براءة وقصة احتجازها في الحمام لـ9 سنوات

ت + ت - الحجم الطبيعي

روت ناشطة فلسطينية كانت أول من اكتشف مأساة طفلة من قلقيلية سجنها والدها في حمام البيت طوال 9 سنوات، ولم تخرج منه إلا السبت الماضي فقط، أن والد الطفلة التي أصبح عمرها الآن 21 سنة، تركها فيه مع راديو صغير وطست كانت تغسل فيه ملابسها على قلتها، مع بطانية كانت تمد نصفها على الأرض لتغطي جسدها بنصفها الآخر.

وقالت هالة شريم، المقيمة في قلقيلية، حيث تعمل موظفة في قسم بوزارة الشؤون الاجتماعية يهتم بالنساء المتعرضات للعنف من الأزواج أو غيرهم، أن خبرا وصلها الأسبوع الماضي من إحدى قريبات الفتاة، براءة ملحم، أفاد بأنها محتجزة في حمام بيتها منذ سنين "فأبلغت قائد شرطة قلقيلية، موسى يدك، الذي أسرع واستخرج إذنا من القاضي في اليوم نفسه لتفتيش البيت"، وفق تعبيرها.

وتابعت هالة روايتها وقالت: "ذهبت مع دورية الشرطة إلى حي كفر سابا في قلقيلية، حيث البيت المكون من غرفتي نوم وحمامين، لكننا لم نر شيئا فيه، ووجدنا الأب حسن ملحم وزوجته حنان سعيد العاصي وابنيه منها، لكننا لم نر ابنته براءة، وهي من زوجته السابقة، وحين سألناه عنها ارتبك وقال إنها تأخذ حمامها المعتاد، فطرقنا بابه، لكننا لم نسمع جوابا، لذلك اقتحمته الشرطة وعثرت فيه على براءة جالسة على الأرض وهي ترتعد خائفة ومذعورة".

الفتاة استنجدت من داخل الحمام عند تفتيش الشرطة

وأوضح بيان صادر عن إدارة العلاقات العامة والإعلام بالشرطة الفلسطينية، أنه بناء على معلومات توفرت للشرطة حول قيام شخص باحتجاز ابنته داخل حمام منزله، استصدرت الشرطة أمر تفتيش للمنزل من النيابة العامة، وتوجهت قوة من شرطة المدينة وشرطة المباحث العامة وقامت بتفتيشه، ووجدت بابا موصدا بإحكام، وطلبت الشرطة من صاحب المنزل فتح الباب، إلا أنه رفض ذلك مدعيا أنه باب حمام وابنته بداخله، ولا يستطيع فتحه "كأمر طبيعي".

وبعد لحظات سمع صوت فتاة تستنجد من داخل الحمام المغلق، فهبت الشرطة لنجدتها، وتبين أن مفتاح الباب بحوزة والدها، وفتح الباب لتظهر فتاة تبلغ من العمر قرابة 20 عاما، وعلى الأرض يوجد بطانية ووسادة.

وأشار البيان الذي بثته وكالة "معا" الفلسطينية، إلى أن الشرطة أخرجت الفتاة من حجزها وتوجهت بها إلى مديرية الشرطة، ووفرت لها ملابس وغذاء، وتم القبض على والدها بعد مقاومته رجال الشرطة، واعترف بأنه قام باحتجازها داخل الحمام وهي في سن الحادية عشرة، ولم تبصر النور منذ ذلك الوقت.

كما تبين أن الفتاة حجزت على مرحلتين في بلدة النبي الياس ومدينة قلقيلية، وأن سبب الاحتجاز خلافات عائلية، وبذريعة الخشية من التحرش الجنسي!

ووفق ما أوضحه مصدر أمني فلسطيني، فإن الوالد يحمل الجنسية الاسرائيلة، ولهذا فإنها سلمته للسلطات الاسرائيلية.

 براءة ملحم مع والدتها ميسون

وقال المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، عدنان الضميري: "بناء على اعترافات الأب، فإنه خشي على الفتاة من تحرش جنسي من أبناء المنطقة، رغم أن عمرها حينها كان عشر سنوات، ولذلك قام بوضعها في الحمام لمدة تسع سنوات"!، وقال الضميري إنه "تم إعادة الفتاة إلى والدتها، وتم تسليم الأب (السبت الماضي) إلى الجانب الاسرائيلي، كونه يحمل الهوية الاسرائيلية".

وقالت سريدة حسين، مدير عام طاقم شؤون المرأة الفلسطيني إن الفتاة "بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل نفسي".

نقل الوالد إلى إسرائيل لأنه يحمل جنسيتها وسيمتثل أمام المحكمة الاسرائيلية غدا الأربعاء وفقاً لما ذكرته صحيفة "الديلي ميل البريطانية.

وأكد المتحدث باسم الشرطة الاسرائيلية، ميكي روزنفيلد، من جهته، أن المتهم نقل السبت إلى الجانب الاسرائيلي، موضحا أنه "عربي اسرائيلي، وعمره 39 عاما، وهو قيد الحجز الاحتياطي في إسرائيل حتى الأربعاء".

وأضاف: "لقد أوقفنا أيضا صديقته الجديدة في إسرائيل، التي يشتبه في تحملها قسما من المسؤولية" في احتجاز الطفلة الفلسطينية.

ومن المعلومات التي نشرت أيضا، أن حسن ملحم، هو صاحب محل في قلقيلية يبيع فيه أدوات منزلية مستعملة يشتريها من إسرائيل، وأن خلافات حدثت قبل 22 سنة أدت إلى طلاقه من زوجته ميسون، وكان قد أنجب منها براءة، وابن آخر عمره اليوم 20 سنة، وأنه بعد ذلك تزوج من الفلسطينية حنان سعيد العاصي، ورزق منها بابن عمره 18 عاما، وابنة تصغره بسنتين.

الراديو كان الصلة الوحيدة مع العالم الخارجي

ووفقا لما توفر من معلومات حول ظروف حياة براءة داخل الحمام، فإن الراديو كان الشيء الوحيد الذي ارتبطت الطفلة عبره بالعالم الخارجي، "لذلك فهي لا تعرف شيئا عن الكومبيوتر أو التليفزيون والتليفون، إلا بالاسم فقط، وكانت تمضي الوقت ليلا أو نهارا جالسة على أرضية الحمام، وأحيانا كان يوقظها عند منتصف الليل أو في الواحدة فجرا لتنظيف البيت، فتبقى تنظفه لساعات، ثم يعيدها إلى الحمام لتنام فيه".

كما أن الطعام الذي كانت تتناوله براءة "كان مجرد سندويتش كيفما كان، أو بعض فضلات الطعام على الأكثر.. وكان أخوها أحمد المقيم عند أخواله يسأل والده في بعض الأحيان عنها، فيزجره الأب ويهدده، ويطلب منه أن لا يعود للسؤال عنها" كما قالت.

ويذكر أيضا أن حسن ملحم وزوجته الثانية حنان، حرما ابنيهما، الأخوين غير الشقيقين لبراءة، منذ ولادتهما، من شيء اسمه مدرسة "لذلك فهما أميين، لكنهما كانا يعرفان مثل والدتهما بأنه يحتجز أختهما غير الشقيقة في الحمام، ويبدو أنهما لم يكونا قادرين على فهم خطورة فعله كما يبدو" بحسب تعبير هالة شريم، الموظفة في بوزارة الشؤون الاجتماعية.
 

Email