مفتاح الكعبة ... حكاية على مر العصور

ت + ت - الحجم الطبيعي

صاحب المفتاح هو السلطان المملوكي الأشرف شعبان بن حسين الذي تولى السلطنة يوم الثلاثاء الخامس عشر من شعبان سنة 764 هـ / 1362 م وهو في الثانية عشرة من العمر وظل سلطاناً على مصر والشام حتى توفي عام 778 هـ / 1376م. ويحمل المفتاح تاريخ صنعه، وهو العام 765 هـ / 1363 - 1364م.

وتضم المتاحف العالمية حوالي 58 مفتاحا مسجلا للكعبة ، منها 54 في متحف "طوب قابى" بإستانبول وواحد في متحف اللوفر بباريس وواحد في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة ، ومفتاح الكعبة الموجود الآن مصنوع من حديد ، وطوله حوالي 35 سم ، والكيس يصنع من الأطلس الأخضر المزركش بالمخيش الفضي ، والمفتاح قد تغير شكله عدة مرات عبر التاريخ ، حيث جرت عادة الخلفاء والملوك والسلاطين على إرسال الأقفال والمفاتيح الجديدة إلى الكعبة كنوع من الإعلان عن القوة والسلطة.

وكان  تُبَّعًا هو أول من جعل للكعبة بابًا يغلق ، يكون هو أول من جعل قفلاً للكعبة ومفتاحًا .

وفى  العصر العباسي و المملوكي والعثماني ، نجد أن الخلفاء والسلاطين من تلك العصور كانوا يرسلون هذه الأقفال والمفاتيح لاستخدامها في غلق وفتح باب الكعبة ، وذلك أثناء ترميم الكعبة أو في بعض المناسبات الأخرى .

بيد أن هذه المفاتيح لم تكن مجرد وسيلة للفتح والقفل فحسب، بل كانت تحمل في نفس الوقت فكرة الرعاية والعناية والحرص وعالي التقدير لكل ما يتصل ببيت الله الحرام .

ومن الملاحظ أن حرص الحكام على هذا الشرف يرجع إلى رغبتهم في إظهار نفوذهم السياسي ، أكثر مما يرجع إلى الكشف عن إحساسهم العقدي ، ومن خلال ذلك صار مفهومًا أن المسئول عن رعاية خدمات بيت الله الحرام وقبر الرسول الكريم هو المسئول عن رعاية أمور الإسلام والمسلمين .

ومن واقع هذا المفهوم وجدت أقفال للكعبة ومفاتيح لتلك الأقفال ، وتعددت الأقفال والمفاتيح بتعدد الخلفاء والسلاطين ، جريًا وراء تأكيد السيادة ، لا لأن الكعبة كانت في حاجة إلى كل تلك الأقفال ومفاتيحها .

وأقدم قفل عثر عليه هو قفل من العصر العباسي الأول ، مصنوع من الخشب ، وهو بمثابة جسر ، وعليه كتابات مكفتة بأسلاك من القصدير والرصاص .

ثم بعد ذلك ذَكَرت أن المفاتيح والأقفال في العصر العباسي صنعت من مادة الحديد ، وقد كانت الكتابات التي كتبت على الأقفال والمفاتيح في ذلك العصر مكتوبة بالذهب أو الفضة بطريقة التكفيت .

أما في العصر المملوكي : فقد حظيت الأقفال والمفاتيح بعناية أكبر في صناعتها، وقد تميزت بالزخارف الكتابية ، وبالتكفيت بالفضة مما يكشف لنا عن المهارة الفائقة في تنفيذ الخطوط والحروف في ذلك العصر .

ويستمر السلاطين على مر العصور في إرسال الأقفال والمفاتيح أثناء ترميم الكعبة أو في بعض المناسبات الأخرى .

وفي العصر العثماني أول من أرسل قفلاً إلى الكعبة من السلاطين العثمانيين قبل انتقال الخلافة إليهم هو السلطان با يزيد الثاني .

ويوجد بين مجموعة متحف طوب قابي قفلان لهذا السلطان ، وقد صنعا من الحديد وعليهما كتابات مكفتة بالذهب ، تتضمن آيات من القرآن الكريم واسم السلطان ، بالإضافة إلى اسم الصانع .

وآخر قفل ومفتاح في العصر العثماني لباب الكعبة المشرفة ، هو قفل ومفتاح أمر بصنعهما السلطان عبد الحميد خان في سنة 1309هـ تسع وثلاثمائة وألف .

ولقد بقي هذا القفل والمفتاح على باب الكعبة إلى العهد السعودي الزاهر ، إلى أن تم استبدال الباب بأمر الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله ، وذلك في سنة 1398هـ ، وكذلك تم استبدال الفقل والمفتاح تبعًا للباب ، وهو الموجود حاليًّا للكعبة المشرفة .

ولقد تمت صناعة القفل الجديد بنفس مواصفات القفل القديم ، والذي يعود إلى عهد السلطان عبد الحميد سنة 1309هـ ، وذلك بما يناسب التصميم الخاص بالباب الجديد ، ومع زيادة ضمانة الإغلاق دون الحاجة إلى صيانة .

وصف آخر قفل ومفتاح لباب الكعبة المشرفة وجد عليه ، قبل أن يأمر الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله باستبدال باب الكعبة المشرفة القديم بباب جديد أمر بصناعته . وكذلك القفل والمفتاح الخاص به .

القفل المذكور طويل ، مضلع بستة أضلاع ، وهو من الحديد طوله 38سم ، وعرض كل ضلع من أضلاعه الستة 3سم ، فيكون محيط أضلاعه 18سم ، وفي كل ضلع من أضلاعه الستة قطعة رقيقة من النحاس الأصفر ، طولها نحو 8سم وعرضها نحو 2سم ، مكتوب بالحفر في كل منها بالخط الثلث الجميل جدًّا ما يأتي:
على القطعة الأولى من النحاس الأصفر مكتوب : لا إله إلا الله محمد رسول الله .
وعلى القطعة الثانية منه : نصر من الله وفتح قريب . إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا.
وعلى القطعة الثالثة منه : أمر بهذا القفل الشريف مولانا السلطان المعظم .
وعلى القطعة الرابعة منه : والخاقان الأفخم السلطان الغازي عبد الحميد خان.
وعلى القطعة الخامسة منه : خلد الله ملكه إلى منتهى الدوران .
وعلى القطعة السادسة منه : سنة تسع وثلاثمائة وألف .

أما مفتاح هذا القفل فوصف شكله : طويل يشبه يد الهاون من طرفيه ، أما ما بينهما فَغِلَظه كغلظ الأصبع الصغير (أي البنصر) وطول المفتاح 40سم ، وربما نقص نصف سنتيمتر فقط، ورأسه دائرية كشق الرحى ، وقطر دائرة الرأس 3.5سم، وسمكها أي غلظها 1سم . ورأس المفتاح مشقوق ثلاثة شقوق متساوية.

إقرا المزيد: الكتابات على مفتاح الكعبة

Email