجة، يمكن لأي زائر شراؤها بأسعار رمزية، والاحتفاظ بها، وقد صدر منها حتى اليوم خمسة وعشرون إصداراً.

ورفدنا المكتبة الإماراتية بالكثير من المؤلفات التي تتمحور حول قضايا في التراث العربي والإسلامية، وأعدنا طباعة عدد من الكتب كانت قد صدرت سابقاً، وهناك مجموعة من المؤلفات تتحضر إدارة التراث لإصدارها لباحثين إماراتيين وعرب.

مفهوم جديد للتراث

حول إنجازات المهرجان من خلال دوراته المتعاقبة، وما يسعى إلى تحقيقه في الدورات المقبلة، قال عبد العزيز المسلم إنه خلال اثنتي عشرة دورة مضت استطاع المهرجان أن يكشف الغائب من التراث الإماراتي، ووضح الكثير من الصور والقضايا المتعلقة بالتراث، مضيفاً «استطعنا بالتجدد الذي حرص المهرجان على حضوره في كل دوره أن نترك بصمة لدى الناس، حتى إن الكثير من زوار المهرجان عملوا متاحفهم الخاصة في بيوتهم، وباتوا ينتظرون دورات المهرجان لإكمال مجموعة مقتنياتهم، كما استطاع المهرجان أن ينقذ الكثير من الفرق التي كانت على وشك الإغلاق بسبب تقلص الفعاليات وانحسار الدعم المادي، ويمكن القول إن المهرجان أخرج التراث من مفهومه القديم، إلى المفهوم المتجدد القائم على الترفيه والمعرفة والتعليم».

Email