رغم تشجيعها زيادة النشاط الصناعي في الأمد القريب

انخفاضات النفط تهدد مستقبل النمو العالمي

■ الطاقة الجديدة لا يمكنها تلبية احتياجات العالم بالتكلفة المناسبة | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتقد الكثيرون أن انخفاض أسعار النفط يساعد على تعزيز النمو الاقتصادي، لكن تقارير اقتصادية متخصصة ترى أن هبوط النفط دون حاجز 30 دولاراً، سيكون له تداعيات اقتصادية عديدة، حيث سيسبب تراجع الخام في وقف الإنتاج، في ما عدا عدد محدود من المنتجين منخفضي التكلفة، وبالتالي تراجع المعروض وعدم توافر الطاقة اللازمة للإنتاج والنمو العالمي.

وتراجع النفط له آثار إيجابية على المدى القصير، فهو يشجع على زيادة النشاط الصناعي، وما ينطوي عليه من خلق فرص عمل جديدة، لكن امتداد الانخفاض لفترات طويلة، يهدد بضعف الإنتاج على المدى البعيد، فيجب أن ترتفع الأسعار بصورة تعكس التكلفة الحقيقية للإنتاج.

وقال تقرير مؤسسة «Our Finite World»،أن معظم الدول لا يمكنها تحمل تكاليف استخراج النفط من باطن الأرض عند سعر 30 دولاراً للبرميل، ودول قليلة فقط هي القادرة على ذلك، وفي مقدمها السعودية وإيران والعراق، وبالطبع، لا يمكن أن توفر هذه الدول وحدها كافة احتياجات العالم النفطية، ويبين الشكل التالي، تكاليف استخراج النفط لأكبر المنتجين في أكتوبر 2014.

ولا تقتصر التكاليف على مرحلة الاستخراج فقط، فهناك التزامات أخرى مثل الضرائب والتي قفزت بتكاليف الإنتاج لأكثر من 100 دولار لبعض دول «أوبك» أما الشركات المستقلة فلديها أعباء إضافية مثل عائدات الأسهم وفوائد القروض وهي تحتاج لأسعار أعلى للخام لتتمكن من تغطية التزاماتها.

وتستغرق مشروعات التنقيب أعواماً لتنفيذها ولا تستطيع الشركات وقف المشروع لتصادف هبوط الأسعار أثناء تنفيذه، فهي ملتزمة بدفع أعباء الديون، سواء اكتمل المشروع أم لم يكتمل.

ولن يتوافق كبار المصدرين عن حفر آبار جديدة لحاجة حكوماتهم الماسة للعائدات الضريبية النفطية لتمويل برامجها وهم يتمتعون بميزة انخفاض تكاليف الإنتاج.

عقود المشتقات

وفي معظم الأحيان تشتري شركات النفط «عقود المشتقات» (أدوات مالية تتعلق بأصول أخرى، كالنفط، وتعطي الحق لأطرافها في هذه الأصول في تاريخ معين، وتعتمد على السعر المتعاقد عليه عند نشأة العقد) وهي بذلك تحمي ذاتها ضد انخفاض الأسعار، ولا تشعر الشركة بالقلق طوال فترة سريان العقد.

ويعتبر الموظفون أهم الأصول لدى أي شركة، وإذا فقدتهم، فلن يكون من السهل استبدالهم، لذلك، تجاهد شركات النفط للاحتفاظ بموظفيها قدر الإمكان، وهي تحتاج لعائدات لتمويل الرواتب.

ومعظم مصدري النفط لديهم صناديق ثروة سيادية، يمكنهم اللجوء إليها للإنفاق على الخدمات الحكومية لعدة أعوام، دون إشعار المواطن بمشكلة، حتى في ظل تهاوي أسعار الخام.

وأضاف التقرير أن المواد الخام ومن بينها النفط، تتسم بدرجة تذبذبها العالية، نتيجة كثافة استخدامها ومخزوناتها غير المتجددة، لذلك يجب أن تحرص الأطراف المعنية على الحفاظ على التوازن بين العرض والطلب باستمرار، وهو التوازن المفقود حالياً بسبب تخمة المعروض.

إفلاس الشركات

وتتعدد مخاطر تراجع الأسعار حيث إن طول فترة انكماش الأسعار، يهدد بنقص المعروض النفطي وعدم تلبية احتياجات الطاقة العالمية فسيكون هناك عزوف من البنوك عن إقراض شركات النفط في معظم الدول ما سيؤدي لإفلاس بعض الشركات وتوقفها عن الإنتاج، حتى الشركات غير المتعثرة ستعاني هذا الوضع لاضطراب مصادر التمويل اللازمة لتغطية بنود رئيسة، الأجور وتكاليف الشحن الدولي.

وهذه المشكلة لا تقتصر على النفط فأسعار الفحم والغاز الطبيعي تعاني الانخفاض، ما يهدد بتراجع إنتاجهما أيضاً، ونقص إمدادات الوقود الأحفوري يهدد بعواقب اقتصادية وخيمة.

طاقة

قال التقرير إنه لا صحة للدعاية الإعلامية الرائجة هذه الأيام، من أن الاقتصادات تستطيع التقدم دون الحاجة لمصادر الطاقة التقليدية، والتي تعطي انطباعاً بأن المصادر المتجددة، أصبحت جاهزة ومتوفرة لسد الاحتياجات العالمية، ففي هذه المرحلة، لا يمكن بأي حال من الأحوال، الاستغناء عن الوقود الأحفوري، ويوضح الشكل الحالي، حصة مصادر الطاقة المختلفة من الاستهلاك العالمي.

Email