«سياشين» أعلى ساحة قتال في العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشهد نهر سياشين الجليدي، الواقع في منطقة كاراكورام الشرقية في جبال الهملايا، منذ عام 1984، قتالاً شديدا وقاسيا بين باكستان والهند، بسبب سعى كل منهما لفرض السيادة على هذه المنطقة، ومع أن قرار وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ عام 2003 إلى أن عدد الجنود الذين قتلوا من شدة البرد والانهيارات الجليدية يفوق عدد الذين قتلوا برصاص العدو.

ووفقاً لمجلة "تايم" الأميركية، يعتبر نهر سياشين الجليدي أعلى ساحة قتال في العالم، كونه واحد من أكبر الكتل الجليدية الخمس في كاراكورام، يقع على ارتفاع حوالي 18 ألف قدم فوق مستوى سطح البحر وعلى امتداد 78 كلم، وهو أطول الأنهار الجليدية في كاراكورام وثاني أطول نهر جليدي في المناطق غير القطبية في العالم.

وتقع معظم أجزاء نهر سياتشن الجليدي تحت "خط السيطرة"، وهي منطقة تشهد قتالاً شديدا بين باكستان والهند، فمنذ عام 1984، تتقاتل الدولتين لفرض السيادة على هذه المنطقة.

الصراع في سياشين سببه الأراضي التي جرى ترسيمها بشكل غير كامل على خريطة هذه المنطقة. فبعد الحرب الهندية الباكستانية عام 1971، تم توقيع اتفاق بين البلدين في عام 1972، والذي أصبح يعرف باسم "اتفاق شيملا"، لكنه لم يذكر بوضوح من الذي يسيطر على الجبل الجليدي. وافترض مسؤولو الامم المتحدة انه لن يكون هناك نزاع بين الهند وباكستان حول هذه المنطقة الباردة والمنعزلة. لكنهم كانوا مخطئين.

ففي أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، وبحجة الرغبة في تسلق القمم العالية في هذا الجبل الجليدي، أرسلت باكستان بعثات تحمل تصاريح صادرة عن حكومة باكستان. وكان هدفهم إظهار ملكيتهم للمنطقة بدليل صدور التصريح من الحكومة الباكستانية.

وفي عام 1984، عندما حاول الجيش الباكستاني الانتقال إلى المنطقة، أطلقت الهند عملية عسكرية ناجحة، وسيطرت منذ ذلك الحين على جميع أجزاء نهر سياتشن الجليدى وروافده. وبين عامي 1984 و 1999، شهدت المنطقة مناوشات متكررة بين الهند وباكستان. وتوفي عدد كبير من الجنود ليس بسبب الحرب فحسب، بل بفعل الظروف الجوية القاسية. ولكل من الهند وباكستان وجود عسكري دائم في المنطقة متمركزة على ارتفاع أكثر من 6000 متر ولا تزال عملية نشر الآلاف من الجنود في المنطقة مستمرة من طرف كلتا الدولتين.

وعلى الرغم من أن قرار وقف اطلاق النار دخل حيز التنفيذ عام 2003، فقد كلا الجانبين منذ ذلك الحين ما يقدر ب 2000 جندي بسبب الانهيارات الثلجية والصقيع. وتملك الدولتين حوالي 150 بؤرة استيطانية مأهولة على طول النهر الجليدي، تضم كل بؤرة 3000 جندي. وتنفق الهند وباكستان للحفاظ على هذه البؤر 300 مليون دولار و200 مليون دولار على التوالي.

ويضم نهر سياشين الجليدي أيضا أعلى مهبط للطائرات في العالم شيدته الهند في نقطة "سونام" على علو 21 ألف قدم (6400 متر) فوق مستوى سطح البحر، لتزويد قواتها. كما عملت الهند على تثبيت أعلى كشك هاتف في العالم على الجبل الجليدي.

وباستثناء الوجود العسكري الهندي والباكستاني فإن المنطقة الجليدية غير المأهولة، وأقرب مدنية مؤهلة لها هي قرية (وارشي) على بعد 10 أميال من معسكر القاعدة الهندية. كما أن المنطقة معزولة وبعيدة جدا والطرق التي توصل إليها محدودة. فعلى الجانب الهندي، تؤدي الطرق فقط إلى معسكر القاعدة العسكرية (Dzingrulma ) الواقعة على بعد  72 كلم من قمة الجبل الجليدي.

 

Email