زهور باحات قرطبة.. مهرجان للحفاظ على تراث الأندلس

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلال موسم كل ربيع، في بداية مايو، تنطلق في مدينة قرطبة، جنوب اسبانيا، احتفالات خاصة لاستقبال موسم الزهور، إذ تتزين المدينة بمئات الأزهار من مختلف الألوان. تبدأ الاحتفالات بانطلاق موكب يطلق عليه اسم "معركة الزهور" يليه مسابقات في باحات أو ممرات قرطبة.

خلال الأسبوعين المقبلين، يفتح أهالي قرطبة أبواب منازلهم ويزينون الباحات والممرات بالزهور في منافسة شرسة للفوز بلقب "الفناء الأجمل". أصحاب المنازل يضعون أوعية حديدية ملونة يزرعون فيها نباتات وأزهار خاصة منها الياسمين والقرنفل ونبات إبرة الراعي ويعلقونها على الشرفات وعلى الجدران الخارجية للمنزل، لتتناسق ألوانها مع ألوان الفسيفساء الاسلامية المصنوعة يدويا. 

عادة تكون هذه الباحات والممرات مملوكة للعائلات وغير متاحة للجمهور، ولكن خلال مهرجان الباحات تتزين بشكل جميل وتفتح أمام الزوار.

يجري التصويت على الفناء الأجمل ويحصل الفائز على جائزة نقدية ولقب "صاحب أفضل وأجمل فناء في المدينة".

المناخ في قرطبة هو حار وجاف، ولهذا تم بناء المنازل فيها بفناء مركزي. يعود تاريخ بناء هذه المنازل إلى العصر الروماني، ولكن العرب هم الذين بدأو في تزيين الباحات وزرع النباتات وتركيب النوافير المائية كوسيلة للحفاظ على برودة المنازل.

كانت هذه الساحات مساحات داخلية خاصة حيث تجتمع الأسر للهروب من حرارة الصيف. بعض الباحات يعود تاريخها إلى القرن العاشر،  عندما كانت قرطبة مركز الأندلس وأكبر مدنها بعدد سكان وصل إلى نصف مليون نسمة.

تعزز مفهوم تجميل الباحات على يد المسيحيين الذين غزوا المدينة في القرن الـ13 واستولوا على أجمل وأفضل المنازل.

خلال القرنين 18 و 19، بدأت الباحات تتأثر بالديكور العصري، وأدخلت عليها زخارف من الرخام ونوافير مركزية وصالات للعرض في الطوابق العليا.


 تم تنظيم مهرجان الباحة لأول مرة من قبل بلدية قرطبة في عام 1918، وأطلقت المسابقة الأولى في عام 1921. وتمنح الجوائز من أجل تشجيع الأهالي على المحافظة على الباحات التي تعتبر موروث تاريخي للأندلس، ويتم تقديم الجوائز عن عدة فئات منها أفضل فناء تقليدي، أفضل فناء حديث، أفضل فناء بلمسات دينية، أفضل إضاءة، أجمل نافورة وغيرها المزيد.

 

Email